وجهة نظر: التغيير واجب

نشر في 27-11-2020
آخر تحديث 27-11-2020 | 00:02
 صالح غزال العنزي أعلم أن السخط الشعبي على أداء المجلس المنتهية مدته سيدفع الناس إلى التغيير الكبير، وأعلم أن التغيير حالة صحية في الحياة السياسية، وأن بقاء النائب في المجلس فترات طويلة يؤدي به الى الاسترخاء وضعف الأداء وانحسار (حلاوة) الإنجاز، لكننا تعودنا أن يكون العرف البرلماني إما في الاختيار وفق معيار نائب مواقف أو نائب خدمات.

ولأن هذ المجلس لم يشهد مواقف بارزة ساهمت في تقويم أداء الحكومة أو في تراجع الفساد أو في إنجاز تشريعات تخدم المواطن أو إنجازات تخدم العملية السياسية مثل تعديل قانون الانتخاب أو إلغاء القوانين الحادة من الحريات أو إصدار قانون العفو العام، لذا فإن ما تبقى للنواب المنتهية مدة نيابتهم من رصيد هو ما قدموه من خدمات لناخبيهم، ولذا فإني أرى أن الاستراتيجية الوحيدة التي يمكن أن يتعلق النواب بها لعلهم يحتفظون بالكراسي الخضراء تعتمد على استخدام هاتفهم لمطالبة من خدموهم بإعادة انتخابهم، وهكذا يصوت لهم كل المستفيدين من خدماتهم أو الموعودين بها، ويعتمد نجاحهم من عدمه على عدد من خدموهم، وما عدا ذلك فليس أمامهم فرص أخرى متاحة، إذ لا يمكن لنائب الخدمات الحديث عن مواقف أو تقديم وعود، لأنها ليست من اختصاصه ولم يعرف بها.

وقد يرى البعض أن المطالبة بالتغيير الكامل قد تتسبب بظلم بعض النواب الجيدين في المجلس الماضي، وقد يأتي بنواب ليسوا أفضل ممن تم تغييرهم، وهو رأي، على الرغم من وجاهته، لا يرتقي إلى القراءة الكلية المتكاملة، فتغيير النواب جميعاً (بمن فيهم الجيدون) أفضل من السماح بهذا الانهيار للقيم المؤسسية وقواعد الأمانة ونظافة اليد وسلامة وحدة المجتمع، إذ إن معادلة تعرض نائب للغبن أسهل ألف مرة من تعرض وطن للظلم، كما أن وصول نائب سيئ أفضل من الاحتفاظ بنائب سيئ سابق، لأن الحال لن تسوء عن السابق في أسوأ الاحتمالات، ولأن تكلفة الاحتفاظ بالسيئ القديم أكبر بكثير من وصول السيئ الجديد إلى المجلس بعد أن يكون القديم قد بنى مؤسسة السوء الأخطبوطية المتعددة العلاقات والمتشعبة الاتجاهات والمتشابكة المصالح.

لكن الناخب يواجه مشكلتين في هذه الانتخابات تجعلان المساحة الضبابية كبيرة ومنطقة التشويش العقلاني شديدة التأثير، مما قد يؤدي إلى اختيارات خاطئة في الدوائر الخمس، الأولى الانبهار بالبذخ الإعلاني والإعلامي الذي قد يخرج الاختيار من الحسن إلى السيئ، لكن مجرد التساؤل (من أين لك هذا؟) سيؤدي الى تراجع الانبهار ونمو الشكوك، فمن يصرف نصف مليون دينار للإعلانات والمقابلات مقارنة بما سيحصل عليه من مجموع رواتب لا يتجاوز مئة وعشرين ألفاً خلال أربع سنوات كاملة لا بد أن يبرر هذه المشكلة ويزيل الشكوك وإلا فإنه لا يستحق أن يمثل الأمة.

والثانية انتشار بعض أساليب الانتقاص المبطن من المنافسين التي يمارسها بعض المرشحين، من خلال المديح القصير المقتضب حمّال الأوجه، ثم الذم الشديد المركز، وقد نقل لي أحد الأصدقاء عن أحد المرشحين فاسدي الأخلاق، انتقاصه من أحد منافسيه الأقوياء بالقول إنه "طيب وخلوق لكنه ضعيف ولا يجيد اللعبة السياسية ولن يحصل على أكثر من مئتي صوت"، والحقيقة أن من ينشغل بالمنافسين على حساب الانشغال بنفسه ساقط ساقط.

وللحديث بقية.

back to top