روسيا وإيران: لم نتدخل في الانتخابات الأميركية

الرئيس الجمهوري دونالد ترامب يركّز على المترددين لإعادة رسم السباق... وباراك أوباما ينتقد ترويجه نظريات المؤامرة

نشر في 23-10-2020
آخر تحديث 23-10-2020 | 00:04
الرئيس السابق باراك أوباما يحشد لبايدن في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا أمس الأول 	(أ ف ب)
الرئيس السابق باراك أوباما يحشد لبايدن في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا أمس الأول (أ ف ب)
قبل 12 يوماً على نهاية السباق المحتدم بين الرئيس الجمهوري دونالد ترامب وخصمه الديمقراطي جو بايدن، نفت موسكو وطهران اتهامات واشنطن بالحصول على سجلات الأميركيين، وبدء إجراءات للتأثير على الانتخابات الرئاسية.
في اتهامات سارعت موسكو إلى نفيها وطهران إلى استدعاء راعي المصالح الأميركية بسببها، كشف مدير الاستخبارات الوطنية جون راتكليف، أمس الأول، عن حصول روسيا وإيران على معلومات تتعلّق بسجلات الناخبين، وباشرتا إجراءات تهدف إلى التأثير على الرأي العام الأميركي في انتخابات الثالث من نوفمبر.

وعشية المناظرة الأخيرة والحاسمة بين الرئيس الجمهوري دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي جو بايدن، قال راتكليف، في مؤتمر صحافي مع مدير مكتب التحقيقات الفدرالي FBI كريستوفر راي، إن إيران على وجه التحديد أرسلت عبر البريد الإلكتروني رسائل «خادعة» تهدف إلى «ترهيب الناخبين والتحريض على اضطرابات اجتماعية والإضرار بالرئيس ترامب».

وأضاف أن إيران وزعت أيضاً تسجيل فيديو يشير إلى أن أشخاصاً قد يرسلون بطاقات اقتراع مزورة، بما في ذلك من خارج الولايات المتحدة.

وأوضح مدير الاستخبارات الوطنية أنّ إيران وروسيا «اتّخذتا إجراءات محدّدة للتأثير على الرأي العام فيما يتعلّق بانتخاباتنا»، مؤكّداً أنّ الأجهزة الأمنية خلصت إلى أنّ «معلومات متعلّقة بالقوائم الانتخابية حصلت عليها إيران، وبشكل منفصل، روسيا».

وأشار إلى أنهما تسعيان إلى «توصيل معلومات كاذبة للناخبين المسجلين تأملان أن تتسبب في حدوث ارتباك، وزرع الفوضى وتقويض الثقة في الديمقراطية الأميركية»، معتبراً أن «هذه الأعمال هي محاولات يائسة من خصوم يائسين».

«براود بويز»

ويأتي هذا الإعلان بعد أن تلقى ناخبون ديمقراطيون رسائل تهديد عبر البريد الإلكتروني موجّهة إليهم شخصياً ومرسلة باسم مجموعة «براود بويز» اليمينية المتطرّفة تأمرهم بالتصويت لمصلحة ترامب في الانتخابات المقرّرة في الثالث وفمبر. وأكد عدد من الناخبين في فلوريدا والولايات الرئيسية الأخرى في المعركة الانتخابية بين الرئيس الجمهوري وخصمه الديمقراطي أنهم تلقوا رسائل.

وكتب في الرسائل الإلكترونية: «ستصوت لترامب يوم الانتخابات أو سنلاحقك»، مضيفة: «غيّر انتماءك الحزبي إلى الحزب الجمهوري، وأعلمنا بأنك تلقيت رسالتنا، وستمتثل. سنعرف المرشح الذي صوت له». وتنتهي الرسالة بعنوان الناخب بعد جملة تفيد: «لو كنت في مكانك سآخذ هذه الرسالة على محمل الجد. حظا سعيدا».

بدوره، طمأن مدير مكتب التحقيقات الفدرالي أنّ «النظام الانتخابي الأميركي سيظلّ آمناً وصلباً، ولن نتسامح مع التدخل الأجنبي في انتخاباتنا أو أي نشاط إجرامي يهدد قدسية التصويت أو يقوض ثقة الجمهور في نتيجة الانتخابات».

