العداء الأميركي للصين يبلغ مستويات غير مسبوقة!

نشر في 11-08-2020
آخر تحديث 11-08-2020 | 00:00
 ذي دبلومات دخلت الولايات المتحدة في مرحلة تحويل الأنظار عن مشاكلها الحقيقية، إذ تحاول إدارة ترامب بأي طريقة أن تُلهي الناس عن سوء تعاملها مع وباء كورونا المستجد والمشاكل الاقتصادية المتفاقمة التي انعكست بكل وضوح على نتائج استطلاعات الرأي، حيث تشكّل الصين هدفاً سهلاً في هذه الحملة كونها وسّعت نطاق نظامها الاستبدادي كي يشمل هونغ كونغ، وأخفقت في المرحلة الأولى من المعركة ضد فيروس "كوفيد-19"، واحتجزت أكثر من مليون شخص من جماعة الإيغور في معسكرات إعادة التأهيل، لكن لا يعني ذلك أن أفضل طريقة للتعامل مع نظام مماثل تقضي بالعودة إلى الحرب الباردة والمشاركة في سباق تسلّح قد يتحوّل إلى حرب شاملة.

من المبرر أن تنتقد الولايات المتحدة الانتهاكات الصينية لحقوق الإنسان، لكن تلك الانتقادات ما كانت لتكتسب مصداقية إضافية لو أن الأميركيين لم يتحالفوا طوال عقود مع المملكة العربية السعودية، ولم يحاولوا توثيق علاقاتهم مع فيتنام، ولم يلتزموا الصمت حين أقدم الجيش في بورما على إحراق القرى واغتصاب آلاف النساء من جماعة الروهينغا وطرد أكثر من 600 ألف منهم إلى خارج البلد.

يزعم معلّقون مقرّبون من إدارة ترامب أن الصين تسعى إلى السيطرة على العالم وسلب الولايات المتحدة مكانتها كقوة عظمى، وهي تطرح تهديداً على الولايات المتحدة بحد ذاتها، تظن الناقدة ريبيكا هاينريش أن "الحزب الشيوعي الصيني يحاول أن يحلّ مكان الولايات المتحدة كقوة عالمية متفوقة... هذا الوضع يطرح خطراً غير مقبول على حلفاء الولايات المتحدة الأساسيين في المنطقة ويُهدد السيادة الأميركية وقدرتنا على التواصل بكل حرية وأمان مع الدول الديمقراطية المستقلة في منطقة بالغة الأهمية من العالم"، لكن على أرض الواقع، لا تزال الصين جزءاً من القوى الاستبدادية التي لم تُعبّر عن طموحات مماثلة، حتى الآن على الأقل، وحين تخلّت الولايات المتحدة عن سورية وليبيا وأفغانستان، لم تتدخل الصين بل روسيا، ورغم كثرة الكلام عن مساعي الصين إلى الهيمنة على دول أخرى، بقيت الحدود الصينية هادئة أكثر من حدود كثيرة في الشرق الأوسط وأوكرانيا، فخلال آخر أربعة عقود ونصف، لم تتورط الصين في عمليات دموية خارج حدودها باستثناء مقتل 20 جندياً هندياً، أرادت بكين أن تزيد نفوذها في الدول الأخرى عبر استعمال الوسائل الاقتصادية والدبلوماسية وغالباً ما تستخدم الدول الأخرى الوسائل نفسها، لا سيما الولايات المتحدة.

في غضون ذلك، ادعى بعض الأميركيين أن وباء كورونا المستجد، الذي بدأ يدمّر الولايات المتحدة وأجزاءً واسعة من العالم، ظهر حين طوّرت الصين فيروس "كوفيد" لتصنيع سلاح بيولوجي، إذ يزعم آخرون أن الفيروس اشتق في الأصل من مختبر صيني، وتكلم الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مناسبات متكررة عن الفيروس "الصيني" أو "فيروس ووهان"، وهو يزعم أن الصين كانت تستطيع منع انتشار الوباء لكنها تغاضت عن فعل ذلك.

توحي سلسلة من المقالات الصادرة في الصين حديثاً بأن القوات البحرية التابعة لجيش التحرير الشعبي تبذل جهوداً شاقة لتطوير طائرات بلا طيار وتنفيذ مهام خاصة بالحرب المضادة للغواصات. لا أحد يعرف إلى أي حد تُعتبر هذه "التلميحات" جدّية، لكن ما سيكون ردّ المراقبين الصينيين في حال صدور تقرير بعنوان "الحرب مع الصين"، فيقارن بين أربع طرق مختلفة لمهاجمة الصين بالأسلحة النووية ويتساءل عن أفضل طريقة بينها لشن حرب مماثلة؟

باختصار، تستدعي سياسات الصين المحلية انتقادات لاذعة، لكن من الأفضل أن ينتظر الأميركيون إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية كي يناقشوا بطريقة عقلانية الخيار الذي يناسب الولايات المتحدة: الاقتراب من وضع الصين بمصاف الاتحاد السوفياتي أم اعتبارها دولة تزداد استبداداً وتنشغل بمشاكلها الداخلية، وتسعى إلى كسب الاحترام وتوسيع نفوذها في محيطها، لكنها لا تحاول الهيمنة على العالم ولا تطرح تهديدات على الولايات المتحدة؟

* أميتاي إيتزيوني

* «دبلومات»

back to top