فزاعة البدون

نشر في 25-08-2020
آخر تحديث 25-08-2020 | 00:09
 أ. د. فيصل الشريفي لكي تستخرج شهادة ميلاد فإن عليك الإقرار بجنسيتك؛ ولكي تستطيع تسجيل أبنائك بالمدرسة فإن عليك الإقرار بجنسيتك؛ ولكي تتمكن من الحصول على شهادتك التعليمية فإن عليك الإقرار بجنسيتك؛ ولكي تستطيع استخراج إجازة سواقة فإن عليك الإقرار بجنسيتك؛ ولكي تستطيع الحصول على وظيفة فإن عليك الإقرار بجنسيتك؛ ولكي تتزوج وتخرج شهادة عقد قران فإن عليك الإقرار بجنسيتك؛ ولكي تستطيع فتح حساب بالبنك أو لتتمكن من استخدام بطاقتك للسحب الآلي فإن عليك الإقرار بجنسيتك!!

لا تحاول التذاكي فأنت معروف الجنسية لدينا، ولا يعنينا إن كان أبوك أو جدك التحق بالجيش الكويتي أو بالداخلية أو كونك من أوائل العاملين بالنفط، فسوقك لهذه التبريرات لن يشفع لك بالحصول على الجنسية أو على الحد الأدنى من حقوقك المدنية والإنسانية.

لن نفتح لك بابا وسنضيق عليك الخناق أكثر وأكثر، وكما قلنا: لا تتذاكَ بادعائك الوطنية، ولن ينفعك التحاقك بالصفوف الأمامية مع الكوادر الطبية، فهذا لن يغير من الأمر شيئا، والنتيجة اسمعها مني جيداً: لن نضعف أمام الرأي العام ولا منظمات حقوق الإنسان، فنحن حماة الهوية الوطنية وأنت أخطر عليها من الثلاثة ملايين ونصف وافد.

لا تحلم براتب يوازي الوافد حتى لو كنت تحمل الدرجة العلمية ذاتها، وحتى لو كانت شهادتك الدراسية من أفضل الجامعات، فميزان العدل نحن من يضعه كيفما نشاء لا كيفما تقتضيه قوانين العدالة الإلهية والإنسانية. إذا لم تعترف بجنسيتك الأصلية كما حددناها لك فلا تمنِّ نفسك بكل هذه الخدمات، ولا تعوّل على إحصاء 65 الذي مضى عليه أكثر من نصف قرن، فنفسنا طويل جداً، ولن نتعب، وجنسية أجداد أجدادك موثقة لدينا وعندنا عليك بدل القرينة ألف قرينة، فأنت لست نبتة "فقع" وعليك الاعتراف والإقرار بما لدينا من معلومات تثبت جنسيتك الأصلية. أثقل طينة من البشر أولئك الذين يتشدقون بالوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي دون أن يكلفوا نفسهم البحث عن حل لهذه القضية التي مرّ عليها أكثر من نصف قرن، رغم معرفتهم أن جيل الأحفاد من فئة البدون لم يعد لديه وطن سوى الكويت، ولم يعد بإمكانه الحصول على أي جنسية أخرى حتى لو أراد ذلك، فالأب والجد من مواليد الكويت، ولَو فرضنا جدلاً أن لديه قرينة لأحد أقربائه تثبت انتماءه لجنسية بلد ما فهل بإمكانه استخراج جواز سفر وجنسية تلك الدولة بناءً على تلك القرينة؟

مجمل القرارات التي اتخذتها الحكومة حتى هذه اللحظة لم تساهم في حل قضية البدون، بل إن معظمها جاء ليزيد الطين بلة، وسياسة التضييق والحرمان لن تصل إلى أي حل إنساني أو حقوقي، لذلك لابد من البحث عن حلول يمكن القبول بها بعيداً سياسة الخنق التي يعيشها جزء كبير من إخواننا البدون.

لقد أُجبر عدد كبير من البدون على استخراج وثائق وجوازات سفر لدول لم يطؤوها، وكل ذلك جرى تحت مسمع وعين بعض الجهات الحكومية ومن مكاتب عملت بشكل رسمي قبضت عشرات الملايين، وبعد ذلك تبين أنها مزورة لا تحمل أي صفة رسمية مما يضعنا أمام أمرين كلاهما مرّ: الأول كيف سمح لهذه المكاتب بالعمل وتحصيل الرسوم، والثاني كيف لم تكتشف الجهات الحكومية تزوير تلك الوثائق ومنها وزارة الداخلية.

رجاء خاص:

من لديه مشاركة في حلول منطقية لمعالجة هذه القضية في إطارها الإنساني والقانوني فليتفضل أو ليكرمنا بصمته، فالظلم ظلمات يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم.

ودمتم سالمين.

back to top