مجلس الصحة الخليجي ينتفض لحماية الأطفال من التحرش... «ما ينسكت عنه»

90% من الحالات ترتكب في الدائرة القريبة من الطفل... والصمت يهدم شخصية الضحية

نشر في 01-11-2020
آخر تحديث 01-11-2020 | 00:03
أطلق مجلس الصحة الخليجي حملة ضد التحرش بالأطفال تحت شعار «ما ينسكت عنه»، بهدف التوعية بمخاطره، مؤكداً أن «صمت العائلة عن المتحرش يهدم شخصية الطفل، ويسمح بتمادي المتحرش».

وقال المجلس إن 90% من حالات التحرش بالأطفال تحدث من الدائرة القريبة للطفل، مشيراً إلى أن الطفل لا يكذب؛ فإذا تحدث عن أن أحداً تحرش به فهو صادق ويجب السماع له وحمايته وإعادة حقه.
رغم أن "التحرش بالأطفال" هو أحد الملفات المسكوت عنها خوفاً من الفضيحة، فإن مجلس الصحة الخليجي قرر فتح الملف تحت شعار "ما ينسكت عنه"، حيث اطلق حملة ضد التحرش بالأطفال، بهدف التوعية بمخاطره.

وأوضح المجلس، في حملته، أن "صمت العائلة عن المتحرش يهدم شخصية الطفل، ويسمح بتمادي المتحرش"، مؤكداً أن عدم خلق بيئة آمنة بين أفراد العائلة للحديث بكل أمان، يجعل الطفل أكثر عرضة للتحرش والخوف من الحديث عنه، لافتاً إلى أن "سكوت الأطفال عن التحرش، لا يعني رضاهم عنه، فهم دائما ضحايا لمثل هذه الجرائم".

وقال "الصحة الخليجي" إن منظمة الصحة العالمية عرفت مفهوم التحرش بالأطفال على أنه إشراك الطفل في نشاط جنسي لا يفهمه، لذا فهو يعتبر نوعاً من أنواع الاعتداء على الطفل، مشيرا إلى أنه يبدأ بمشاركة الصور والمقاطع، إلى التحرّش اللفظي ثم الضغط والإجبار، وقد تستمر الأفعال حتى تصل إلى التخويف الاجتماعي، وأخيرا استعمال القوة الجسدية والاغتصاب.

وأكد أن "التحرّش له عدة أشكال ولا يتطلب اتصالا جسديا كاملا بين المتحرّش والطفل"، مبينا أن السكوت صديق المتحرش بالطفل، حيث إن أكثر ما يخافه المتحرّش هو انفضاح أمره، لذلك كان تشجيع الطفل على الحديث لمن يثق به، وخلق بيئة آمنة له هو خط الدفاع الأول.

وأشار المجلس إلى أن التحرش بالأطفال هو كل تلميح أو لفظ أو فعل صادر عن رغبة جنسية لطفل تحت عمر الـ18 سنة، وقد يكون التحرش بالأطفال جسديا ولفظيا وبصريا.

وذكر أن التحرش الجسدي يعني الاعتداء باللمس والاغتصاب بكافة مراحله، واللفظي بالعبارات والمصطلحات الجنسية الصريحة وغير الصريحة، أما التحرش البصري فيكون بمشاركة الطفل صورا أو فيديوهات إباحية بشكل مباشر أو عن طريق الإنترنت، لافتا إلى أن من أشكال التحرش أيضا الإيماءات أو الكلمات الجنسية الفاضحة والملاطفة أو اللمسات غير اللائقة والتحرّش الإلكتروني والاتصال المباشر مع طفل والاغتصاب والممارسة.

وأكد المجلس أن 90% من حالات التحرش بالأطفال تحدث من الدائرة القريبة للطفل، مشيرا إلى أن الطفل لا يكذب فإذا تحدث الطفل عن أن أحدا تحرش فهو صادق ويجب السماع له وتوفير الحماية وأخذ حقه.

آثار التحرّش

وحول آثار التحرش بالأطفال أوضح أن للتحرّش آثاراً نفسية وسلوكية وجسدية تظهر على الطفل، ومن الآثار السلوكية: الغضب المتكرر وغير المبرر، والتصرفات العدوانية تجاه أفراد العائلة، والتعاطي والإدمان على المخدرات والسلوكيات الجنسية غير المناسبة لعمره، والأذية النفسية أو محاولة الانتحار.

أما آثار التحرش الجسدية، فأوضح أنها تندرج بين الإصابات الجسدية والالتهابات والأمراض الجنسية والحمل غير المرغوب فيه، بينما تنقسم الآثار النفسية إلى التدني في تقدير الذات وتأنيب الضمير، والصعوبة في التعبير عن الاحتياجات، والثقة المنعدمة في العلاقات، والاكتئاب والقلق النفسي، والاضطرابات الناتجة عن الصدمة.

