في ظلال الدستور: حماية حرية التعاقد والملكية الخاصة في مواجهة كورونا

نشر في 09-08-2020
آخر تحديث 09-08-2020 | 00:09
 المستشار شفيق إمام من الضمانات القانونية في العلاقات العقدية ما نص عليه القانون المدني في المادة (196) من أن:

"العقد شريعة المتعاقدين٬ فلا يجوز لأحدهما أن يستقل بنقضه أو تعديل أحكامه٬ إلا في حدود ما يسمح به الاتفاق أو يقضي به القانون".

وتنص المادة (197) على أنه: "يجب تنفيذ العقد طبقا لما يتضمنه من أحكام٬ وبطريقة تتفق مع ما يقتضيه حسن النية وشرف التعامل"، لذلك فإن العلاقة العقدية تحميها نصوص القانون الذي يلزم طرفي التعاقد باحترام التزاماتهما، وأداء ما التزما به، ويحتمي الأفراد في إبرام عقودهم وصون حقوقهم المستمدة من العقود التي أبرموها، بالمبادئ والضمانات الدستورية التالية:

1- الحرية الشخصية التي كفلها الدستور في المادة (30) باعتبار أن حرية التعاقد هي فرع من الحرية الشخصية، وهو ما استقر عليه القضاء الدستوري بأن: الحماية الدستورية تشمل الروابط العقدية باعتبار أن حق التعاقد، هو فرع من الحرية الشخصية التي كفلها الدستور للأفراد، التي ارتبط طرفاها بها فيما قررته لهما من حقوق مالية لأنها أحق بالحماية الدستورية وأكفل لموجباتها".

(جلسة 4 فبراير 1995 في القضية رقم 3 لسنة 16 قضائية دستورية، المحكمة الدستورية المصرية).

2 - ما تنص عليه المادة (18) من أن "الملكية الخاصة مصونة"، وما تقضي به المادة (19) من أنه "لا تكون عقوبة المصادرة الخاصة للأموال، إلا كعقوبة وبحكم قضائي، في الأحوال المبينة في القانون"، حيث قضت المحكمة الدستورية بأن: نصوص الدستور في حمايتها للملكية الخاصة، إنما تمد حمايتها إلى كل حق ذي قيمة مالية سواء كان حقاً شخصياً أم عينياً.

(جلسة 15/ 4/ 95 ق27 لسنة 16ق، المحكمة الدستورية المصرية).

3- حماية الحقوق المكتسبة: وهو ما قضت به المحكمة الدستورية في الكويت بجلسة 11/ 7/ 1981 في الطعن رقم (1) لسنة 1981 حيث قضت: "بأن القاعدة في تطبيق القوانين هو عدم سريانها على الماضي، لأن الرجعية تنزع من التشريع خصائصه نظرا لما تؤدي إليه من إخلال بالعدل واضطراب في المعاملات وزعزعة الثقة بالقانون، إلا أنه يرد على هذه القاعدة استثناء في المادة 179 من الدستور، وهو استثناء يستلزمه الصالح العام للجماعة لقيامه على أساس فكرة الضرورة، على ألا يمس ذلك حقوقاً للأفراد كفل الدستور حمايتها.

لذلك فإن الحقوق المكتسبة للأفراد في العلاقات العقدية لا يهدرها حتى القانون، فمن باب أولى لا تستطيع السلطة التنفيذية ذاتها أن تعدل أو تنقص الشروط التي اتفق عليها أطراف هذه العلاقة.

4– المساواة في الحقوق والواجبات العامة، وهو ما تنص عليه المادة (29) من الدستور، وقد قضت المحكمة الدستورية في مصر بأن مبدأ المساواة أمام القانون مؤداه ألا تخل السلطات التشريعية والتنفيذية في مباشرتها لاختصاصاتهما بالحماية القانونية المتكافئة للحقوق جميعها. (القضية رقم 122 لسنة 22 قضائية دستورية)، وأنها تمتد إلى حق التقاضي. (القضية رقم 17 لسنة 18 قضائية دستورية– جلسة 3/ 5/ 1997).

وحيث تنص المادة (198) على أنه: "إذا طرأت٬ بعد العقد وقبل تمام تنفيذه٬ ظروف استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها عند إبرامه٬ وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام الناشئ عنه٬ وإن لم يصبح مستحيلا٬ صار مرهقا للمدين٬ بحيث يهدده بخسارة فادحة٬ جاز للقاضي بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين٬ أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول٬ بأن يضيق من مداه أو يزيد في مقابله، ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك".

وإن جائحة كورونا باعتبارها من الحوادث الاستثنائية العامة غير المتوقعة تجيز للقاضي، إذا تداعى إليه أحد طرفي العلاقة العقدية، أن يرد التزامه إلى الحد المقبول، بما يعيد التوازن الذي اختل بسبب هذه الظروف.

ويورد الدستور في المادة (25) التي تكفل تضامن المجتمع في تحمل الأعباء العامة الناجمة عن الكوارث والمحن العامة، وكما يقول الإمام الأعظم أبو حنيفة "علمنا هذا رأي، فمن جاءنا بخير منه قبلناه".

back to top