وقف مشاريع «الديوان الأميري»... خطوة إصلاحية بحاجة لكفاءة حكومية

نشر في 12-11-2020
آخر تحديث 12-11-2020 | 00:03
الديوان الأميري
الديوان الأميري
لا شك في أن طلب الديوان الأميري من بلدية الكويت إيقاف إجراءات المشاريع التي يشرف عليها، يعتبر خطوة تصحيحية لوضع معكوس استمر سنوات ترسخت فيها قيم خاطئة تمثّلت في أن تجاوز القواعد الإدارية السليمة والتنفيذ من غير جهة الاختصاص بات أمرا مقبولا طالما أدى ذلك الى إتمام المشروع وتشغيله.

غير أن خطوة الديوان الأميري، رغم أهميتها في حدود اختصاصه، تحتاج إلى خطوة أكبر من مجلس الوزراء على صعيد إصلاح الإدارة العامة والمؤسسات لتفنيد أيّ عذر مستقبلي يتعلق بفكرة أن تعثّر وبطء تنفيذ المشاريع في القطاع الحكومي يعطيان ذريعة لخلق نظام آخر مواز لنظام المشاريع الرسمي في الدولة، مما يستوجب العمل على إصلاح اختلالات نظم المشاريع وتسريع التنفيذ، وتقليص الخطوات البيروقراطية، وبسط قواعد الشفافية والحوكمة على المناقصات والترسيات، مع الأخذ بعين الاعتبار العوائد الاقتصادية والمالية والخدمية للدولة والمجتمع عند إقرار أو تنفيذ أي مشروع حكومي.

وبالنظر الى بيانات رسمية وأرقام من الميزانية العامة للدولة، فإن الديوان الأميري أنفق على مشاريعه خلال 5 سنوات ماضية 1.4 مليار دينار، بمتوسط 280 مليونا في العام الواحد، أي ما يوازي 50 في المئة من ميزانية المشاريع في وزارة الأشغال، الجهة المنوط بها تنفيذ أكبر وأضخم المشاريع العامة في البلاد!

وفي الحقيقة، فإن معظم المشاريع التي أشرف عليها الديوان الأميري في السنوات الماضية محدودة القيمة الاستراتيجية والاقتصادية، رغم ارتفاع كلفتها المالية، فلم يتولّ مثلا تنفيذ مشاريع يصعب التعامل مع بيروقراطيتها أو تمويلها، كالموانئ والمطارات أو حتى الطاقة البديلة، إنما تركزت مشاريعه على منشآت رياضية أو ترفيهية أو ثقافية، أو حتى توسعة لمستشفيات قائمة، بل إن الديوان أشرف حتى على تنفيذ مدينة الكويت لرياضة المحركات.

وهذه كلها كان يمكن إحالتها الى الجهات المختصة، مع المواءمة بين جودة التنفيذ وتطبيق معايير الرقابة والشفافية عليها.

قبل فترة، أدى تأخر تنفيذ المدينة الترفيهية، ثم إحالة تنفيذها الى الديوان الأميري، الى ارتفاع ضخم في كلفتها الأصلية بأكثر من 1800 في المئة، لتبلغ 628 مليون دينار، وهذا مدعاة الى مراجعة الإنفاق على هذه النوعية من المشاريع، حيث تعاد إلى الجهة المعنية، وهي شركة المشروعات السياحية المملوكة للدولة، لتطرحها عبر نظام الشراكة مع مستثمر ومشغل عالمي وباكتتاب المواطنين، وأيضا بملكية استراتيجية للدولة، وهنا تتحقق فائدة أعظم لكل الأطراف المساهمة في المشروع.

وقف مشاريع الديوان بقدر ما هي خطوة إصلاحية مهمة تعيد لهذه المؤسسة دورها البروتوكولي المعهود، فلن يكتب لها النجاح ما لم يتلقفها مجلس الوزراء من باب معالجة اختلالات المشاريع التي ينفذها، لتصبح مؤسسات الدولة المختصة هي المنفذة لمشاريعها.

back to top