مصر: تمديد التصالح ولا هدم للمنازل المخالفة المأهولة

الهروب من سجن العقرب يسلّط الضوء على خطر الإرهابيين في السجون ويلقي بظلاله على دعوات التظاهر

نشر في 25-09-2020
آخر تحديث 25-09-2020 | 00:04
مشهد عام لجسر ترعة الزمر قيد الإنشاء في حي العمرانية بالجيزة أمس الأول (إي بي أيه)
مشهد عام لجسر ترعة الزمر قيد الإنشاء في حي العمرانية بالجيزة أمس الأول (إي بي أيه)
حدثان مهمان شهدتهما الساحة المصرية في الساعات الأخيرة، وألقيا بظلالهما على الدعوات إلى تظاهرات معارضة اليوم، في خطوة يتوقع المراقبون أن تبقى محصورة في إطار محدود، فقد أبدت الحكومة ليونة في موضوع مخالفات البناء بعد ساعات من محاولة هرب «دواعش» من سجن طرة في حادث أمني خطير.
قبيل دعوات للتظاهر ضد الحكومة المصرية اليوم، خرج رئيس مجلس الوزراء مصطفي مدبولي، في مؤتمر صحافي، أمس، في محاولة لامتصاص غضب الشارع، عندما أعلن مد فترة التصالح في مخالفات البناء، والتي كانت ستنتهي بنهاية شهر الشهر الجاري إلى نهاية أكتوبر المقبل، وتعهد بعدم إزالة أي مبنى مشغول بالسكان، معرباً عن تفهمه لخصوصية الريف المصري، وأنه سيتم اتخاذ الإجراءات في ضوء فهم هذه الخصوصية.

وبدا حديث مدبولي محاولة جدية من الحكومة لإزالة أسباب التوتر مع المواطنين، بسبب إجراءات التصالح في مخالفات البناء، وإزالة المباني المخالفة، والتي أكسبت التظاهرات زخماً بسبب حالة الغضب والتململ الشعبي، لذا لم يكن غريباً أن يتحدث مدبولي بلهجة تصالحية متفهمة لمطالب المواطنين، إذ شدد على عدم هدم أي عقار مأهول بالسكان، وكشف عن إعلان اشتراطات البناء الجديدة قبل نهاية نوفمبر المقبل.

وبالتوازي مع ذلك، ومع استمرار التظاهرات الليلية المحدودة في عدد من القرى المصرية منذ الأحد الماضي، تدخل مصر اختباراً مهما اليوم، مع دعوات يقودها رجل الأعمال الهارب محمد علي وجماعة "الإخوان" للتظاهر اليوم، تحت شعار "جمعة الغضب"، إلا أن ضعف عدد المشاركين في تظاهرات الأيام الماضية يرجح فشل الدعوات للحشد.

وحتى عصر أمس لم تحسم الأحزاب الموالية للرئيس السيسي بقيادة حزب "مستقبل وطن" موقفها من دعوات أطلقت على استحياء لتنظيم حشد مليوني في مدينة نصر، للتعبير عن تأييد الرئيس المصري، وتواصلت الاتصالات بين الأحزاب سعيا لتوجيه رسالة واضحة أن أغلبية الشعب المصري مع السيسي، وظهرت حدة المواجهات بين الفريقين بصورة أكبر على الفضاء الإلكتروني مع استمرار حرب الهاشتاغ بين مؤيدي السيسي ومعارضيه على "تويتر".

هروب دموي

إلى ذلك، شددت السلطات من إجراءات الأمن في السجون المصرية، أمس، بعد مقتل ضابطين وشرطيين، أمس الأول، عقب محاولة 4 سجناء من معتنقي أفكار "داعش" والمحكوم عليهم بالإعدام، الهروب من داخل سجن طرة (جنوبي القاهرة)، والذي يعد أحد أشهر السجون المصرية وأكثرها حراسة وتأميناً، لكونه يضم مجموعة كبيرة من الإرهابيين الأكثر خطورة.

