هل يستيقظ العالم على كابوس أزمة مالية جديدة؟

نشر في 29-09-2020
آخر تحديث 29-09-2020 | 00:04
 كابوس أزمة مالية جديدة يراود اقتصادات العالم
كابوس أزمة مالية جديدة يراود اقتصادات العالم
يعاني الاقتصاد العالمي حالة ركود غير مسبوقة بفعل ضربة وباء «كوفيد- 19» التي أثرت على الطلب الاستهلاكي والاستثماري.

لكن الأزمة التي بدأت في شكل كارثة صحية، وتحولت سريعاً إلى ضربة اقتصادية تاريخية، قد تواصل التطور لتتحول لأزمة مالية عالمية جديدة.

أزمة مالية قادمة؟

- يثير الركود الاقتصادي العالمي وتبعاته مخاوف بشأن حدوث أزمة مالية، سواء بسبب التدابير التي اتخذتها بالفعل الحكومات والبنوك المركزية للتخفيف من تداعيات «كورونا»، أو جراء توقّف المساعدات الإضافية للأسر والقطاعات الأكثر تضرراً.

- تختلف الأزمة الاقتصادية عن المالية في أنه بينما تهتم الأولى بتراجع الناتج المحلي وتسارع البطالة وغيرها من المؤشرات الكلية، فإن الثانية تختص بالتراجع الحاد في قيمة الأصول المالية وتسارع حالات التعثّر عن سداد الديون.

- يخشى محللون من أن حزم التحفيز الضخمة، التي تجاوزت 11 تريليون دولار من الحكومات، إضافة إلى إجراءات البنوك المركزية، رفعت بقوة حجم الديون وجعلت أسواق الأسهم ربما لتكون مبالغا في قيمتها.

- تكمن الأزمة في أن اتجاه البنوك المركزية في مرحلة ما لتقليص وتيرة السياسة النقدية التيسيرية قد يشكل خطراً على النظام المالي، ويدفع العالم إلى أزمة جديدة.

- يرى «دويتشه بنك» أن التاريخ يذكرنا بأن الأزمات المالية حدثت عادة بسبب التحول من التيسير النقدي إلى التشديد، ورغم أنه قد يفصلنا عن حدوث ذلك عدة سنوات، فإن الخطر قد يفاجئ الجميع في وقت أقرب من المتوقع.

- لكن على الجانب الآخر، يبدو أي اتجاه لوقف المساعدات الحكومية للأسر والشركات حالياً أمراً يهدد أيضاً بإثارة أزمات مالية، وسط استمرار أثر الوباء على الدخل والطلب.

- طالبت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كرستين لاغارد الحكومات في منطقة اليورو باستمرار الدعم المالي، وربط أي نية لتقليص وتيرته بتعافي الاقتصاد، محذرة من مغبة خفض الدعم المقدم على الاقتصاد والشركات والأسر.

- كما ألح رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي جيروم باول، في مناسبات مختلفة أخيرا، على ضرورة قيام الكونغرس والإدارة الأميركية بتقديم مساعدات إضافية لدعم الاقتصاد، ومنع أي آثار سلبية محتملة على البنوك والأسر والشركات.

- حذر باول من أن عدم قدرة «الكونغرس» على تقديم مساعدات جديدة للأسر– بعد انتهاء أثر الحزمة الأولى في يوليو الماضي - قد يؤدي إلى ظهور موجة من التعثر عن سداد ديون الرهن العقاري وإخلاء السكان من منازلهم.

- تظهر الاستطلاعات بالفعل تشديداً ملحوظاً لمعايير المصارف للإقراض، مما يعني أن حدوث أزمة ائتمانية يبدو أمراً مرجحاً مع قلق البنوك من ارتفاع حالات التعثّر عن سداد الديون والخوف من التطورات المستقبلية.

- أظهر مسح حديث شاركت فيه 162 مؤسسة أعمال عالمية أن متوسط احتمالات حدوث أزمة مالية على مدار العامين المقبلين يبلغ 20 بالمئة.

