ثاني أكبر مدن العراق... لا تشارك في حكم البلاد ولا تحكم نفسها

نشر في 23-09-2020
آخر تحديث 23-09-2020 | 00:05
صورة أرشيفية لمتظاهرة عراقية
صورة أرشيفية لمتظاهرة عراقية
خرج مئات الشباب في الموصل حاضرة العراق الشمالية، التي تختزن كل تنوع الشرق الأوسط الحضاري واللغوي والديني، محتجين على نظام الدوائر المتعددة، الذي ستُجرى وفقه الانتخابات المبكرة الصيف المقبل، رغم أنهم لم يكونوا يعترضون على أساس الفكرة.

وقال الخبراء والناشطون في الموصل، إن الأحزاب التقليدية تدرك أن هذه المدينة تريد تغيير ساستها في الاقتراع المقبل، لذلك فإن الحزبيّين المتهمين بالفساد يحتالون على نظام الانتخابات الجديد، ويعيدون رسم الدوائر الانتخابية في محافظة نينوى، بحيث يتلاعبون في كتل المصوّتين، فيعطون ثقل الأماكن الحضرية لمناطق الريف، ويصنعون دوائر صافية عرقياً أو دينياً، في مكان يوصف بأنه بلقان العراق، وتتعايش فيه تسع لغات وأديان وقوميات على الأقل.

وأضافوا أن الموصل مركز محافظة نينوى وثاني المدن من حيث السكان بعد بغداد، هي مدينة لا تشارك في حكم العراق، ومهمشة سياسياً، وهي أيضاً لا تحكم نفسها، إذ يسيطر عليها مسلحون ينتمون إلى فصائل موالية للحرس الثوري الإيراني.

والموصل تعد أكبر مساهم في تأسيس العراق الحديث، إذ برعت منذ القرن التاسع عشر عبر علاقاتها مع حلب ودمشق وإسطنبول، في تطوير الجيش والصحافة والثقافة العراقية، إلى جانب دعم مشاريع التحديث في العراق طوال قرن ونصف مضى.

وتحركت إيران منذ انتهاء الحرب مع تنظيم «داعش» عام ٢٠١٧ للسيطرة على محافظتي نينوى والأنبار المحاذيتين لسورية والأردن وتركيا، لتضمن بذلك إيران الطريق البري الجيوبوليتيكي بين طهران ودمشق وسواحل المتوسط.

ولم تحرك حكومة عادل عبدالمهدي المستقيلة، إثر احتجاجات أكتوبر ٢٠١٩ ساكناً إزاء ذلك، بينما انشغلت حكومة مصطفى الكاظمي الحالية بالتعامل مع تمرد الميليشيات جنوب البلاد، وأجّلت ملف المناطق غرب البلاد وشمالها.

وبقيت الموصل تنظر من بعيد بحسرة إلى حراك أكتوبر وشجاعة الشباب في بغداد حتى البصرة جنوباً في مواجهة الميليشيات، لكنها تخشى المشاركة فيها؛ لأن شباب الشيعة واجهوا اتهامات بالعمالة لإسرائيل أثناء احتجاجاتهم على نفوذ الفصائل المسلحة، فما بالك لو كان شباب المدن السُّنية قادة أو مشاركين في التظاهرات.

وتنظر الموصل لمحاولات الإصلاح، التي أطلقتها حكومة الكاظمي، بريبة أحياناً، وتفاؤل حَذِر أحياناً أخرى.

والموصل، في الوقت نفسه، لا تثق، بسهولة، في العرب ولا الإيرانيين أو الأتراك، كما تضع علامات استفهام حيال التشدد الديني، الذي أنتج وغذى خلايا «داعش» و«القاعدة» وانتهى بمعارك عديدة بلغت ذروتها عام 2017 حين حررت القوات العراقية محافظة نينوى من عناصر التنظيمات المتشددة، لكن بثمن تدمير أكثر المناطق عراقة وتراثاً هناك، كما حصل لمدينة حلب بسورية، والموصوفة بأنها أخت الموصل في الثقافة والسياسة، لأنهما خزانة الألحان العربية منذ عصر هارون الرشيد.

back to top