وأشار إلى أن هناك آثارا اجتماعية يخلقها التحرش بالأطفال، ومن بينها الانعزال عن الآخرين وصعوبة بناء علاقات صحية ومستقرة، وفقدان الثقة في الآخرين والقلق أو الرهاب الاجتماعي، إضافة إلى سلوكيات معادية للمجتمع.

ولكن ما هي العلامات التي تظهر على طفلك عند تعرضه للتحرّش؟ يجيب مجلس الصحة الخليجي أن أبرز العلامات الظاهرة على الطفل، والتي تدل على حصول التحرّش، هي الاضطرابات في النوم كالخوف والكوابيس، والتعثر الدراسي وكثرة الغياب أو انخفاض الدرجات، والتعبير عن أفكار انتحارية أو إيذاء النفس خاصة عند المراهقين، والتبول اللاإرادي بالنوم أو التبرز بالملابس على غير العادة، على جانب المعرفة الجنسية غير المتوقعة، مقارنة بعمره أو بمستوى نموه.

الوقاية

وشدد المجلس على أهمية الوقاية من التحرش، مقدما عددا من النصائح التي تساهم في زيادة وعي طفلك وحمايته من أي تحرش محتمل، ومن بينها: الاستماع إلى طفلك وصدق ما يقوله، فنادراً ما يختلق الأطفال قصصاً عن التحرّش، دع طفلك يعرف بأن جسده ملك له، وتحدث معه عن الفرق بين اللمسات الآمنة وغير الآمنة، كن حذرا إذا أراد شخص بالغ قضاء الوقت بمفرده مع طفلك، وكن حذرا من الأشخاص الذين يبالغون في الحنان أو الكرم أو تقديم الهدايا لطفلك.

ودعا المجلس إلى ضرورة مراقبة سلوكيات طفلك، فقد تعتبر ردود أفعاله تجاه أفراد معينين مؤشرا واضحا لتعرضه للمضايقة أو التحرّش، وشجع طفلك على إخبار شخص ما يثق به إذا حاول أي شخص لمس أعضائه الخاصة، وعلم طفلك كيفية الخروج من الموقف المخيف أو غير المريح.

تعاطي المخدرات

وعن ضرورة علاج الطفل بعد حصول التحرش، قال إن الحرص على بدء ومتابعة علاج طفلك خطوة أساسية في تغلبه على آثار التحرّش، لأنه يساعد الطفل على تجاوز الأفكار والمشاعر المؤلمة الناتجة عن التحرش وحل المشاكل الأخرى لحمايته من الإصابة بالاضطرابات النفسية أو تعاطي المخدرات واكتساب بعض المهارات الاجتماعية، مثل بناء الثقة ووضع حدود صحية في العلاقات.

وأوضح أن تجربة العلاج يمتد أثرها إلى الوالدين، فهي تعلم طرقاً فعالة للتعامل مع المشاعر المؤلمة، وتعلم مفاهيم التربية الصحية واكتشاف جذور التحرّش وآثاره.

طرق العلاج

وأوضح المجلس أن الطرق والأدوات العلاجية بعد حصول التحرّش تختلف بناءً على تقييم حالة الطفل، فالعلاج الجسدي الذي يركّز على الآثار المباشرة كالكدمات أو الجروح، أما العلاج النفسي فله أنواع بحسب حاجة الحالة مثل علاج الطفل النفسي لما بعد الصدمة، ومعالجة الآثار النفسية مثل مشاعر الحزن أو الخوف أو حالة الصدمة المتعلقة بذكريات التحرّش.

وأوضح أن العلاج النفسي للطفل يكون بحضور الوالدين لتحسين العلاقة بين الطفل والوالدين وبناء روابط أقوى.

وحول طرق التعامل مع الطفل في حال تعرضه للتحرش، أكد المجلس أن هناك خطوات تساعد على معالجة الموقف وتخفف من أثر التحرّش على طفلك منها الالتزام بالهدوء وطمأنة الطفل وتشجيعه على التحدث والحرص على بقاء طفلك آمناً لمنع تكرار التحرّش، فاحتمالية حدوثه تزيد بعد المرة الأولى.

وشدد المجلس على ضرورة استشارة ذوي الخبرة لطلب المساعدة، وإبلاغ الجهات الأمنية، مع تقديم شكوى للجهات الجنائية خلال 72 ساعة من وقوع الاعتداء وعدم غسيل ملابس الطفل حتى لا يُتلف دليل إدانة المتحرِّش، إلى جانب تذكير الطفل بأن لا ذنب له وتعاطف معه.

