«كوابيس» 3 نوفمبر تنذر بعدم استقرار عالمي

الإصلاح في الديمقراطيات الناشئة ضحية محتملة لأزمة انتخابية أميركية

نشر في 23-10-2020
آخر تحديث 23-10-2020 | 00:09
No Image Caption
يضع كثيرون سيناريوهات قاتمة لما يمكن أن يحدث في 3 نوفمبر، يوم الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، من عدم اعتراف أحد الأطراف بنزاهة الاقتراع، وبالتالي شرعية النتائج، فضلاً عن أخطاء محتملة بالفرز، بسبب ضغوط المشاركة التاريخية في التصويت البريدي والمبكر، والطعون التي يمكن أن تؤخر صدور النتيجة، أو التعرض لهجمات إلكترونية تزرع شكوكاً إضافية، وصولاً إلى أي انشقاق في المجمع الانتخابي تحت وطأة الاستقطاب الحزبي، كلها أمور قد تؤدي إلى أزمة انتخابية بمفاعيل سياسية أو دستورية غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة الحديث.

من ناحية أخرى، لن تنحصر حدود التأثير السلبي لمثل هذه الاضطرابات النظامية في الديمقراطية الأولى بالعالم في الولايات المتحدة، بل ستمتد إلى خارجها، وقد يكون لها أثر بالغ على الديمقراطيات الناشئة أو الهجينة، تلك التي تضع رجلاً في المدى الديمقراطي وأخرى خارجه.

وإذا كانت العملية الانتخابية، وهي حجر أساس النظام الديمقراطي، تتعرض - في بلد مرجعي مصدّر للديمقراطية - للطعن على الملأ، في أجواء انقسامية تجعل أي تنازل صغير، ولو من أجل المصلحة العامة، تضحيةً كبيرة، وربما مستحيلة، فكيف سيكون الحال مع دول أقل التزاماً بالقواعد والشفافية؟

وفي حال تعرضت الممارسة الديمقراطية لضربة في معقلها، وفي ظل القيود التي فرضها تفشي وباء تمكّن من شلّ العالم أشهراً، وزيادة سطوة الحكومات، على خلفية الانقباض الاقتصادي وحالة عدم اليقين، يصبح الخطر مضاعفاً من انتكاسة تشهدها الديمقراطيات الناشئة، يكون معها أي حديث عّن استئناف المسار الإصلاحي مجرد ترف ليس في أوانه.

في تعليق على احتمالات 3 نوفمبر وحجم تأثيرها، تؤكد مديرة البرامج الدولية في «المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية» international IDEA، لورا ثورنتون، أن «المشاكل في النظام الانتخابي الأميركي، وخاصة الشكوك حول نزاهة العملية، لها بالفعل تأثير خارج الحدود الأميركية».

ومن استوكهولم، حيث مقر هذه المنظمة الدولية المعنية ببناء الديمقراطية، تقول ثورنتون لـ «الجريدة»: «صواباً أو خطأً، تُعتبر الولايات المتحدة نموذجاً للممارسات الديمقراطية، تنفق الحكومة الأميركية ملايين الدولارات لتعزيز الديمقراطية في دول أخرى، وتُبادل الخبرات والدروس المستفادة مع الديمقراطيات الحديثة والناشئة»، وتستطرد: «نحب أن نكون المعلم، لا الطالب، بالتأكيد، عندما يتعلق الأمر بأفضل الممارسات»، لكنها تضيف: «من نواحٍ عدة، اعتبر الأميركيون أن نظامنا الديمقراطي يعمل جيداً وبسلاسة، لذلك كنا أبطأ في التعرف على بعض العيوب النظامية التي تظهر بشكل متزايد، وكذلك في التعامل مع التحديات الناشئة».

ولطالما شكك الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، ولا يزال، عند أي فرصة، في العملية الانتخابية، وفي زلة لسان تراجع عنها بسرعة، قال المرشح الديمقراطي جو بايدن إن ترامب لا يمكنه الفوز سوى بالغش، ورصدت بالفعل أخطاء إدارية وأعطال تقنية خلال التصويت المبكر، في حين تتزايد المخاوف من فوضى في الشارع أبطالها أنصار اليمين المتشدد المدججون بالأسلحة والمتسلحون بالتعديل الدستوري الثاني.

ووسط كل ذلك، لا تتردد ثورنتون في القول إن «وقوع نزاع بشأن انتخابات نوفمبر، بسبب الاستقطاب الشديد وعدم الثقة والمعلومات المضللة والوباء، سيتسبب بآثار متتالية في جميع أنحاء العالم، ويؤدي إلى عدم استقرار عالمي».

وتشرح: «أولاً، أميركا المنشغلة بأزمة داخلية ستكون غير قادرة على التركيز على أي شيء آخر، هذا يعني فراغاً على المسرح الدولي، حيث اهتمام الولايات المتحدة يكون مهماً ومطلوباً.

وثانياً، عندما تواجه ديمقراطية راسخة مثل الولايات المتحدة أزمة في عمليتها الانتخابية، فإن ذلك يثبط عزيمة الديمقراطيين في كل مكان. على سبيل المثال، سيقال: إذا لم يتمكن الأميركيون من فهم الأمر بشكل صحيح فما هو أملنا؟ وهذا يطرح السؤال: أين يمكن أن تتجه الديمقراطيات الناشئة للحصول على المشورة اللازمة بشأن أمور مثل الإصلاح الانتخابي، وضمان الانتقال السلمي للسلطة، وبناء ثقة الجمهور؟».

ورغم تشاؤم يطغى على أغلبية الخبراء حول ما ستؤول إليه الأمور في «الثلاثاء الكبير»، تختم ثورنتون تعليقاتها بتفاؤل حذر: «آمل بدلاً من ذلك أن تتحول العراقيل الديمقراطية التي نواجهها في الولايات المتحدة إلى صحوة وتجديد وتذكير بأنه لا يمكننا اعتبار الديمقراطية أمراً مسلّماً به، ويجب على جميع الديمقراطيات في جميع أنحاء العالم أن تكون يقِظة وتفهم أن الديمقراطية هي آلية تتطلب العمل. وهنا يحضر قول جون كينيدي الشهير: الديمقراطية ليست أبداً إنجازاً نهائياً. إنها دعوة لجهد لا يكل».

back to top