الإمبراطور «المُتحفي»!

نشر في 27-10-2020
آخر تحديث 27-10-2020 | 00:19
 د.نجم عبدالكريم هذا اللقب أطلقه سلڤادور على عمه الإمبراطور فرانسوا جوزيف الذي كان حكمه للنمسا قائماً على الرعب والخوف والإرهاب، شأنه في ذلك شأن معظم ملوك أوروبا الذين كانوا يخشون أن تصل إلى بلادهم عدوى الثورة الفرنسية ومغامرات نابليون التي أطاحت بالعديد من تيجان ملوك تلك الحقبة، لهذا نجد حُكام ذلك القرن يرتعدون أمام كتب الفلاسفة الجدد ممن يطالبون بالحرية والعدالة والمساواة... وكان الأرشدوق سلڤادور يرى في عمه أنه قد وضع النمسا ومستعمراتها في سجنٍ كبير واحتفظ بالمفتاح لنفسه فقط، مما جعله يقضي على أقرب الناس إليه كابنه الأمير رودولف الذي كان ولياً لعهده، لكنه لم يتورع عن القضاء عليه مع الفتاة التي يحبها والتي كان ينوي الزواج منها، لكن الإمبراطور المتحفي أشرف بنفسه على ترتيب سيناريو زعم فيه أن ولي العهد قد انتحر مع عشيقته.

***

• في هذه الأجواء المخيفة، والرعب المستشري فيها، كان الأرشدوق عاشقاً للأدب والموسيقى والفن بكل أشكاله وأمسيات قصره حافلة بالنقاش الذي يشارك فيه رجال الفلسفة والفكر والعلماء، ولأنه واسع الاطلاع في علوم البحار والاكتشافات الجغرافية بل والمصريات، فقد لجأ عمه إليه بعد أن عجز عن أن يجد ولياً لعهده، إذ رفض الجميع هذا المنصب لاعتقادهم أن منصب ولي العهد ستكون نهايته رصاصة في صدغ من يرفض تنفيذ أوامر الإمبراطور... ولما سأل الإمبراطور زوجته التي أشارت عليه باختيار جان سلڤادور لولاية العهد:

- ما الذي يدعوكِ لاختياره؟

- فرانسوا... سلڤادور أديب وشاعر بل فيلسوف، هذا إلى جانب مواهبه الأخرى، وبالذات العسكرية منها.

- وهل هذه المؤهلات كافية ليكون ولياً لعهد إمبراطورية النمسا؟

- يا عزيزي إن الإمبراطورية قد تفشى فيها الفساد والرشا، وهي تعاني من هيمنة الذين يعبثون بالقوانين.

- أوَتظنين أن سلڤادور هو الذي سينهي هذه الآفات؟

- من المؤكد أن آراء سلڤادور الإصلاحية ستكون إلى جانب بقاء الإمبراطورية... بل إنه سيحسن علاقاتك بخصومك.

بعد هذا الحوار أصدر الإمبراطور قراراً بتعيين سلڤادور ولياً للعهد وفق شروط وافق عليها الإمبراطور.

***

• لكن طبيعة الإمبراطور في حكمه الشمولي دفعت به أن يطلب من رجل مخابراته القوي الرهيب الجنرال أوبلشتن أن يراقب كل خطوات ولي عهده وابن أخيه.

***

• وكانت تقارير المخابرات تتوالى إلى الإمبراطور بكل حركاته وسكناته... وقد اتصل ولي العهد بخصوم النمسا سراً لكي يدعم العلاقات... فوصل إلى الإمبراطور تقرير، كالتالي:

"في حفلٍ بقصر الأمير سلڤادور اختلى ولي عهد سموك ببعض السياسيين من المجر وبوهيميا... ونقل لي رجالي من الخدم في القصر ما دار بينهم، وبعد أن خرج السياسي المجري جورجيو فيرو الممنوع من دخول النمسا، قال: ستُشرق شمس الحرية في عهدك يا سلڤادور".

***

• وكان الإمبراطور يعتمد على تقارير مخابراته التي اختفى على أثرها كبار أفراد أسرته وغيرهم، ومنهم جان سلڤادور ولي عهده... وما هي إلا سنوات قليلة حتى اختفت إمبراطورية النمسا برمتها.

back to top