وأضاف راي: «عملنا لسنوات كمجتمع لتأمين المرونة في بنيتنا التحتية، واليوم لا تزال هذه البنية التحتية مرنة، يجب أن تكونوا واثقين من أن تصويتكم مهم». ولم يوضح راتكليف ولا راي، كيف حصلت روسيا وإيران على هذه البيانات، كما لم يشرحا كيف تعتزم موسكو الاستفادة منها، ولم يردا على أسئلة الصحافيين عقب المؤتمر.

تسجيل الناخبين

ومعلومات تسجيل الناخبين في الولايات المتحدة متاحة على نطاق واسع، وتسمح بعض الولايات لأي شخص بالوصول إليها، بينما تفرض أخرى أن يقتصر الأمر على الأحزاب السياسية.

وحذرت الاستخبارات الأميركية مراراً من أن روسيا وإيران، وبدرجة أقل الصين، شاركت في جهود التضليل على وسائل التواصل الاجتماعي التي تهدف إلى التأثير على الناخبين الأميركيين.

وفي 2016، قال مسؤولون أميركيون، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أشرف على عمليات قرصنة وعمليات تواصل اجتماعي تهدف إلى مساعدة ترامب في الفوز في الانتخابات على الديمقراطية هيلاري كلينتون.

واتهمت إيران باستخدام اسم «براود بويز» في رسائل إلكترونية بعدما رفض ترامب النأي بنفسه عن المجموعة التي ظهرت في تجمعات سياسية مدججة بالسلاح، وأطلقت تهديدات.

وفي أوائل أكتوبر، اعتقل 13 رجلاً في ميشيغان ينتمي بعضهم إلى المجموعة، بتهمة التآمر لخطف حاكمة الولاية الديمقراطية من أجل «إطلاق حرب أهلية».

وباتت شركات التكنولوجيا العملاقة متأهبة لمواجهة التهديدات التي تتربص بالاستحقاق الرئاسي الأميركي، إذ أعلنت مايكروسوفت منتصف الشهر الماضي هجمات إلكترونية جديدة على فرق الحملات الانتخابية مصدرها الصين وروسيا وإيران، التي نفت هذه الاتهامات.

أسف واستدعاء

وسارع الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف إلى التنديد أمس «باتهامات تنهال يومياً على روسيا ولا أساس لها جميعاً»، معرباً عن «أسفه» لما تقدمت به الاستخبارات الأميركية.

بدورها، استدعت الخارجية الإيرانية سفير سويسرا، التي ترعى المصالح الأميركية في الجمهورية الإسلامية، للاحتجاج على اتهامات «مفبركة» وجهتها واشنطن لطهران وموسكو بالتأثير على الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.

وأعلن المتحدث باسم الوزارة سعيد خطيب زاده استدعاء السفير «في أعقاب ادعاءات لا أساس لها أدلى بها مسؤولو النظام الأميركي بشأن تدخل دول أخرى في الانتخابات الرئاسية المقبلة»، مشددا على أن إيران «تنفي المزاعم المتكررة للنظام الأميركي، والتقارير المفبركة والخرقاء والاحتيالية».

ودعا خطيب زاده الولايات المتحدة إلى «الكف عن رمي لوم لا طائل منه واتهامات لا أساس لها، وفبركة السيناريوهات المريبة، وأن تحاول التصرف كبلد طبيعي على المستويات الدولية وفي العلاقة مع البلدان الأخرى».

آخر فرصة

داخلياً، أتيحت أمس أمام ترامب آخر فرصة لطرح حجج تقنع الجماهير بإعادة انتخابه خلال مواجهة بايدن أمام حشد ضخم في مناظرة عامة وأخيرة قبل الانتخابات.

