العملية الانتقالية في إثيوبيا إلى أين؟

نشر في 22-09-2020
آخر تحديث 22-09-2020 | 00:01
 أفريكان أرغومنتس حين أصبح آبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا في أبريل 2018، ترافق وصوله إلى هذا المنصب مع راحة جماعية في إثيوبيا والخارج، واعتُبر هذا الزعيم الجديد إصلاحياً قادراً على تغيير مسار "الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية"، إذ يحكم هذا الحزب البلد منذ عام 1991 وقد حوّل إثيوبيا إلى قوة اقتصادية إفريقية لكنه يطبّق في الوقت نفسه ممارسات استبدادية متزايدة.

في الفترة الأخيرة أصبحت العملية الانتقالية الضعيفة أصلاً في إثيوبيا خلال عهد آبي أكثر هشاشة بسبب تطورَين بارزَين: يتعلق العامل الأول بتفاقم الوضع بسبب انتشار فيروس "كوفيد-19"، الذي أدى إلى تأجيل الانتخابات العامة التي طال انتظارها في إثيوبيا وكان يُفترض أن تحصل في أغسطس الماضي لكنها تأجلت الآن إلى أجل غير مسمى.

اعتُبر ذلك الاقتراع إنجازاً مهماً في العملية الانتقالية الإثيوبية، وكان سيصبح برأي الأحزاب المهمّشة سابقاً أول تفاعل لها مع الناخبين بعدما حُرِمت من التواصل معهم طوال ثلاثة عقود تقريباً.

كذلك، أدى التأجيل إلى نشوء جدل دستوري محتدم، حيث ينص الدستور الإثيوبي على إجراء انتخابات تشريعية كل خمس سنوات، ويُعتبر أي حزب حاكم يتجاوز مدة ولايته الأصلية غير شرعي، وهذا الوضع المستجد أجج الأسئلة حول ما يجب أن تفعله الحكومة والمعارضة لتجاوز هذا المأزق.

أما التطور الثاني الذي زاد الاضطرابات في إثيوبيا، فيتعلق باغتيال المغني الشهير هاشالو هونديسا في يونيو الماضي، حيث كان هذا الموسيقي والناشط محبوباً في أنحاء البلد لكنه يحظى بتقدير خاص من جماعة "أورومو" العرقية، وأدى مقتله على يد مجهولين إلى تأجيج أعمال العنف التي كشفت أن حكومة آبي استنزفت خياراتها منذ وقت طويل وهي تحاول إرساء نظام سياسي مستقر.

وعشية مقتل هاشالو في أديس أبابا، اشتعلت منطقة "أوروميا"، ففي البداية اجتمعت الحشود للتعبير عن حزنها وغضبها إزاء مقتل الموسيقي، لكن سرعان ما تحولت الاحتجاجات إلى اعتداءات ضد الأقليات ومدنيين آخرين، بما في ذلك أعضاء جماعة "أورومو"، ووفق مصادر الحكومة، قُتِل أكثر من 160 شخصاً خلال تلك الاعتداءات والردود اللاحقة التي أطلقتها قوى الأمن، وفي مدن مثل "شاشميني"، واحدة من أهم مراكز الأعمال في المنطقة، تحولت مساحات كبيرة إلى رماد.

ردّت الحكومة على أعمال العنف باعتقال أكثر من 7 آلاف شخص واحتجاز عدد من الصحافيين والناشطين والمعارضين من أمثال جوهر محمد الذي ساعد آبي في البداية على ترسيخ نفوذه لكنه أصبح لاحقاً من أشرس منتقديه، كذلك أغلقت الحكومة أربع مؤسسات إعلامية على الأقل وقطعت الإنترنت طوال 23 يوماً، وخلال هذه الفترة أجبر مكتب النائب العام وسائل الإعلام الحكومية على بث نتائجه حول اغتيال هاشالو فوقع اللوم على "جيش تحرير أورومو" المتمرد و"جبهة تحرير شعب تيغراي"، أحد الأحزاب الناشطة في ائتلاف "الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية".

ما الذي سيحصل في المرحلة المقبلة؟ كيف سيتمكن آبي من توجيه إثيوبيا نحو نظام سياسي مستقر من دون إقامة حوار بنّاء لمعالجة المأزق القائم؟ وما مصير العلاقة المضطربة بين ولاية "تيغراي" الإقليمية والحكومة الفدرالية؟ وكيف يستطيع رئيس الوزراء أن يعيد الاستقرار إلى ولاية "أوروميا" الأكثر اضطراباً وتخبطاً بعد اعتقال معظم القادة السياسيين المعارضين؟

تحتاج هذه الأسئلة كلها إلى أجوبة عاجلة لتحديد مصير البلد، فمن خلال الحملات الدعائية ووسائل الإعلام الحكومية ووكالات إنفاذ القانون الصارمة، يبدو أن حكومة آبي نجحت في تخدير سكان المدن الإثيوبية والداعمين الخارجيين عبر شَلِّهم عمداً ومنعهم من طرح أي أسئلة عليها، لكن إثيوبيا دخلت في دوامة المجهول بسبب هذه الظروف وأصبحت الأسئلة العالقة أكثر من الأجوبة.

تسيدالي ليما*

back to top