كيف نحمي الأطفال العاملين أثناء الوباء؟

نشر في 02-12-2020
آخر تحديث 02-12-2020 | 00:05
تتطلب حماية الأطفال من العمل الضار والعبودية الحديثة في الصناعات الاستماع إلى الأطفال أنفسهم لأنهم أكثر تعرضاً لظروف خطيرة، ويمكن أن يكون الاطلاع على تجاربهم في جميع مراحل عملية الإنتاج محوريا في تحسين رفاهيتهم.
 بروجيكت سنديكيت يبدو واضحاً بالفعل أن تأثير جائحة كوفيد19 سيكون متفاوتا بحيث تتحمل البلدان الفقيرة وطأة تداعياته، وتشمل هذه الأخيرة ما يبلغ عدده 1.2 مليون طفل في بنغلاديش يمارسون أقسى أشكال عمالة الأطفال، وفي مثل هذه الأوقات المضطربة، يكون هؤلاء الأطفال- وملايين آخرون في أماكن أخرى- أكثر عرضة للعمل الاستغلالي والخطير.

والسبب بسيط، أنه عندما ألغت منافذ البيع بالتجزئة العالمية الرئيسة الطلبات بسبب التخفيضات المتعلقة بالإغلاق، توقف إنتاج الأزياء ذات التكلفة المنخفضة في معظم أنحاء العالم، مما ترك العديد من عمال الملابس في الجنوب العالمي بدون دخل، ومنذ مارس، تراجعت صادرات بنغلاديش من السلع الجلدية بنسبة 22٪، كما تأثرت صناعة الأحذية في البلاد، وهي ثامن أكبر صناعة في العالم، حيث انخفضت الصادرات بنسبة 50٪ منذ بداية الوباء.

ونظرا لما يواجهه منتجو السلع الجلدية من إلغاءٍ للطلبات، وفرضٍ للقيود بهدف إبطاء انتشار عدوى كوفيد19، أصبح القطاع غير الرسمي غير المنظم أكثر قدرة على المنافسة، حيث يستهدف أصحاب المصانع الأطفال على أنها عمالة رخيصة، ففي قطاع الجلود غير الرسمي، غالبا ما يعمل الأطفال ساعات طويلة مقابل أجر ضئيل أو بدون أجر، وكثيرا ما يمارسون مهناً ضارة جسديا ونفسيا وخطيرة أثناء عملية الإنتاج، ولكن على الرغم من المخاطر، يعتمد معظم الأطفال على مثل هذه المهن لإعالة أنفسهم وأسرهم.

والآن، تستأنف المدابغ الإنتاج ببطء، ويتم توجيه المواد الخام إلى المصانع التي تلبي الطلبات الدولية الجديدة، مما يؤدي إلى ندرة نسبية في المواد اللازمة للإنتاج المحلي، ويخلق هذا فرصة أخرى لمنتجي الجلود في القطاع غير الرسمي غير المنظم، وتعتمد قدرتهم على التدخل لتلبية الطلب المحلي على زيادة استغلال الأطفال.

ولدى بنغلادش قوانين وسياسات للتصدي لعمالة الأطفال الخطيرة والاستغلالية، ولكن توجد فجوات في السياسة، فعلى سبيل المثال، لا يشمل قانون العمل البنغلادشي، القطاع غير الرسمي.

وهنا تكمن الفرصة أمام العلامات التجارية والشركات الدولية لتقديم المساعدة، فيجب ألا تدرك منافذ البيع بالتجزئة العالمية التأثير المالي الفوري لإلغاء الطلبات فحسب، ولكن أيضا العواقب غير المقصودة على كلا القطاعين الرسمي وغير الرسمي.

وهذا يعني التعامل مع المشكلة بصورة كلية، حيث تكون العلامات التجارية الرائجة وعملاؤها على اطلاع جيد بمكان إنتاج البضائع، وطريقة إنتاجها، ومن يقوم بذلك، وتحتاج العلامات التجارية إلى تحمل المسؤولية لضمان السلوك الأخلاقي عبر سلسلة التوريد الخاصة بها، فالمراقبة التي تتمتع بأكبر قدر من الصرامة ضرورية لضمان استيفاء جميع الموردين، الدوليين والمحليين للمعايير نفسها من حيث قوانين العمل وظروف العمل، وهناك حاجة إلى نظام شفاف لتتبع مصادر المواد الخام، وضمان عدم استخدام الأطفال في السخرة، أو العمل في ظروف خطيرة.

