روسيا والصين تراقبان بحذر الاضطرابات السياسية المستمرة في قيرغيزستان

نشر في 10-11-2020
آخر تحديث 10-11-2020 | 00:00
 ذي دبلومات بعد أول ثورتَين شهدتهما قيرغيزستان، كان أبرز شركاء البلد، مثل روسيا، يسارعون دوماً إلى الاعتراف بالقيادة الجديدة والتأكيد على استمرار العلاقات الثنائية، لكن في الجولة الثالثة من الاضطرابات السياسية في الفترة الأخيرة، تباطأ ذلك الاعتراف هذه المرة ويسود ازدراء واضح بالعملية التي أوصلت رئيس الوزراء والقائم بأعمال رئيس الدولة صدير غاباروف إلى السلطة.

لم تتجاهل روسيا القيادة الجديدة في قيرغيزستان بالكامل، لكنّ انزعاجها من استمرار الفوضى السياسية هناك كان واضحاً.، فقد اندلعت ثورة أكتوبر 2020 في قيرغيزستان غداة انتخابات برلمانية شائبة أجّجت الاحتجاجات وعمليات الهرب من السجون وأدت في نهاية المطاف إلى إلغاء نتائج انتخابات 4 أكتوبر واستقالة رئيس الوزراء كوباتبيك بورونوف، ورئيس مجلس النواب داستان غومابيكوف، والرئيس سورونباي جينبيكوف.

في ظل الاضطرابات السائدة، حاولت روسيا أن تُقيّم وجهة الرياح السياسية في قيرغيزستان، وفي 22 أكتوبر علّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على المستجدات أخيراً خلال مكالمة هاتفية مع مجموعة دولية من خبراء السياسة الخارجية فقال: "أظن أن التطورات الراهنة تُعتبر كارثية بالنسبة إلى قيرغيزستان وشعبها. عملياً، تتزامن أي انتخابات هناك مع انقلاب معيّن، فهذا الوضع ليس ممتعاً بأي شكل". قد تتغير طبيعة الروابط بين روسيا وقيرغيزستان، لكن تبقى هذه العلاقة أساسية للبلدَين في جميع الظروف. تُعتبر روسيا من أهم الشركاء التجاريين لقيرغيزستان، لكنّ موسكو تبقى مهمة اقتصادياً بالنسبة إلى الطرف الثاني بما يفوق أهمية قيرغيزستان لروسيا، إذ يؤثر انعدام التوازن هذا على ديناميات العلاقة الثنائية.

سيكون تجميد المساعدات كارثياً لقيرغيزستان، وعلى غرار معظم الدول، تضرّر اقتصاد البلد بسبب تفشي فيروس كورونا، وتفاقمت نقاط الضعف الاقتصادية السابقة، واتّضح الوضع المستجد حين وصل وزير خارجية قيرغيزستان الجديد رسلان كازاكباييف إلى موسكو في 23 أكتوبر لمقابلة سيرغي لافروف، لكن لم يكن هذا اللقاء كما تتمناه قيرغيزستان، وذكر لافروف أن الحكومة الجديدة لن تتلقى المساعدات التي تصل قيمتها إلى 100 مليون دولار وكانت روسيا قد تعهدت بها للحكومة السابقة في أي وقت قريب.

لكن ماذا عن الصين، اللاعبة الدولية المؤثرة الأخرى في آسيا الوسطى؟ على غرار روسيا، اتخذ المسؤولون الصينيون موقفاً بطيئاً ومدروساً تجاه حكومة قيرغيزستان الجديدة، لكن على عكس روسيا، لم تعتد الصين على التعامل مع الثورات السابقة في هذا البلد.

مع ذلك، ظهر رد صيني أكثر حيوية في 14 أكتوبر قبل أن تطغى عليه الأحداث اللاحقة، ورداً على سؤال حول قيرغيزستان خلال مؤتمر صحافي عادي، أشاد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان بجهود جينبيكوف للحفاظ على النظام فقال: "من حق جينبيكوف، بصفته رئيساً شرعياً، أن يؤدي دوراً ناشطاً لاسترجاع الاستقرار". في اليوم التالي، قرر جينبيكوف الاستقالة بدل التحريض على إراقة الدم للتمسك بالسلطة، ولم يعلّق تشاو حول وضع قيرغيزستان منذ المؤتمرات الصحافية المنتظمة التي تعقدها الوزارة، وفي أواخر أكتوبر زاد مستوى التواصل بين الطرفَين، وفي الـ30 منه اجتمع السفير الصيني في قيرغيزستان دو ديوين مع غاباروف، ووصفت القناة التلفزيونية الصينية الحكومية والناطقة باللغة الإنكليزية "سي جي تي إن" ذلك اللقاء بالاجتماع الودّي، حيث أكد غاباروف أن قيرغيزستان تعطي الأولوية لتطوير تعاون إيجابي مع الصين. ثم هنّأ دو ديوين غاباروف على منصبه الجديد كرئيس وزراء، وذكر بيان الاجتماع الصادر عن السفارة مشروع "طريق الحرير" للتأكيد على قوة العلاقة الثنائية.

لكن ربما يتعلق الجزء اللافت من ذلك اللقاء بالصور التي رافقته، حيث يضع دو ديوين في تلك الصور كمامة من نوع KN95 وقفازات بلاستيكية، وفي المقابل لا يضع غاباروف أي قفازات أو قناع!

لا يزال التردد سيّد الموقف في الأوساط الروسية والصينية لأن البلدَين ليسا متأكدَين من انتهاء الثورة الثالثة في قيرغيزستان، أما الولايات المتحدة فحذرت من استيلاء المجرمين على الحكومة في 13 أكتوبر ورحّبت باعتقال المجرم كامشيبيك كولباييف، وتابعت السفارة الأميركية في قيرغيزستان نشر التحديثات حول الاضطرابات المتواصلة، لكنها لم تذكر على موقعها الإلكتروني أي اجتماعات بين كبار المسؤولين في البلدَين، وباتت تهنئتها على إجراء الانتخابات في 5 أكتوبر تُعتبر مبكرة اليوم.

*كاثرين بوتز

back to top