حملات الإساءة بأيدي الطيبين وأنصاف المفكرين

نشر في 23-11-2020
آخر تحديث 23-11-2020 | 00:08
يجب أن ينتبه الإسلاميون إلى أن ما نعيشه لا يشكل إلا حلقة بسيطة من سلسلة طويلة تستهدف التاريخ الإسلامي القوي والجميل، كما تستهدف التشريعات الربانية وأيضاً كل الرموز المخلصين رغم أخطائهم واجتهاداتهم التي يجب أن تكون محل حوار هادئ رزين لا يستغله خصوم الإسلام.
 أحمد يعقوب باقر يتعرض الإسلام لهجوم متعدد الجبهات، ففي فرنسا وبعض الدول الأوروبية تمنع النساء من ارتداء الزي الإسلامي في المؤسسات التعليمية والرسمية، ويحال بين المسلمين وبين الأحوال الشخصية الخاصة بهم، كما يمنعون من إبداء الرأي في مواضيع عامة مثل جرائم الصهيونية والهولوكوست والصراع الأرمني التركي وغيرها، ويجبر المسلمون هناك على اعتناق العلمانية بالقوانين الجائرة من أجل تفعيل ما جاء في كتابي "صراع الحضارات" و"نهاية التاريخ" لهنتغتون وفوكوياما.

وفي السابق أجبر المسلمون في الدول التي كانت تحت السيطرة السوفياتية على تغيير أسمائهم واعتناق الشيوعية حتى سقطت الشيوعية وتحولت إلى العلمانية، وفي الصين اليوم يجبر المسلمون بالملايين على أكل لحم الخنازير، ويحرمون من ممارسة شعائر دينهم في معسكرات الاعتقال، وفي بلاد المسلمين وفي هذه الأيام بالذات نشاهد حملة مشابهة للإساءة إلى أركان مهمة من الدين الإسلامي في فضائيات حكومية وخاصة مرخصة يساء فيها إلى الدين الإسلامي، يكتب ويحاضر فيها من يطلق عليهم لقب "مفكرون"، وهم أبعد الناس عن التفكير السليم، فيطعنون فيها بأهم كتب الحديث كالبخاري ومسلم، وبأعظم مشايخ وعلماء الإسلام مثل أحمد بن حنبل، وابن تيمية، وابن باز، حتى وصل الأمر إلى الطعن بالنبي، صلى الله عليه وسلم، فيما يتعلق بزواجه وأحاديثه وحروبه.

وليتهم قارنوا ذلك بأفعال ملوك أوروبا في الفترة نفسها من تاريخهم الذي يعج بالقتل والإبادة الجماعية والعبودية والعشيقات والأبناء غير الشرعيين، والزواج بالصغيرات، وحتى هلاكهم بالأمراض الجنسية مثل الزهري وكلها مسجلة وموثقة، كما صرفوا أبصارهم عن أوروبا التي لم ترض في ذلك الوقت إلا بالكاثوليكية ديناً، حيث كان جزاء المسيحي غير الكاثوليكي أو اليهودي أو المسلم هو الإعدام بعد اتهامه بالهرطقة. وها هم اليوم لا يرضون إلا بالعلمانية دينا ويجبرون الناس على اعتناقها جبراً.

ولا شك أن هناك من يقف وراء نقل هذه الحملات إلى بلاد المسلمين، ويتخذ من إباحة الحريات المطلقة الوسيلة للطعن في الدين ورموزه، وفي الوقت نفسه هناك من يقومون بتجميل جرائم الغرب والشرق وممارساتهم غير الإنسانية أو يلوذون بالصمت المطبق حيالها ويخالفون قوانين حقوق الإنسان التي وضعوها بأنفسهم.

ومن الخطأ أن يحذو بعض المحبين للدين وحسني النية حذو هؤلاء دون أن يتبينوا حقيقة هذه الحملة وخطورة أسلوبها في نقض قيم الإسلام بهذا الأسلوب الخبيث في الانتقاد.

لذلك يجب أن يسلك المخلصون من الإسلاميين وغيرهم طريق الحوار العلمي الهادف بينهم بدلاً من الردود والاتهامات والإساءات المتبادلة في وسائل الإعلام والتواصل التي تساهم من حيث لا يشعرون بهذه الحملة، وتفرقهم وتخدم خصومهم، خصوصا في أيام الانتخابات الحالية، فلكل ناخب اجتهاده الذي قد يخطئ فيه أو يصيب.

يجب أن ينتبه الإسلاميون إلى أن ما نعيشه لا يشكل إلا حلقة بسيطة من سلسلة طويلة تستهدف التاريخ الإسلامي القوي والجميل، كما تستهدف التشريعات الربانية وأيضاً كل الرموز المخلصين رغم أخطائهم واجتهاداتهم التي يجب أن تكون محل حوار هادئ رزين لا يستغله خصوم الإسلام.

back to top