توعية الأسرة

من جانبها، أكدت رئيسة المنظمة الدولية لتمكين المرأة وبناء القدرات ابتسام القعود أن التحرش بالأطفال في الكويت لا يعتبر ظاهرة، فهي حالات بسيطة وفردية.

وشددت القعود، في تصريح لـ"الجريدة"، على أهمية توعية الأسرة بضرورة مراقبة الأبناء والأطفال بشكل دائم وعدم تركهم بمفردهم، سواء مع الخدم أو الأصدقاء، من دون "مراقبة حميدة".

ولفتت إلى أهمية الصلاة والتربية الدينية الوسطية غير المتشددة للأطفال، لافتة إلى ضرورة أن يكون الأب والأم مستمعين جيدين للطفل في حديثه مع احتوائه بشكل دائم، وسماع وجهات نظره في أي قضية والقرب منه بشكل متواصل.

وأضافت أن هناك عددا من الإرشادات يجب الأخذ بها لحماية الطفل من التحرش أو التعرض للأذى، إضافة إلى تعليم الطفل كيفية حماية نفسه وجسده، مشددة على أن الطفل ذكي ويفهم كل شي حوله.

وأشارت إلى أن الطفل إذا حصل معه هذا الشيء فعليه اللجوء إلى الأب والأم، وعليهما احتواء طفلهما في حال تعرضه للتحرش وعرضه على اخصائي اجتماعي ونفسي للعلاج والتأهيل.

وأكدت القعود أنه يجب ألا يترك الأطفال أمام المدارس لوقت طويل، ويجب على الأب أو الأم اصطحاب أبنائهم من المدرسة وعدم تركهم واقفين منتظرين لفترات طويلة قد تعرضهم للأذى.

وأكدت ضرورة عمل كل ما من شأنه حفظ وحماية الطفل من التعرض للتحرش وتعليمه خطوات الدفاع عن نفسه وما ينبغى عليه أن يفعله إذا تعرض لمثل هذه المواقف بلا خوف أو تردد فى الإفصاح لأبويه عن تلك المحاولات.

عقدة نفسية

بدورها، أكدت الاستشارية النفسية والاجتماعية في مركز الرازي د. سميرة المذكوري أن آثار الاعتداء النفسية والجسدية ليست وقتية للأسف، ولكنها تمتد بشكل طويل وتصل إلى أن تستمر العقدة النفسية حتى في مراحل الشباب، مردفة: وللاسف الشديد يظل يعاني منها، وتؤثر على جوانب كثيرة في حياة الطفل، فيفقد ثقته بنفسة وذاته، وكذلك ثقته بمن حوله أيضا.

وقالت المذكوري، لـ"الجريدة"، إن من المخاطر الكبيرة المؤثرة وبشكل عميق هي عند رغبة هذا الطفل عندما يصبح شاباً أن يرتبط بالزواج، فإنه لن يستطيع في الغالب الحفاظ على علاقة حميمية طبيعية بعد الزواج، والسبب يرجع إلى أن تأثير التجربة الجنسية للتحرش الأولى في حياة الإنسان هي الأقوى تأثيرا في تجاربه فيما بعد، فإذا ارتبطت التجربة الأولى بالشعور بالتوتر والخوف والعار، لأنه غالبا ما سيحدث ما يشبه "الفلاش باك" السينمائي كلما أقام علاقة حميمة مع شريك حياته، سيسترجع الذكرى المؤلمة لما تعرض له وهو طفل، مما يؤدي في أغلب الأحوال إلى البرود الجنسي أو عدم استطاعته ممارسة حياته الزوجية بالشكل المطلوب، فيؤدي ذلك إلى تدمير العلاقة الزوجية كرد فعل قهري ناتج عن التجربة المؤلمة التي عانى منها وهو صغير.

صدمة التحرش

وأضافت المذكوري أن مرحلة اضطراب ما بعد صدمة التحرش الجنسي تصاحبها أعراض نفسية وجسدية تتمثل في التوتر واضطرابات النوم واضطرابات الشهية والحزن والعزلة الاجتماعية والاكتئاب.

وأشارت إلى أنه لحماية الطفل من التحرش يجب على الأهل والوالدين تعليم الطفل الرفض لاختراق حدوده الشخصية، وخصوصا المناطق الحساسة وعدم السماح لأي فرد بالتعرض لتلك الحدود، إضافة إلى تعليم الطفل أن يقول كلمة لا ويرفض أي طلب غريب من أي شخص حتى لو كان صديقا أو إنسانا يأتمنه الأهل على الطفل مثل المربية على سبيل المثال لا الحصر.

ودعت إلى ضرورة متابعة الطفل بشكل دائم من الناحيتين الجسدية والنفسية، بمعنى التدقيق على جسده يوميا والتأكد من الملابس الداخلية إن كانت بها آثار.

