خاص

فيروس كورونا رمَّم العلاقات الأسرية وأذكى روح التكاتف

مواطنون أكدوا أن الأزمة أحدثت تغييرات إيجابية رغم تداعياتها السلبية

نشر في 30-08-2020
آخر تحديث 30-08-2020 | 00:06
 أستاذة علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت د. أمثال الحويلة-مدير شبكة "فعاليات" وليد السبيعي- المعالج الطبيعي مهند الشيخلي
أستاذة علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت د. أمثال الحويلة-مدير شبكة "فعاليات" وليد السبيعي- المعالج الطبيعي مهند الشيخلي
رغم أن أزمة «كورونا» كلّفت الكويت خسائر جسيمة صحياً ونفسياً واقتصادياً واجتماعياً، فإن البعض يرى في الجائحة دروساً وعبراً وإيجابيات تفوق سلبياتها، وبين الإيجابيات والسلبيات طرأت تغيرات كثيرة على سلوك الأفراد والمجتمع، فالأمور قبل «كورونا» لن تعود إلى ما كانت عليه بعد مرور الأزمة.

«الجريدة» استطلعت آراء عدد من المواطنين حول التغيرات التي أحدثتها الجائحة، إذ أكد بعضهم أن سلوكيات جديدة فُرِضت على المجتمع بسبب الحظر والتباعد الاجتماعي والإجراءات الوقائية والاحترازية، مشيرين إلى أن من سلبيات هذه المرحلة توقف كثير من الأعمال والمشاريع والأنشطة حفاظاً على صحة أفراد المجتمع. بينما أجمع آخرون على أن التغييرات التي أحدثتها الجائحة إيجابية أكثر منها سلبية، لافتين إلى تعزيز التواصل الاجتماعي بين أفراد الأسرة والتقارب الاجتماعي فيما بينهم، وانخفاض تكاليف الزواج ونسبة الطلاق، والاهتمام بالصحة العامة، والاستعداد لمواجهة أي ضغوط أو مستجدات أو أزمات قد نواجهها مستقبلاً... وفيما يلي التفاصيل:

بداية، قالت رئيسة قسم مكافحة الأمراض المزمنة والاستشارية في إدارة الصحة العامة د. خالدة الخضر، إن التغييرات التي سببتها أزمة كورونا في حياتنا كانت إيجابية أكثر منها سلبية، فالعلاقات بين الاشخاص اصبحت طيبة وقائمة على الود والمحبة من خلال التماسك والتكاتف.

وأضافت الخضر أن الجائحة ساهمت بشكل كبير في انخفاض تكاليف الزواج، بالإضافة الى التواصل الاسري الذي اصبح واضحا من خلال الترابط بين أفراد العائلة، حيث إن وجود الزوجين بين الأبناء هو الأهم، مضيفة أن الأزمة ساهمت في إبعاد كثير من الرجال المتزوجين عن السهر في الديوانيات، والبقاء مع أسرهم، وكذلك ابتعاد الزوجة عن زيارة الصديقات والتواجد بين أفراد أسرتها.

وأشارت إلى أن "الوقت الذي قضيناه مع أبنائنا كشف لنا كم نحن نفتقد وجودنا معهم، وكم هم رائعون، خاصة أن الجائحة ساهمت في كشف وطنيتهم ومحبتهم العميقة للعطاء والتطوع والمساعدة، وهذا ما أظهرته الأزمة"، مضيفة "كما لمسنا مساهمات أبنائنا الكبيرة من خلال تطوعهم لخدمة جهات كثيرة".

وتابعت: "أفتخر بما أقوم به من عمل تجاه وطني كوني متطوعة لمكافحة الأمراض المزمنة، في الوقت الذي كان الناس يخافون من الاختلاط، لذلك أجد أن إيجابيات هذه الأزمة كانت أكبر بكثير من سلبياتها، وأهمها تكاتفنا وتلاحمنا وترابطنا من أجل الكويت".

سلوكيات جديدة

من جهتها، أكدت أستاذة علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت د. أمثال الحويلة، أن تغييرات كثيرة طرأت خلال أزمة "كورونا" أثرت على الافراد والمجتمع، "إذ لاحظنا ظهور سلوكيات قد تكون جديدة أثرت على شخصيات بعض الافراد في الاسرة، كما أن بعض العلاقات كانت على المحك بين الازواج وبين الأسر".

وأوضحت الحويلة أن "كثيرا من الابناء أو أولياء الأمور اختلفت سلوكياتهم عن السابق بسبب الظروف والقوانين التي طرحت من إجراءات صحية تتعلق بالحظر الجزئي والكلي"، موضحة أن "هذه الظروف أجبرت الآباء والأمهات على الجلوس فترات طويلة في المنزل، وأدت إلى تخليهم عن كثير من الزيارات التي كانوا في السابق يقومون بها مثل زيارة الاصدقاء والأندية الصحية وغيرها من الأماكن التي اعتادوا زيارتها".

