التكاليف البيئية للطموح البحري الصيني

نشر في 09-08-2020
آخر تحديث 09-08-2020 | 00:00
 ذي دبلومات تفيد أحدث التقارير بأن أحد أساطيل الصيد الصينية كان يخضع لمراقبة أنظمة الأقمار الاصطناعية على بُعد 160 ميلاً من جزر غالاباغوس المعروفة بتنوعها البيولوجي، وهي جزء من قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي واشتهرت كمثال للتطور في دراسات تشارلز داروين.

وقد أعلنت بحرية الإكوادور أن 260 سفينة صينية تمركزت وراء المنطقة الاقتصادية الخالصة، على طول طريق الصيد بين جزر غالاباغوس وساحل الإكوادور، وفي عامي 2017 و2019، دق الناشطون البيئيون ناقوس الخطر بعد اقتراب أسطول صيد صيني من المنطقة، يقع أرخبيل غالاباغوس في المحيط الهادئ ويشمل نباتات وحيوانات نادرة، حيث تشكّل هذه الجزر موقعاً سياحياً بيئياً يتميز بتنوع بيولوجي لا يضاهيه شيء، وبدءاً من قاع البحر تسهم منظمات وصناديق ومؤسسات أجنبية عدة في تمويل المشاريع للحفاظ على الفصائل المتوطنة في حدائقها الوطنية ومناطقها المحمية، لكنّ الصيد الجائر قد يهدد هذه المنطقة.

لا تقتصر المشاكل البيئية التي تطرحها السفن الصينية على الصيد الجائر، ففي الفلبين دان الصياديون الصغار، أي ضحايا التوغل الصيني، وجود السفينة الصينية MV Zhong Hai 69 Alfa التي اخترقت منطقة بحرية محمية في "زامباليز" في جزيرة "لوزون"، واشتكت مجموعة الصيادين "بامالاكايا" في تلك المنطقة من انحسار صيد الأسماك منذ وصول سفن التجريف والشحن الصينية. وفي مناطق ساحلية أخرى في الفلبين، يتذمر الصياديون أيضاً من سفن التجريف والمحاجر الصينية لأن نشاطاتها تزيد التآكل سوءاً وتُسبب فيضانات، إذ يُحاصَر أرخبيل الفلبين في أوقات كثيرة بأعاصير قوية ومدمّرة تُشرّد آلاف الناس.

عبّر وزير الدفاع الفلبيني دلفين لورينزانا عن قلقه من انتشار السفن الصينية في محيط الأراضي الفلبينية والمناطق المتنازع عليها، وشدّد على صلاحية السلطات الفلبينية لفرض قوانينها، لكن الرئيس رودريغو دوتيرتي لا يتوانى في المقابل عن الإشادة بالرئيس الصيني شي جين بينغ والصين عموماً، مع أن الفلبين حليفة دفاعية قديمة للولايات المتحدة.

في شهر سبتمبر الماضي اعتُقل عناصر من الطاقم الصيني على خلفية تورطهم في عمليات تجريف غير قانونية من دون نيل تأشيرات وتراخيص عمل، وأمام الهجوم القوي على سياسة دوتيرتي الموالية للصين، سارع المتحدث باسم الرئيس إلى تحميل وحدة الحكم المحلي مسؤولية التخلص من السفينة الأجنبية، فقد تسمح إزالة السفينة بتخفيف غضب الصيادين بعدما تأثرت بها معيشتهم، لكنها لا تحدّ من الآثار السلبية على مستوى الحياة البحرية ولا تمنع تكرار هذا النوع من الحوادث مستقبلاً، فعلى أرض الواقع استمر مجيء السفن الصينية.

لا تقتصر أضرار البيئة البحرية على المياه الإقليمية والمناطق الاقتصادية الخالصة في دول أخرى، ففي المياه الدولية أدت عمليات التجريف لبناء جزر صينية اصطناعية إلى تدمير الشعاب المرجانية وموائل الأجناس البحرية النادرة، وكشفت بعثة من علماء الأحياء البحرية في جامعة الفلبين عن مظاهر الدمار وبثّت صوراً وفيديوهات عنها على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي السابق دفعت الولايات المتحدة تعويضات إلى الفلبين حين ارتطمت سفينتها بشعاب مرجانية عن طريق الخطأ، لكنّ الدعوات التي تناشد الصين حماية البيئة لم تلقَ آذاناً صاغية، فغياب النظام المتكامل لإدارة المحيطات في المنطقة التي تشمل مساحات محمية يجعل عمليات بكين العسكرية في بحر الصين الجنوبي مستبدة.

في غضون ذلك بدأ تآكل الجزر الصينية الاصطناعية المصنوعة من مواد مجروفة يتفاقم بسبب التيارات القوية في البحر، ولا يمكن قياس الأضرار الحاصلة في النظام البيئي البحري بسبب عمليات القوة الصينية البحرية، لكن من الواضح أن سبل عيش الصيادين الصغار بدأت تتلاشى نتيجة تراجع أعداد الأسماك التي يستطيعون صيدها.

* بولا كناك

* «دبلومات»

back to top