ترامب وإصابته بفيروس كورونا

نشر في 08-10-2020
آخر تحديث 08-10-2020 | 00:00
 وول ستريت جورنال تتمنى الولايات المتحدة، أو أقلّه القسم غير الناشط على "تويتر"، الشفاء العاجل للرئيس ترامب وزوجته ميلانيا بعدما اكتشفا إصابتهما بفيروس "كوفيد19"، فمن الناحية الإيجابية، تتكل الولايات المتحدة على تدابير دستورية تضمن استمرار الحُكم حتى في أسوأ الحالات الطبية، فهذه اللحظة قد تكون مفيدة أيضاً للشعب الأميركي عموماً.

تعبّر وسائل الإعلام عن صدمتها من إصابة ترامب مع أن هذا الحدث ليس مفاجئاً جداً، فهو يدير الحكومة ويخوض حملته الانتخابية للفوز بولاية رئاسية ثانية ويفرض عليه هذا العمل التواصل مع عدد كبير من الناس، ومن غير المنطقي أن يتابع أداء واجباته من دون أن يحتكّ بمصابين لا تظهر عليهم أي أعراض، ويسلّط هذا الواقع الضوء على طبيعة الفيروس الخبيثة ويثبت أن خطة تكثيف الاختبارات لا تخلو من الأخطاء.

تحمّل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أسوأ أعراض العدوى، والتقط الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو وزوجة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الفيروس أيضاً، واضطرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لحجر نفسها طوال 12 يوماً بعد احتكاكها بطبيب تبيّن لاحقاً أنه مصاب بالعدوى، كذلك جاءت نتيجة حاكم ولاية فرجينيا رالف نورثام وزوجته إيجابية في الأسبوع الماضي.

كان مؤسفاً أن تروّج وسائل الإعلام الأميركية للفكرة الوهمية القائلة إن كل حالة جديدة من "كوفيد19" تعكس فشل السياسة المعتمدة. تعتبر هذه القنوات الآن أن ترامب يستحق ما أصابه لأنه لم يتعامل مع المرض بجدّية كافية.

ينجو معظم المصابين بالعدوى ولا يواجهون إلا أعراضاً خفيفة، حتى لو كان المصاب زائد الوزن وعمره 74 عاماً، فلطالما بدا ترامب رجلاً لا يتعب ونتمنى أن يساعده وضعه الصحي الجيد عموماً في تجاوز هذه المحنة، لكن إذا تدهور وضعه، فسيتسلم نائب الرئيس مايك بينس المسؤوليات الرئاسية على المدى القصير أو الطويل. جاءت نتيجة فحص بينس لفيروس كورونا سلبية ويُفترض أن يطمئن الأميركيون إلى قدرته على أداء هذه المهمة بأفضل طريقة. يتماشى سلوكه الهادئ مع الوضع الراهن على أكمل وجه، ومن المتوقع أن يترقب الأميركيون المناظرة بين بينس وكامالا هاريس المرشحَين لمنصب نائب الرئيس في الأسبوع المقبل لأن واحداً منهما قد يصبح رئيس الولايات المتحدة عاجلاً لا آجلاً.

ستتوقف الاستجابة الأميركية جزئياً على طريقة تعامل البيت الأبيض والرئيس شخصياً مع مرضه، وتتعلق خطوة محورية بالتعامل بشفافية مع تطور وضعه الصحي، ويُفترض أن يبلغ طبيب الرئيس الرأي العام بأعراض ترامب يومياً، فالناس يمكن أن يتقبلوا الأنباء السيئة لكنهم لن يسامحوا من يخدعهم.

بدأ الديمقراطيون يستعدون لهذا الاحتمال، لكن يُفترض أن يكون ترامب صادقاً مع منتقديه حول حقيقة وضعه، فقد أعلنت حملة بايدن يوم الجمعة الماضي أن نتائج فحص جو وجيل بايدن لفيروس كورونا كانت سلبية بعد المناظرة، وهو خبر سار، ويجب أن يلتزم هذا المعسكر أيضاً بمعيار الشفافية نفسه.

قد يشعر ترامب بالإحباط لأن حملته باتت محصورة في مقر إقامته الشخصي أو مكتبه في مستشفى "والتر ريد"، لكن قد يشكّل هذا الوضع فرصة إيجابية له، وسيتعاطف معه الأميركيون ويستطيع ترامب أن يتجاوب مع الناس بلطف، وبدل أن يهاجم منتقديه، يمكنه أن يعبّر عن تفاؤله ويثبت شجاعته، حتى أنه قادر على استعمال حس الفكاهة للتكيف مع وضعه. كذلك، يستطيع ترامب أن يستغل هذه الفترة ويستفيد من إطلالاته الإعلامية عبر الوسائل الرقمية لكسب ردود أفعال إيجابية وتحسين فرص فوزه بولاية ثانية. من الواضح أن استراتيجيته التي تقضي بمهاجمة بايدن وابنه هانتر ليست فاعلة. ما المانع إذاً من استعمال الدردشات الجانبية لتحديد الاختلافات السياسية القائمة ومعالجتها؟ كان ترامب يتجه إلى خسارة الانتخابات على الأرجح قبل تشخيص حالته، وبالتالي ليس لديه ما يخسره.

إذا تعافى ترامب قريباً، فقد يعكس وضعه موضوع حملته العام الذي يتمحور حول قدرة الولايات المتحدة على استرجاع حياة شبه عادية وتجارة ناجحة رغم انتشار الفيروس.أي يمكن أن يصبح قدوة إيجابية للبلد إذا أحسن التصرف رغم إصابته بالعدوى.

* «فريق التحرير»

back to top