تواصل اجتماعي

وأضافت "خلال فترة الحظر برز جانب ايجابي، وهو التواصل الاجتماعي بين العائلات والتأقلم والتشارك فيما بينهم في امور كثيرة، حيث كان الكثير من أفراد الأسر بعيدين عن بعضهم"، لافتة إلى أن "ظروف أزمة كورونا جمعتهم من جديد، والعلاقة اصبحت أكثر متانة، فقد زاد تكاتفهم، واتجهت الاسرة بشكل ايجابي إلى التعامل مع فنون متنوعة كالطبخ الصحي، ومشاركة الأبناء في هواياتهم وألعابهم وكثير من الأمور الحياتية".

ولفتت إلى أن "كثيرا من الناس التزم بوقت الحجر وتحمل المسؤولية من خلال اتباع القوانين الارشادية بهدف الحفاظ على الصحة العامة، وهذه المتابعة تعتبر خبرة أولية لمواجهة أي ضغوط أو مستجدات أو أزمات قد نواجهها مستقبلا".

وأكدت الحويلة أن من ايجابيات مرحلة "كورونا" مشاركة كثير من الناس في الحملات التطوعية وغيرها من الاعمال التي ساهمت في ترتيب أولويات حياتهم وكيفية التعامل مع أعمالهم، لافتة إلى أن الحياة ما بعد الجائحة ستختلف إيجابيا عما كانت عليه قبلها، حيث ستكون هناك مرونة لتقبل أي صعوبات ومواجهتها.

ترتيب الأولويات

ومن جانبه، تحدث مدير شبكة "فعاليات" وليد السبيعي عن التغيير الذي أحدثته فترة الحجر، قائلا: "غيرت حياتنا وتغيرنا معها، ومع الوقت استطعنا ترتيب أولوياتنا وحياتنا بطريقة مناسبة، وأصبح من السهل التعايش مع الترتيبات والإرشادات الوقائية الجديدة".

وأضاف السبيعي: "أصبحنا نقدر أهمية الأمان الذي نعيشه اليوم أكثر من أي وقت مضى، من خلال الوقت الذي أتيح لنا وقت الحجر، فقد استفدنا من عدة تجارب أهمها الاهتمام بصحتنا وبصحة عائلتنا، وأرى أن التغييرات التي حدثت اغلبها كانت إيجابية تصب في مصلحة الصحة العامة".

سلبيات الوباء

أما المعالج الطبيعي مهند الشيخلي، فقال: "لم أعش تجربة التعايش مع الأوبئة في حياتي، ولم أعلم من قبل كيف يمكن التصرف معها"، موضحا أن "من سلبيات الأزمة توقف كثير من الأعمال والمشاريع والأنشطة الذي جاء بهدف الحفاظ على صحة افراد المجتمع".

وأضاف الشيخلي: "من ايجابيات الجائحة ظهور اهمية التعلم عن بعد وتفعيل هذا النوع من التعليم، كما ظهرت جوانب ايجابية كثيرة منها مبادرات الشعور بالمسؤولية، والانتماء للوطن، والعطاء الانساني الجميل، وأهم الدروس التي تعلمناها ان نهتم أكثر بأنفسنا وبالآخرين".

انخفاض نسبة الطلاق

أكدت المواطنة منال الشمري أن القيود التي فرضها فيروس «كورونا» غيّرت أشياء كثيرة في مسيرة الحياة اليومية، موضحة أنها «ساهمت في تغيير أسلوبنا، وطريقة إدارتنا لكثير من المسؤوليات بشكل دقيق، وأصبح الناس حريصين أكثر على النظافة الشخصية».

وأضافت الشمري: «كما زادت فترات تواجد أفراد الأسرة مع بعضهم، واهتمام أولياء الأمور بأبنائهم والتواصل معهم والتواجد بينهم أطول فترة ممكنة»، مشيرة إلى أن «من أبرز إيجابيات الأزمة انخفاض نسبة الطلاق».

ولفتت إلى أن من السلبيات التي أثرت على الحياة الاجتماعية خلال الأزمة، «توقف نسبة كبيرة من الأعمال والمشاريع عن العمل، وتوقف مواعيد المستشفيات».

بعد «كورونا» ستكون هناك مرونة لتقبل أي صعوبات مقبلة الحويلة

نجحنا في ترتيب أولوياتنا وأصبح التعايش مع الإرشادات الوقائية سهلاً السبيعي

من السلبيات توقف كثير من المشاريع والأنشطة والأعمال الشيخلي
back to top