ولم تكشف السلطات المصرية عن تفاصيل محاولة الهروب، وما إذا كان المتهمون قد استحوذوا على أسلحة بيضاء تمكنوا من خلالها من قتل وإصابة عدد من الضباط والمجندين، لكن مصدرا أمنيا اكتفى بالقول إن العناصر الإرهابية حاولت الهرب صباح أمس الأول، ما أسفر عن مقتل ضابطين وشرطيين، لكن قوات التأمين نجحت في السيطرة على الموقف بعد قتل الأربعة متهمين، وهم: السيد السيد عطا محمد، وعمار الشحات محمد السيد، وحسن زكريا معتمد مرسي، ومديح رمضان حسن علاء الدين.

ووقعت محاولة الهروب في سجن "شديد الحراسة"، والمعروف باسم "سجن العقرب"، وهو أحد سجون منطقة طرة السبعة وأكثرها شهرة، وخصص السجن منذ تسعينيات القرن الماضي لاستقبال المتهمين السياسيين والإرهابيين شديدي الخطورة، فضلا عن المجرمين الخطيرين، ما ساعد في إكسابه سمعة رهيبة في مخيلة المصريين جميعا، وضمن الإجراءات المتبعة في تأمين هذا السجن عدم دخوله بأي سلاح، وينطبق هذا على رجال الشرطة، فضلا عن فصل كل قسم بمجموعة من الأبواب المنفصلة.

وتفقد وزير الداخلية اللواء محمودة توفيق، منطقة سجون طرة، وشدد خلال متابعة أعمال التأمين على اتباع إجراءات أمنية صارمة، وكلف بإعداد تقرير عاجل عن الواقعة ومعرفة ملابساتها، مع مراجعة إجراءات التأمين لمعرفة كيف تطورت الأمور إلى محاولة هرب للمتهمين بالإعدام، وبدأت جهات التحقيق عملها بتفريغ كاميرات المراقبة، والاستماع لأقوال رجال الشرطة والمساجين، فيما شيعت أمس الخميس، جنازة شهداء الشرطة وفي مقدمتهم المقدم محمد القاضي.

عناصر داعشية

وقالت مصادر مطلعة إن ثلاثة من المتهمين الذين حاولوا الفرار هم من تنظيم "كتائب أنصار الشريعة"، وهو أحد أذرع تنظيم "داعش"، وسبق أن تأسست الكتائب في مصر عام 2016، وأن السيد عطا الذي قاد محاولة الهروب من "طرة" هو مؤسس التنظيم، وأن عمار الشحات ومديح رمضان من أبرز معاونيه في التنظيم، وسبق أن صدرت أحكام نهائية وباتة بالإعدام ضدهم في يوليو الماضي.

وأسس السيد العطا تنظيم "أنصار الشريعة" على أفكار تكفير الحاكم وشرعية الخروج عليه، وذلك بعد ثورة 30 يونيو 2013، ثم بايع تنظيم "داعش"، ونفذت عناصر التنظيم عمليات قتل ما لا يقل عن 12 من رجال الشرطة في أربع محافظات، قبل أن يتم القبض على مؤسس التنظيم وأبرز مساعديه نهاية 2014.

أما المتهم الرابع فهو الداعشي حسن زكريا معتمد مرسي، وكان من الذئاب المنفردة، وانضم إلى تنظيم "كتائب أنصار الشريعة" داخل السجن، وسبق أن اعترف أمام النيابة باعتناق أفكار تنظيم "داعش"، بما في ذلك استباحة دماء الأقباط واستحلال أموالهم، وهو ما نفذه بالفعل عندما قتل طبيبا مسيحيا في عيادته نحراً في سبتمبر 2017، ثم ألقي القبض عليه وحصل على حكم نهائي بالإعدام.

back to top