- تسببت مخاوف حدوث أزمة مالية جديدة في خفض معنويات الأعمال أكثر مما تبرره البيانات الاقتصادية الفعلية الصادرة في الشهر الماضي.

مناطق أكثر خطراً

- حذّر صندوق النقد الدولي مراراً من حالة الانفصال بين الأسواق المالية والاقتصاد الحقيقي قبل وبعد ظهور وباء «كورونا»، مما يهدد بحدوث أزمة مالية تتزامن مع الركود الاقتصادي الحالي.

- شهدت مؤشرات الأسهم الأميركية خسائر ملحوظة في شهر سبتمبر، ليتحول مؤشر «S&P 500» من أعلى مستوى في تاريخه إلى تراجع بلغت نسبته 7.8 بالمئة، وسط تشكيك مستمر في مدى استدامة وصحة الصعود المسجل منذ ذروة الذعر حيال الوباء.

- رغم الهبوط الذي اعتبره بعض المحللين عملية تصحيحية بعد الصعود القياسي المستمر، فإن مؤشر «S&P 500» لا يزال أعلى بنحو 47 بالمئة من القاع المسجل في شهر مارس بدعم برامج التحفيز التي ضخت تريليونات الدولارات في الأسواق.

- إشارات الأزمة المالية المحتملة لم تقتصر على أسواق الأسهم فحسب، وإنما ظهرت في الخطى المتسارعة للاقتراض من جانب معظم الحكومات والشركات العالمية، خاصة في الأسواق الناشئة.

- أظهرت البيانات أن الأسواق الناشئة شهدت زيادة كبيرة في الديون الجديدة، حيث أصدرت سندات بالعملات الأجنبية بقيمة 124 مليار دولار في أول 6 أشهر من العام الحالي، كان ثلثاها في الربع الثاني.

- تثير منطقة آسيا والمحيط الهادئ بشكل خاص مخاوف المتابعين من احتمالية حدوث أزمة مالية كبيرة، بفعل ارتفاع القروض المتعثرة، وسط زيادة حالات الإعسار المالي للشركات.

- تشير توقعات مؤسسة التمويل الدولية إلى أن منطقة آسيا والمحيط الهادئ مهددة بزيادة 30 بالمئة في حالات إفلاس الشركات بسبب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا.

- وفي الولايات المتحدة، حذّر رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في بوسطن إريك روزنغرين من أن الاقتصاد الأميركي قد يشهد تسارعا لحالات إفلاس الشركات ومطالبات باستعادة الرهن العقاري غير المسدد، مما يجعل البنوك تحت ضغط كبير ويهدد بحدوث أزمة ائتمانية.

- ترى رئيسة بنك الاحتياطي الفدرالي في ولاية كانساس سيتي، إسثير جورج، أن الضغوط الواقعة على الأسر والشركات منذ مارس الماضي يمكن أن تخاطر بحدوث ضرر على النظام المالي، مما يهدد ربحية البنوك وقدرتها على استيعاب الخسائر.

جهود واستعدادات للأسوأ

- رغم القلق المتزايد، فإن هناك عاملين يخففان نسبياً من خطر حدوث أزمة مالية عالمية في الفترة القادمة.

- تعهّد البنوك المركزية الكبرى بقيادة الاحتياطي الفدرالي الأميركي والمركزي الأوروبي وغيرهما باتخاذ ما يلزم من إجراءات لدعم الأسواق المالية خلال أزمة الوباء.

- بالفعل قام بنك الاحتياطي الفدرالي بخفض معدل الفائدة لنطاق يتراوح بين صفر و0.25 بالمئة، مع إقرار آليات للإقراض وشراء الأصول، وهو ما تكرر بالنسبة لبنكي إنكلترا والمركزي الأوروبي وغيرهما.

- الأمر الثاني يتمثّل في أن البنوك ليست مصدر الأزمة الاقتصادية الحالية، مثلما كان الوضع إبان عام 2008 مثلاً، كما أنها أكثر استعداداً للتعامل مع الوضع من خلال امتلاكها رؤوس أموال كافية، مما يجعل المصارف أكثر قوة في مواجهة الأزمة.

back to top