نافذة المعرفة النفطية: التنمية صناعة الشعوب

نشر في 16-11-2020
آخر تحديث 16-11-2020 | 00:30
 أحمد راشد العربيد كان مطلق وربعه يتسلون بلعبة كرة القدم بعد الدوام، لم يكن مطلق بينهم اليوم، بل كان في العيادة الطبية التي أنشأها الإنكليز لعلاج الأهالي من القرويين في منطقة ملح وقرية المقوع، لقد أصيب مطلق بورم في مفصل الركبة وجرح غزير في إصبع الرجل اليسرى ومقص في المعدة. لمح مطلق المهندس الإنكليزي عند باب العيادة، وتبين له أن المهندس هو الطبيب الذي سيعالجه.

قال الطبيب لمطلق: لا تيأس، ستزول جميع الآلام في الغد، وهذه الأدوية مواد نفطية لها تأثيرها البالغ... قال مطلق: سبحان الله.

أخلد مطلق للنوم، وبعدما أفاق وجد عند رأسه صديقه ثنيان، ووجد بجانبه حبوب أسبرين ومرهما طبيا وبقايا الإبرة، لم يشعر بأي مرض، ونهض وصلى الفجر.

لن يجد أهل الكويت بدل النفط مقومات وقواعد أرسخ وأثبت من ثروتها النفطية المتنامية والممتدة لمئات السنوات. من هنا جاءت مبادرة «الكويت عاصمة النفط في العالم»، لتحتضن الصناعة النفطية العالمية بتقنياتها ومراكز أبحاثها وجامعاتها

وإبداعاتها التقنية وتحالفاتها مع الدول المنتجة والمستهلكة وشركاتها العالمية، حيث إنها لن تقف عند حد استخدام النفط كطاقة ووقود لوسائل النقل، بل تُحيل هذه الثروة إلى مواد أولية وسلعا استهلاكية تغذي الأسواق والمصانع الإنتاجية على حد سواء، وتساهم في إعمار الأرض ورفاهية الإنسان، فتكون بذلك قد خلقت مصدراً جديداً وأساسياً ومستداماً من مصادر الدخل، مما يعزز الاقتصاد الوطني، ويجعل الكويت الشريك المفضل والدولة المفضلة التي تسعى شركات الدول الصديقة وحكوماتها للارتباط بها وبصناعاتها النفطية، ويحقق كل ذلك توازنا بين مصالح الكويت، وهذه الدول في الجانبين الأمني والاقتصادي بما يعزز انصهار كل هذه المصالح في منظمة الأمن الاستراتيجي التي تدعو إليها المبادرة، ولتفعيل هذه العلاقات الاستراتيجية، فإن مبادرة «الكويت عاصمة النفط في العالم» تسعى إلى تأسيس بورصة نفطية تدرج فيها كل هذه الشركات الأجنبية وسوق للسلع والمنتجات النفطية في الكويت، مما سيجعل الكويت محصنة سياسيا وأمنيا ويؤهلها للعب دور استراتيجي أكبر في استقرار المنطقة والأمن والسلام العالمي.

وإذا ما أخذنا في الاعتبار انفتاح الكويت التاريخي على كل الحضارات البشرية وتعايشها السلمي مع كل الأديان والثقافات منذ نشأتها حتى الآن، فإننا بذلك نرسخ لبناء بيئةٍ تنمويةٍ مستدامة، ذات ريادةٍ وإبداعٍ في صناعتها النفطية وذات سياسة نفطية معتدلة متوجة بديمقراطية عصرية متميزة إقليميا.

تقوم المبادرة على بناء تنمية بشرية واسعة تعتمد في الدرجة الأولى على العنصر البشري الوطني، ليكون ركيزة التنمية في السنوات القادمة، وأن المبادرة بمشاريعها الصناعية المتنوعة وتوسعاتها للبنية النفطية داخل الكويت وخارجها وما تتطلبه المبادرة من توفير البنية التحتية المناسبة لكل هذه النهضة الصناعية، والتوسع المدني لتشق الكويت طريقها للاستحواذ على هذا اللقب بكفاءة واقتدار، وإن كل ذلك سيقود الى توسع رأس المال البشري، مما يوفر فرص عمل كبيرة لأبناء الكويت.

ستبدأ المبادرة بتوسيع البنى النفطية المحلية واستيعاب المستثمر الأجنبي الذي يملك القدرة على الاستثمار المطلوب والتقنيات المتطورة والمعرفة والإدارة الحديثة، واستيعاب المؤهلين وحديثي التخرج من أبناء الكويت لبناء قوة عمل حديثة ومؤهلة كنواة لمشاريع أخري قادمة.

كما سيشمل التوسع أيضا الصناعة النفطية التي تساهم فيها الكويت خارج أراضيها، سواء في الدول والمشاريع القائمة حاليا أو التوسع والاستحواذ على مشاريع جديدة. وستكون حصة الصناعات النفطية الحديثة، التي لا تتصل بكون النفط عنصراً للطاقة، النصيب الأهم لضمان الإسراع في إيجاد مصادر دخل أخرى لتعزيز استقرار ونمو الاقتصاد المحلي، سيكون لبرنامج المشروعات الصغيرة والمبادرات الفردية فرصة كبيرة يحقق الشباب الكويتيون فيها طموحاتهم.

كان الشيخ المرحوم عبدالله السالم واسع الأمل، عندما تسلّم الحكم قال: في عشر سنوات سأجعل من إمارة الكويت دولة حديثة، لم يصدقه أحد سوى العم برقان، ولكن تحقق له ما أراد.

back to top