انفجار مأساوي يهز بيروت

آلاف الإصابات... و«النيترات» مسؤولة

نشر في 05-08-2020
آخر تحديث 05-08-2020 | 00:10
لم يكن ينقص اللبنانيين الذين يعيشون أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وأخرى سياسية، فضلاً عن ضغوطات دولية مؤلمة، إلا دمار ميناء بيروت، الذي صمد خلال أكثر من 20 عاماً من الحرب الأهلية، والذي يعد إحدى البوابات الرئيسية لتزويد البلاد بمختلف حاجاتها.
صدم سكان العاصمة وضواحيها، بعد ظهر أمس، بصوت انفجار مدوٍّ، أدى إلى تساقط زجاج منازلهم رغم أنهم على بعد عشرات الكيلومترات من الميناء، ليتبين لاحقاً أنه خلّف أضراراً كبيرة في الأرواح والممتلكات طال نصف بيروت الإدارية.

وبينما أفاد أشخاص في جزيرة قبرص المواجهة للبنان، بسماعهم صوت الانفجار، قال محافظ بيروت مروان عبود إن «معالم المرفأ اختفت»، في حين أفاد أحد موظفي الجمارك بأن 5 عنابر دُمِّرت على الأقل بجميع ما تحويه من بضائع.

وفي معلومات أولية، أفيد عن مقتل أكثر من 30 شخصاً على الأقل، بينهم الأمين العام لحزب الكتائب نزار نجاريان، الذي كان يترأس اجتماعاً في مقر الحزب الرئيسي في الكارنتنيا الملاصق للمرفأ.

وتحدث الصليب الأحمر عن إسعاف ونقل مئات الجرحى، وسط فقدان الاتصال بالعشرات بينهم عناصر في الإطفاء.

وعجزت مستشفيات العاصمة عن استيعاب الجرحى الذين تجاوز عددهم 3 آلاف جريح، فجرى نقل ذوي الحالات الخفيفة والمتوسطة إلى مستشفيات المناطق، في وقت تعالت النداءات للتبرع بالدم.

وضمن آثار الانفجار، اشتعلت النيران في باخرة تحوي وقوداً قبالة المرفأ، كما تضررت المباني القريبة من البحر، وبينها مقر شركة الكهرباء التي سقط فيها عشرات الجرحى، وعلق فيها موظفون ساعاتٍ.

وجاء هذا الانفجار عشية بدء جلسات النطق الحكم من قبل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في 2005، في وقت لا يزال مستوى التوتر مرتفعاً بين إسرائيل من جهة وإيران و»حزب الله» من الجهة الأخرى، ما أثار على الفور تساؤلات عن توقيته الأمني واحتمالية أن يكون مدبراً، لكن مدير الأمن الداخلي اللواء عباس إبراهيم قال إن الانفجار وقع في عنبر بالمرفأ يحتوي مواد كيماوية شديدة الانفجار.

وكانت تقارير ترددت عن أن العنبر رقم 12، الذي يبدو أنه شهد الانفجار، مخصص لتخزين مفرقعات نارية، لكنّ مدير الجمارك أفاد بأن كميات من مادة النيترات هي التي تسببت فيما جرى. وأيّد وزير الداخلية محمد فهمي هذه المعلومة، كاشفاً أن مواد شديدة الانفجار مُصادرة منذ سنوات هي وراء الانفجار.

من ناحيته، قال ميشال قنبور ناشر موقع «ليبانون ديبايت» والمعروف بمتابعته الأمنية، إنه منذ 4 أشهر اكتشف أمن الدولة وجود هذه المواد شديدة الانفجار في المرفأ، ورفع تقارير إلى الجهات القضائية التي لم تبادر إلى اتخاذ أي إجراء.

وفي إسرائيل، التي توجهت إليها أصابع الاتهام، ذكر مسؤول إسرائيلي، طلب عدم ذكر اسمه، أن بلاده ليس لها علاقة بالحادث.

أما وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكينازي فقد اكتقى بالقول، إن الانفجار‭‭ ،‬‬على الأرجح، نتج عن حريق.

وأعلن رئيس مجلس الوزراء اللبناني حسان دياب اليوم (الأربعاء) يوم حداد وطني على الضحايا، بينما دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مجلس الدفاع الأعلى إلى اجتماع.

من ناحيته، قال رئيس وزراء لبنان السابق، سعد الحريري، إن «بيروت تستغيث والإعصار الذي أصابها يدمي القلوب»، داعياً أن يحمي الله «عاصمتنا وشعبنا من كل مكروه».

وقال الحريري، عبر «تويتر»، إن «الكل مدعو إلى نجدة بيروت والتضامن مع أهلنا في كل الأحياء التي تضررت»، لافتاً إلى أن «حجم الخسائر أكبر من أن يوصف، لكن الخسارة الكبرى سقوط عشرات القتلى والجرحى».

ومن جهته، أكد سفير الكويت لدى بيروت السفير عبدالعال القناعي، بعد اتصالات أجرتها السفارة، سلامة جميع الكويتيين الموجودين في لبنان.

وأهابت السفارة بكل الكويتيين هناك بأخذ أقصى تدابير الحيطة والحذر، وملازمة مقار سكنهم بشكل دائم، والتقيد بالإرشادات والتوجيهات الصادرة عن السلطات اللبنانية.

ودعت السفارة، في بيان، الكويتيين إلى الاتصال على هاتف الطوارئ (0096171171441)، في حال الحاجة إلى أي مساعدة.

وأعربت عن بالغ الأسى لهذا الحادث، متضرعة إلى الله تعالى أن يتغمد القتلى بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جناته، وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل، وأن يحفظ لبنان وشعبه الشقيق من كل مكروه.

دولياً، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن الوزارة تتابع عن كثب التقارير عن الانفجار، ومستعدة لتقديم «كل المساعدة الممكنة».

وأكد وزير خارجية بريطانيا دومينيك راب، أن بلاده مستعدة لتقديم المساعدة للبنان، في حين تقدم حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد بالتعازي للشعب اللبناني.

وفي وقت أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن «فرنسا واقفة وستقف دائماً إلى جانب لبنان واللبنانيين... إنها مستعدة لتقديم مساعدتها وفق الحاجات التي ستعبر عنها السلطات اللبنانية»، عرض وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف المساعدة.

back to top