«تهديد» واشنطن يعيد تحريك مفاوضات سد النهضة

القاهرة ترى وضعها أفضل في المحادثات... والسودان يدعو للتخلي عن الأسلوب السابق

نشر في 27-10-2020
آخر تحديث 27-10-2020 | 00:04
جانب من سد النهضة
جانب من سد النهضة
يبدو أن التهديد الضمني، الذي أطلقه الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد لقي آذاناً صاغية في أديس أبابا، الأمر الذي حرك المفاوضات العالقة حول سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، التي ستجتمع مجدداً في محاولة للتوصل إلى اتفاق حول تنظيم عمل السد، الذي يعتبر الأكبر في إفريقيا.
أثمر حديث الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن ضرورة التوصل إلى حل سلمي لأزمة سد النهضة الإثيوبي، الجمعة الماضي، سريعاً، إذ أعلن رئيس الاتحاد الإفريقي رئيس جمهورية جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، أمس، أن المفاوضات المتعثرة منذ أغسطس الماضي، ستستأنف اليوم، بمشاركة وزراء الخارجية والري في الدول الثلاث (مصر، السودان، إثيوبيا)، وسط شكوك بإمكان أن تحقق المفاوضات أي نتيجة وسط ميراث من الشك المتبادل.

ويأتي توقيت عودة المفاوضات بعد ثلاثة أيام فقط من حديث الرئيس الأميركي عن أزمة شرق إفريقيا، إذ حمل الأخير إثيوبيا مسؤولية تعثر المفاوضات، وتحدث صراحة عن ضرورة الوصول لاتفاق مقبول من جميع الأطراف، لأن البديل سيكون إقدام مصر على نسف السد بضربة عسكرية، ووقتها لن يتمكن أي طرف من لومها، وهو التهديد الذي أثار غضباً إثيوبياً، لكن كان له مفعول السحر في فك طلاسم المفاوضات العالقة.

رامافوزا أعلن في بيان رسمي، أن عودة المفاوضات بعد مشاورات مكثفة مع زعماء الدول المنخرطة في مفاوضات السد وهم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، ورئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، ووصف البيان فترة التعثر التي استمرت سبعة أسابيع بـ "الاستراحة"، لتجنب الحديث عن تعثر .

ورحب رئيس الاتحاد الإفريقي بالتزام الأطراف الثلاثة بمواصلة المفاوضات "مسترشدة بروح التعاون، وحسن النية بهدف التوصل إلى اتفاق مقبول لجميع الأطراف".

وأضاف: "استئناف المفاوضات الثلاثية تحت رعاية الاتحاد الإفريقي يدل على الإرادة السياسية القوية، والالتزام من قادة الدول الثلاث من أجل الوصول للحل السلمي والودي لسد النهضة".

وأعرب رامافوزا، الذي لم يقدم الاتحاد الإفريقي تحت قيادته أي تقدم يذكر في مفاوضات سد النهضة، عن ثقته القصوى في أن الدول الثلاث ستتوصل إلى اتفاق بشأن القضايا المتبقية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالجوانب التقنية والقانونية للمفاوضات، لافتاً إلى أن التوصل إلى اتفاق سيعزز التكامل الإقليمي والتنمية في منطقة شرق إفريقيا.

ولم يكشف الاتحاد الإفريقي عن نتيجة فحصه لتقارير تقدمت بها مصر والسودان وإثيوبيا بشكل منفصل، تتضمن رؤية كل دولة واقتراحاتها لحل الأزمة، التي تقدمت بها بعد فشل صياغة مسودة مشتركة، وسط خلافات أساسية وجوهرية، إذ تتمسك إثيوبيا بعدم إلزامية الاتفاقية وعدم الاتفاق بضمان الالتزام بإمدادات المياه لمصر والسودان، مما دفع الدولتين للانسحاب من المسار التفاوض نهاية أغسطس، بالتالي فشل دعوة للاجتماع في منتصف سبتمبر الماضي.

ميراث الشكوك

المخاوف من عدم جدية الطرف الإثيوبي في الوصول إلى حل نهائي ومقبول من جميع الأطراف، عبر عنه صراحة وزير الري السوداني، ياسر عباس، الذي بعث برسالة إلى وزيرة التعاون الدولي بجنوب إفريقيا، جي باندورا، بحسب ما أعلنت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا)، وعبر الوزير عن مخاوف بلاده من التفاوض بلا جدوى.

وقال عباس، إن السودان يتمسك بالمفاوضات الثلاثية برعاية الاتحاد الإفريقي للتوصل لاتفاق ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، لكنه أكد أن الخرطوم لا يمكنها مواصلة التفاوض بنفس الأساليب والطرق التي اتبعت خلال الجولات السابقة، وأفضت إلى طريق مسدود من المفاوضات الدائرية.

ودعا الوزير السوداني إلى دعم المفاوضات الجديدة بتفويض جديد من رؤساء دول مجلس الاتحاد الإفريقي، وقال إن السودان سيشارك في اجتماع الثلاثاء حول ابتداع طرق ومناهج تفاوض مغايرة لتلك التي اتبعت في الجولة الماضية، بمنح دور أكبر وأكثر فعالية للخبراء والمراقبين لتقريب وجهات النظر، ثم ترفع مناهج التفاوض الجديدة لرؤساء الدول لإقرارها واستئناف التفاوض على أساسها بجدول زمني محكم.

على الجانب المصري، عبر مستشار وزير الري الأسبق د. ضياء الدين القوصي، عن تفاؤله لـ "الجريدة"، مضيفاً: "لا يمكن لنا أن نفهم العودة السريعة للمفاوضات إلا من خلال وضعها في سياق رد الفعل على تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فالأخير كشف التعنت الإثيوبي على الملأ، وحمل أديس أبابا مسؤولية فشل المفاوضات وما سيتبعها من تداعيات خطيرة تتمثل في مشروعية الضربة العسكرية المصرية".

وأضاف القوصي: "أتوقع أن تعيد الحكومة الإثيوبية -ومعها الاتحاد الإفريقي- حساباتها لأنها باتت على يقين أن نهج التعنت والتلاعب بمسار التفاوض وصل إلى طريق مسدود، وأنها ستتحمل وحدها أمام الرأي العام العالمي مسؤولية انهيار المفاوضات، لذا قد نسمع لهجة مختلفة من الجانب الإثيوبي ونجد بعض المرونة، لكن هذا لا يعني أن الطريق ستكون سهلة أمام المفاوض المصري والسوداني، لكن عليهم استثمار الضغط الأميركي للوصول لاتفاق عادل".

back to top