وجاءت المناظرة، التي نقلها التلفزيون وشملت جائحة كورونا والأزمة العرقية وتغير المناخ والأمن القومي والسياسة الخارجية، في وقت يحتاج فيه ترامب بشدة لتغيير مسار السباق، وقلب تخلفه في استطلاعات الرأي، التي تظهر أن الفرصة لاتزال أمامه لاستمالة عدد غير قليل نسبياً لم يحسم رأيه بعد قبل أقل من أسبوعين على التصويت، خصوصاً أن المنافسة باتت أكثر احتداماً بكثير في بعض الولايات الحاسمة.

ولكسب أرضية في المناظرة الأخيرة، غيّر ترامب مساره عن الأولى التي قاطع فيها حديث بايدن مراراً وشن هجوماً شخصياً عليه ولم يبد احتراماً يذكر لمدير المناظرة.

وأدلى عدد قياسي بلغ 45 مليوناً بأصواته بالفعل قبيل المناظرة، التي عقدت في ناشفيل عاصمة ولاية تينيسي، مما يعني أن فرصة ترامب للتأثير على نتيجة السباق ربما تضيق.

وفي أول ظهور لدعم بايدن، شن الرئيس السابق باراك أوباما هجوماً حاداً على خليفته ترامب، مندداً بأسلوب مثير للانقسام وسجل في المكتب البيضاوي وحديث متكرر على «تويتر» عن نظريات المؤامرة.

وقال أوباما، في تجمع في فيلادلفيا: «دونالد ترامب لم يُظهر أي اهتمام بالعمل أو مساعدة أي أحد سوى نفسه، ولن يهُب فجأة لحمايتنا جميعاً. إنه لا يستطيع حتى اتخاذ الخطوات الأساسية لحماية نفسه».

وانتقد أوباما، الذي حكم فترتين ولا يزال من أكثر الشخصيات شعبية في الحزب الديمقراطي، ترامب لتعامله مع جائحة فيروس كورونا، مشيرا إلى أن «هذا ليس برنامجاً في تلفزيون الواقع. هذا واقع»، في إشارة إلى ماضي ترامب كمقدم في هذه البرنامج.

المتحدّرون من الهند... المجموعة العرقية الأعلى دخلاً

على الرغم من أنّهم يشكلون 1 في المئة فقط من الناخبين، إلا أنّ الديمقراطيين والجمهوريين يجدون في الأميركيين من أصول هندية مجموعة ديموغرافية ذات نفوذ متزايد، لاسيما أنهم ثاني أكبر مجموعة مهاجرة في الولايات المتحدة، بحسب مجلة «فورين بوليسي» الأميركية.

ويعتبر الهنود الأميركيون المجموعة العرقية الأعلى دخلاً في البلاد، بمتوسط ​​دخل قدره 100 ألف دولار عام 2015، حوالى ضعف المتوسط ​​الوطني في ذلك العام، ولذلك تم الاعتماد عليهم كقاعدة مانحين لكلا الحزبين، إذ ساهموا بنحو 10 ملايين دولار، للحزب الديمقراطي، في الانتخابات الرئاسية عام 2016.

ووفقاً لتعداد الولايات المتحدة، نما عددهم بين عامي 2000 و2018 بنحو 150 في المئة.

وفي الانتخابات الرئاسية عام 2020، بذلت حملتا الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومنافسه الديمقراطي جو بايدن، جهوداً متضافرة لبث إعلانات تلفزيونية تستهدف الناخب الأميركي من أصول هندية، من خلال إعلانات باللغات الهندية والإقليمية.

كما حشدت حملة بايدن دعماً كبيراً من الجالية الأميركية الهندية، بعد اختيار كامالا هاريس لمنصب نائب الرئيس، لاسيما أنها من أم هندية وأب جامايكي، ما قد يكون له أثر واضح على التبرعات.

وافترض البعض أنّ الهنود الأميركيين بدأوا في التحول لدعم الرئيس ترامب بأعداد كبيرة، مستشهدين بصداقته مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، والأساليب السياسية المتشابهة للزعيمين، ومواقفهم المتشددة ضد التطرف الإسلامي، بحسب المجلة أيضاً.

شركات التكنولوجيا العملاقة باتت متأهبة لمواجهة التهديدات التي تتربص بالاستحقاق الرئاسي الأميركي
back to top