رحم الله الشيخ صباح

نشر في 06-10-2020
آخر تحديث 06-10-2020 | 00:09
 قيس الأسطى بعد التحية: متابعي عمودي المتواضع يرجى العلم أنه انتقل من صحيفة «القبس» إلى جريدة «الجريدة»، آملين دوام التوفيق للإخوة في «القبس» الذين شرفوني بزمالتهم لما يقارب العشرين عاماً.

***

من يؤمن بقضاء الله وقدره عليه أن يدرك أن لكل أجل كتاباً، وأن الكل راحل عن هذه الدنيا إلى دار الآخرة، والحمد لله على كل حال.

نعم يا سادة، رحل الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت عن دنيانا الفانية، وترك لنا إرثا عظيماً وسجلاً ناصعاً من الإنسانية، فلقد استطاع رحمه الله أن يضم بلداً صغيراً اسمه الكويت إلى خانة الكبار الكبار، ولقب الكويت «مركزاً للإنسانية» وأميرها الراحل «قائداً للإنسانية» خير دليل على ذلك.

رحل من توسط بالخير ومنع الحروب وأخمد نار الفتنة بين كثير من شعوب العالم، رحل من أقام المؤتمر تلو المؤتمر لكي يخفف على أيتام سورية وعجائز العراق وجرحى اليمن، رحل من آمن أن إسكات الدبابة لا يكون بدبابة أخرى لأنها دورة دامية لا تنتهي، وأن الحل يأتي بإسكات الدبابة بواسطة التنمية البشرية وخلق دورة اقتصادية لكي تعمل الحكومات والشعوب لبناء اقتصاداتها بالعمران البشري والحجري وخلق فرص عمل ومشاريع صغيرة ومتوسطة وإيجاد ضوء في آخر النفق لكثير من الشباب العربي والمسلم.

رحل من لم يقم وزناً لأمنه الشخصي عندما قام بتفقد مسجد الإمام الصادق بعد التفجير الإرهابي بدقائق غير آبه بقناص متمركز أو تفجير ارتدادي مردداً «هذوله عيالي»، رحل من أمر بإرجاع جميع من يرغب ممن كانوا خارج الكويت في شهر أبريل الماضي لكي يصوموا الشهر الفضيل في الكويت غير آبه بالكلفة المالية أو الإدارية للموضوع، وكلنا يذكر أنه وفي حين كانت معظم الطائرات جاثمة على الأرض فإن قلة منها كانت تحلق لإرجاع عشرات الآلاف من الكويتيين لبلدهم، بل إن ما أثار إعجاب العالم أن بعض هذه الطائرات حلقت لإرجاع مواطن واحد عالق في إحدى الدول.

رحل من رضي الحوثيون بوساطته مع أنه جزء من عاصفة الحزم، لأنهم كانوا يدركون أن الخصم النزيه لا يمكن أن يفجر بخصومه وإن كانت حرباً، رحل من اتبع سياسة خارجية معتدلة لا تعتمد على استنهاض الطائفية لتعزيز حكم أو قبلية لإحكام قبضة، وأنه بذلك أمن شعبه من الإرهاب.

رحل الشيخ صباح الأحمد، وعزاؤنا أن من سيخلفه هو أخوه الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، عظم الله أجركم يا أهل الكويت، و«إنا لله وإنا إليه راجعون».

فهل وصلت الرسالة؟ آمل ذلك.

back to top