كنوز مدفونة في تراب التجاهل

نشر في 28-08-2020
آخر تحديث 28-08-2020 | 00:05
 ناجي الملا أعلن وزير المالية أن: "قانون الدين العام ضروري لتوفير السيولة في ظل مواجهة الدولة عجزا في الميزانية ومتوقع أن يصل إلى ١٤ مليار دينار، والسيولة المتوافرة تكفي لتغطية الرواتب لغاية شهر نوفمبر المقبل، ولا تزال أسعار النفط منخفضة".

وكان وزير المالية قد قدم وثيقة اقتصادية تتضمن مقترحات لإصلاح المالية العامة وتمويل الميزانية على المديين القصير والمتوسط لمواجهة أزمة السيولة وعجز الموازنة، وتستهدف على المدى القصير بيع 2.2 مليار دينار من أصول صندوق الاحتياطي العام لصندوق احتياطي الأجيال القادمة، كما اقترحه نواب مجلس الأمة، والإيقاف المؤقت لتحويل استقطاع 10% من الإيرادات لصندوق الأجيال القادمة وتخفيض مخصصات التدريب والدورات الخارجية وإيقاف العلاوات والمكافآت. وعلى المدى المتوسط فرض الضريبة التصاعدية على الشركات وفرض الضريبة الانتقائية كالضريبة على السجائر وخصخصة الأنشطة الاقتصادية وتخفيض الدعوم ورفع سعر الكهرباء والماء، الأمر الذي يعارضه النواب لأن الجميع يتجنب الاصطدام بحائط الرفض الشعبي أو الارتطام بجدار رفض التجار، فكانت اقتراحات النواب ذات طبيعة جزئية مؤقتة كإيقاف بعض المشاريع، وأوجه الصرف غير الضرورية كإيقاف استكمال حديقة الشهيد، وإيقاف الصرف على الضيافة والمؤتمرات أو استرداد الأرباح المحتجزة لدى المؤسسات التابعة للحكومة، أو بيع أصول صندوق الاحتياطي على صندوق الأجيال القادمة.

ولي ملاحظات على ما تم طرحه من الجميع، فكل المقترحات تحقق إصلاحاً جزئياً ومؤقتاً كمُسكِّن لفترة لا تتجاوز السنة، ولم تضع حلولا جذرية ومستدامة، وربما جاء هذا القصور لعدم اشتراك الوزارات ذات العلاقة في وضع وصياغة المقترحات والتصورات في ظل أزمة تستوجب تحول الوزارات ككل إلى خلية نحل مع إشراك الخبراء حتى من خارج الجسم الحكومي، وكذلك إشراك منظمات المجتمع المدني!

وأنا أرى أن الإصلاح يبدأ بالخصخصة لكل الأنشطة التي ترهق موازنة وجهود الدولة من مرافق صحية، وتعليمية، ومحطات كهرباء وماء، واتصالات، ومواصلات، لا خصخصة الأنشطة ذات الطابع الاقتصادي فقط كما اقترحت وزارة المالية.

والخصخصة تُزيح عن كاهل الدولة كل المرتبات والأجور والمصروفات التي تخص هذه المرافق من سلع وخدمات وأجهزة، وتزيح كل ما يتبع ويرتبط بهذه القطاعات من مشكلات كالبطالة المقنَّعة ومناقصات وفساد ونهب، وسوء إدارة، وتحقق للدولة إيرادات من بيع أصولها على القطاع الخاص وتحقيق ضرائب مرتفعة.

تعديل التركيبة السكانية إلى نسبة 50% كويتيين غير العمالة المنزلية كمرحلة أولى لنصل بعدها إلى 30% وافدين و70% كويتيين فنبدأ فوراً بترحيل من بلغوا الستين من العمر والمخالفين والمُسَرَّحين من الشركات والعمالة السائبة والهامشية، وهذا التعديل للتركيبة سيزيح كل التكاليف المجانية للوافد والدعوم التي تتكبدها الدولة، ويخفض الضغط على مرافق وأجهزة الدولة وتقل نسبة إهلاك البنية التحتية والمشكلات الأمنية وغيرها.

إقامة كل المشاريع الاستراتيجية كالطرق والمساكن وتنقية مياه الصرف الصحي وتدوير المخلفات... إلخ، على أساس نظام الـ"بي أو تي" حسب قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص رقم 116 لسنة 2014.

فرض الضريبة التصاعدية على الأفراد والشركات، وليس كما اقترح وزير المالية على الشركات فقط، لأن هناك مُلاك العقارات والقسائم الصناعية وإيراداتهم الضخمة لا تدخل في نطاق الضريبة حسب مقترح الوزير.

قصقصة كل الزوائد في المصروفات والتي لا تستوجبها الضرورة وتحتمها المصلحة، فمصروفات بند الضيافة في الداخلية انخفضت من 23 مليون دينار إلى 60 ألفاً بعد تحويل ملف المصروفات للنيابة كما ذكر النائب العدساني في إحدى مقابلاته.

هذه المقترحات وما تطرقنا له في مقالنا في الجريدة بتاريخ 2020/6/19 تمثل كنوزاً ونفائس مدفونة في تراب تجاهلنا، فهل نشرع في تلاوة شفرات فك هذه الكنوز بطلاسم الحقائق وتعازيم الصدق والإخلاص وحرق الشياطين بتراتيل هيبة القانون؟

back to top