ومع أن الكثير من المبادرات أطلقت لحماية الأطفال العاملين في العقود الأخيرة، إلا أنها غالبا ما تكون غير كافية، ويعد تتبع سلسلة التوريد الطويلة أمرا صعبا، لذلك تستمر ثقافة العنف في أصلها، والتي تدعمها التفاوتات الهيكلية التي يدمجها الطلب العالمي المستمر على المنتجات الرخيصة في عملية الإنتاج.

إن الاضطرار إلى الامتثال لنظام المراقبة من شأنه أن يمنع الموردين من التعاقد من الباطن على أعمالهم مع شركات غير رسمية، تكون غير منظمة في كثير من الأحيان، وتشغل العمال، بمن في ذلك العديد من الأطفال، في ظروف مؤذية وخطيرة، ويمكن للعلامات التجارية المسؤولة أيضا تنفيذ نهج "الانحراف الإيجابي"، والمشاركة علنا في استراتيجياتها وممارساتها التجارية الأخلاقية، والتي قد تشجع العلامات التجارية الأخرى على التحقيق في ممارساتها الخاصة.

وفضلا عن ذلك يجب أن تركز الوكالات الحكومية ذات الصلة ومجموعات المجتمع المدني، ومنظمات القطاع الخاص على إنفاذ السياسات القائمة، وحماية حقوق الأطفال، ويجب أن تخضع العلامات التجارية الدولية والمحلية للمساءلة فيما يتعلق بواجبها في رعاية الأطفال، ويجب على جميع الشركات الالتزام بمتطلبات الحد الأدنى للسن، والحفاظ على ساعات العمل القياسية، وضمان ظروف مكان العمل الآمنة، ولضمان الامتثال يجب أن يكون لدى الشركات التي توظف الأطفال نظام تشاور مع أصحاب المصلحة المتعددين، بمن في ذلك ممثلون من الحكومة، والمجتمع المدني، ومنظمات حقوق الإنسان والأوساط الأكاديمية، وكذلك الاختصاصيون الاجتماعيون.

أخيرا، تتطلب حماية الأطفال من العمل الضار والعبودية الحديثة في الصناعات مثل السلع الجلدية الاستماع إلى الأطفال أنفسهم. إذ نادرا ما يشارك الأطفال في صنع القرار في مكان العمل، خصوصا أثناء الصدمات مثل جائحة كوفيد19، حيث يكونون أكثر تعرضا لظروف خطيرة، ويمكن أن يكون الاطلاع على تجاربهم في جميع مراحل عملية الإنتاج محوريا في تحسين رفاهيتهم.

لقد كشف الوباء عن تعقيدات سلاسل التوريد العالمية وهشاشة الأشخاص العاملين فيها، فحتى في الأوقات العادية، يكون الأطفال عرضة للاستغلال من قبل الشركات غير الرسمية غير المنظمة، والتي ستبدأ الأنشطة التجارية حيث لا تستطيع الشركات الأخرى ذلك، لكن هذا الخطر الآن أكبر من أي وقت مضى.

إن فهم سلاسل التوريد العالمية وتأثير التغييرات المفاجئة على الأشخاص الضعفاء الذين يشكلون روابطهم أمر بالغ الأهمية، ويجب على المدافعين عن الأطفال وصانعي السياسات وضع أنظمة مساءلة قوية وتنفيذها لدعم حقوق ملايين الأطفال- في بنغلادش وعلى مستوى العالم– الذين أجبرتهم الظروف على العمل.

* جينيا أفروز*

المنسقة القطرية لبنغلادش في «اتحاد عمالة الأطفال: العمل والبحث والابتكار في جنوب وجنوب شرق آسيا» (كلاريسا).

«بروجيكت سنديكيت، 2020» بالاتفاق مع «الجريدة»

لدى بنغلادش قوانين وسياسات للتصدي لعمالة الأطفال الخطيرة والاستغلالية لكن هناك فجوات في القوانين والسياسات
back to top