خادم حسين رضوي مات لكن فكره مستمر في باكستان!

نشر في 24-11-2020
آخر تحديث 24-11-2020 | 00:05
 ذي دبلومات في 19 أكتوبر الماضي توفي خادم حسين رضوي، رئيس حركة "لبيك باكستان" التي كانت في طليعة التحركات اليمينية الباكستانية منذ سنوات وأوصلت عاصمة البلد إلى حالة من الجمود بسبب مسيراتها المناهضة للكُفْر، ولا تزال أسباب وفاته مجهولة، إذ تفيد التقارير بأنه أصيب بالحمى لأيام عدة، وفي مطلق الأحوال ستترافق وفاة رضوي مع تداعيات دائمة على المشهد السياسي في باكستان.

اعتبر معظم الناس حزب رضوي في باكستان قوة لا يُستهان بها في السنوات القليلة الماضية، وكان رضوي برأي أتباعه زعيماً له كاريزما عالية أعطى ثقلاً انتخابياً لجماعة دينية لم تكن معروفة بسياساتها الشعبية في باكستان، وعلى مستوى السياسة اليمينية، تنافس رضوي محلياً مع عدد من الجماعات والقادة وسرق منهم الأضواء. لم يسبق أن تحدّت أي جماعة يمينية أخرى في باكستان الدولة كما فعلت حركة رضوي في الوقت الذي يناسبها، بدءاً من ضمان استقالة الوزراء وصولاً إلى إغلاق المدن وإجبار الدولة على إعادة النظر بسياسات متنوعة، حققت مقاربة التحريض التي طبّقها رضوي مكاسب بارزة، فقبل أيام قليلة من وفاته، كان موجوداً في العاصمة وطالب بطرد السفير الفرنسي في باكستان بسبب نشر رسوم النبي محمد الكاريكاتيرية المثيرة للجدل، فاضطرت الحكومة لتوقيع اتفاق مع رضوي حيث تتعهد بفرض تعديلات تشريعية لتحقيق مطالبه ولإطلاق سراح عمّال تابعين لحركة "لبيك باكستان" بعد اعتقالهم خلال اشتباكات مع أجهزة الأمن.

ودائماً اتُّهِم حزبه بتلقي الدعم من مؤسسات حكومية متنوعة. كان رضوي ينكر دوماً التزام حزبه بتنفيذ أجندة أطراف أخرى، لكنه تكلم في مناسبات عدة عن فضح أسماء المسؤولين الذين طلبوا منه تنظيم مسيرة نحو إسلام أباد دعماً للاعتصام ضد حكومة رئيس الوزراء الأسبق نواز شريف في 2017، وخلال الانتخابات العامة في 2018، نجحت حركة "لبيك باكستان" في حصد أكثر من مليونَي صوت على المستوى الوطني وفازت أيضاً بمقعدين في مجلس مقاطعة السند. وفي البنجاب، طرح حزب رضوي مرشّحين أكثر من "حزب الشعب الباكستاني" وأثبت أنه من أكثر الأحزاب السياسية تنظيماً في المقاطعة. حتى أن عدد مرشّحيه في المجلس الوطني الباكستاني فاق مرشّحي "مجلس العمل المُتّحد".

لا شك أن وفاة رضوي ستطرح تحدياً هائلاً على القادة الثانويين في حركة "لبيك باكستان"، فقبل وصول رضوي إلى السلطة، نشأت خلافات جدّية حول مسألة القيادة أيضاً، لكن تمكّن رضوي من تهميش جميع المرشحين المحتملين الآخرين ورسّخ سلطته خلال السنوات القليلة الماضية، لذا من المتوقع أن يحتدم الخلاف على القيادة الآن بين جماعات عدة داخل الحزب، علماً أن أحداً لا يقترب من شخصية رضوي ومواصفاته، حيث سيكون اختيار خَلَف له شائكاً وقد يقسم الحركة إلى فصائل متعددة، أو قد يتم تعيين ابن رضوي زعيماً للحزب لكبح أي خلافات محتملة على القيادة. في مطلق الأحوال، ستبقى قاعدة داعمي حركة "لبيك باكستان" في أنحاء البلد وفية ولن تتلاشى مع وفاة رضوي، وفي هذا السياق، كتبت المفكّرة مديحة أفضل على "تويتر": "لن تكون وفاة أي زعيم، مهما كان مؤثراً أو صاحب كاريزما عالية، كافية للتخلص من منظمة متطرفة. أصبحت إيديولوجيا حركة "لبيك باكستان" متجذرة في البلد ويرتفع عدد مؤيديها".

في المستقبل المنظور، قد تتراجع النشاطات السياسية للحركة، لكن من المتوقع أن يعود هذا الحزب إلى الشارع قريباً وقد يرتفع مستوى الدعم الذي يتلقاه، لكن إذا تصدّع الحزب في المرحلة الانتقالية بعد وفاة رضوي، فقد نشهد على نهوض جماعة مختلفة أو زعيم جديد من الرماد!

* عمير جمال*

back to top