لا أصدق أن الحكومة لا تقدر... وغضبة القضاة

نشر في 31-08-2020
آخر تحديث 31-08-2020 | 00:10
 أحمد يعقوب باقر ● لا يمكن أن أصدق أن الحكومة بجميع أجهزتها لا تستطيع كشف هوية أصحاب تلك الحسابات المسيئة وإيقافهم عند حدهم.

الكل يعلم أن بعض هذه الحسابات الشهيرة تنشر أسرار الدولة وأخبار الصراعات بين أبناء الأسرة، وتذيع تسريبات خطيرة لبعض جهات الحكومة ومجلس الأمة، وتؤجج الصراعات فيهما، ويتلقف أخبارها ويتأثر بها أعداد كبيرة من المتابعين، ولكن مع ذلك لا يوجد أي إجراء حكومي يبين للشعب حقيقة هذه الحسابات ومصداقية ما تنشره ومن يقف وراءها ومن يغذيها بالأخبار، وذلك رغم وجوب تعامل الحكومة بشفافية تامة مع هذا الموضوع، وهو من أهم واجباتها وفقاً للمادة ١٢٣ من الدستور والتي اعتبرتها أنها السلطة المهيمنة على مصالح الدولة.

لذلك يلجأ الكثيرون من أبناء الشعب المغيب إلى حسابات أخرى لأشخاص عاديين لمعرفة حقيقة تلك الحسابات المسيئة، ومن هي الأسماء الحقيقية التي تدعم هذه الحسابات، وما "الغروبات" التي تديرها.

ولكن السؤال المطروح هو: كيف لهؤلاء الأشخاص العاديين أن يعلموا كل التفصيلات عن الحسابات الوهمية وعن الأخبار والصراعات في الكويت التي تنشرها في حين الحكومة لا تعلم؟

لقد حذر صاحب السمو الأمير من خطورة انحراف بعض وسائل التواصل في افتتاح دوري الانعقاد الثالث والرابع وأسماهم بأشباح الفتن، وكذلك فعل سمو ولي العهد نائب الأمير في خطابه الأخير عندما وصف التسريبات الأخيرة بالممارسات الشاذة والمرفوضة، وأنها محاولة لشق الصف وإثارة الفتن باسم الحرية الزائفة وطالب بترجمة خطاب سمو الأمير بالقضاء على أشباح الفتن، والإحالة إلى العدالة.

ولكن بالرغم من كل هذه التوجيهات ذات المفردات القوية من أهم رمزين في البلاد لم تعلن الحكومة أسماء أصحاب هذه الحسابات حتى الآن، ولم تكشف من الذي يدعمهم ومن الذي يمولهم، ولم تشرح للشعب حقيقة الصراع الذي يؤججونه في البلد، كما لم تبين ما إذا كان لهم أدوات في المجلس والحكومة.

شخصيا لا يمكن أن أصدق أن الحكومة لم تتعرف عليهم ولا تعلم من يقف وراءهم رغم خطورة ما يفعلونه في هذا البلد الصغير، ورغم توجيهات الأمير وولي عهده، فما سبب صمتها يا ترى؟

● غضب القضاة عندما نشرت بعض وسائل التواصل أسماء بعض القضاة ونسبت إليهم علاقة بأحد المتهمين بجرائم غسل الأموال، ومعهم كل الحق في غضبهم ونحن نشاركهم فيه، ولكن يجب أن يمتد غضبهم إلى كل إساءة لأي مواطن تمت الإساءة إليه في وسائل التواصل أو زُج باسمه في كذبة منشورة فيها، فكل مواطن له كرامة القضاة نفسها.

تقول الدكتورة هند الشومر: "كم من أبرياء لاحقتهم افتراءات وإشاعات من منصات التواصل الاجتماعي، وكم من بيوت آمنة عصفت بها هجمات الذباب الإلكتروني، وكم من خطط وبرامج إصلاحية توقفت بسبب حملات مبرمجة لأغراض شخصية انطلقت من مواقع مشبوهة، وكم من فتن اندلعت بسبب حرب نفسية من مواقع إلكترونية غير مسؤولة".

والكل يعلم أنه لا يجوز شرعاً اتخاذ حرية الرأي ذريعة للإساءات اللفظية من أجل تشويه الخصوم ولفت الانتباه والشعبية الكاذبة، ومن المؤسف أن تقبلها بعض الأحكام القضائية بحجة السماح بالنقد اللاذع للشخصيات العامة.

ولكن النقد اللاذع لا يعني التجريح والإهانة أو الكذب أو أن ينسب لأي إنسان كلام معين وهو لم يقله، وحسناً فعل مجلس الأمة برفض تعديلات النائب عمر الطبطبائي المؤدية إلى إلغاء بعض المحظورات وتخفيف العقوبات.

إننا نطمع أن تتلمس أحكام القضاة الأفاضل آلام الأبرياء فتضع حداً للأكاذيب والإضرار بالأسر الآمنة والتطاول على حقوق الناس وخصوصياتهم.

على القضاة مسؤولية عظيمة في حفظ كرامات الناس ومنع الإساءة إليهم سواء كانوا قضاة أو شخصيات عامة أو خاصة.

back to top