وشددت على أهمية الجانب النفسي في حالة تغير الحالة النفسية للطفل كالعزلة الانطوائية والخوف والبكاء والكوابيس وعدم الأكل والتوتر والقلق بشكل دائم، مؤكدة أن هذه مؤشرات على أن وضع الطفل غير طبيعي ويعاني من مشكلة حقيقية لابد من التوقف عندها، داعية إلى وضع كاميرات رقابة على أماكن تواجد الطفل بالمنزل لحمايته إن أمكن.

آلام وخبرة سيئة

من جانبه، أكد أستاذ علم النفس في جامعة الكويت د. خضر البارون، أن التحرش بالطفل يسبب آلاما نفسية كبيرة تمتد معه فترات طويلة، خصوصا إذا كان الطفل يعي معنى التحرش، وقد تمتد معه الآثار النفسية للتحرش حتى آخر العمر.

وقال البارون، لـ"الجريدة"، إن الطفل يكون لديه خبرة سيئة أنه اغتصب وخدع وكذب عليه من جانب المتحرش، مضيفا أن الطفل يكون ضعيفا وليس لديه قدرة على المقاومة أو الهروب من يد المتحرش ويكون مستسلما فقط.

ولفت إلى أن هذه التجربة السيئة تظل عالقة في ذهن الطفل لفترة طويلة جدا، موضحا أن الدراسات التي أجريت على قضية التحرش تشير إلى أن الاعتداء الجنسي أو الاغتصاب لا تنسى، وتؤثر على الطفل في شكل القلق والتوتر.

وذكر أن الطفل إذا تعرض للاغتصاب مرات متكررة فقد يؤدي إلى لجوئه إلى ذلك طمعا في الحصول على المال.

إبلاغ الشرطة

وشدد البارون على أهمية أن يشتكي الطفل للأب أو الأم من تعرضه للتحرش أو المضايقة من جانب أحد الأشخاص، ويجب أن يلجأ الأهل إلى الشرطة والقضاء للحصول على حقهم من المعتدي.

وأضاف أن الطفل المعتدى عليه يعيش لحظات نفسية صعبة جدا، خصوصا في تذكر ما حصل له عندما تقوم الشرطة والطب الشرعي بطرح الأسئلة عليه لمعرفة تفاصيل الواقعة، حيث إن تكرار الأسئلة عليه يؤذيه نفسيا ويعيد في ذهنه الخبرة السلبية ذاتها التي تعرض لها من قبل.

ونصح البارون الآباء والأمهات بضرورة الحديث إلى أطفالهم بعدم الجلوس مع أشخاص يكبرونهم في العمر بشكل منعزل، خصوصا في أوقات الظهيرة، والتي يكون فيها الأب والأم مشغولين.

كيف تحمي طفلك من التحرش الإلكتروني؟

ذكر مجلس الصحة الخليجي أن من طرق وقاية الطفل من التحرش الإلكتروني أن هناك بعض الخطوات الاحترازية، التي يمكنك اتخاذها لزيادة سلامتك وسلامة طفلك عبر المنصات المختلفة، وتشمل: وضع كلمات مرور على حسابات أطفالك لضمان الأمان في وسائل التواصل الاجتماعي، بالاضافة إلى تسجيل الخروج من حساباتك الشخصية في كل مرة تنتهي من استخدامها، وعدم حفظ كلمات المرور في متصفح الويب أو في الحسابات الأخرى.

وشدد المجلس على عدم مشاركة معلومات الطفل الشخصية: مثل الاسم الكامل أو العنوان أو تاريخ الميلاد أو رقم الهاتف، لأنه يمكن استخدام معلومات التعريف الشخصية ضد الطفل، إلى جانب عدم السماح لطفلك بفتح رسائل من مرسلين غير معروفين.

وطالب المجلس بضرورة التأكد من أن طفلك يبلغ العمر المناسب لاستخدام منصات التواصل الاجتماعي، مع العلم أن 13 سنة هو الحد الأدنى الموصى به حسب ما ورد في اتفاقية هذه الشبكات.

لا يعتبر ظاهرة في الكويت بل حالات فردية ويجب المراقبة الجيدة القعود

مرحلة ما بعد صدمة التحرش تصاحبها أعراض نفسية وجسدية سيئة المذكوري

الضحايا يصابون بآلام نفسية كبيرة تمتد فترات طويلة البارون

على الوالدين تعليم الطفل رفض اختراق حدوده الشخصية

الخوف والكوابيس والتعثر الدراسي والأفكار الانتحارية والتبول اللاإرادي أبرز علامات التعرض للتحرش

التحرش يكون بمشاركة الصور والمقاطع والألفاظ الخادشة واستعمال القوة الجسدية والاغتصاب
back to top