هل تؤدي هزيمة المشروع التركي إلى موت الجماعة؟

نشر في 05-08-2020
آخر تحديث 05-08-2020 | 00:09
 د. عبدالمحسن حمادة جماعة الإخوان المسلمين ليس لها ولاء لوطن، ومن ليس له ولاء لوطن يشكل خطورة على الدولة التي ينتمي إليها، فتاريخهم مليء بالتآمر والتلون، وهدفهم كان منذ نشأتهم 1928 عودة دولة الخلافة العثمانية المكروهة من الدول العربية لما كانت تمثله من تخلف وعنجهية، فهم يمثلون فلول الإمبراطورية العثمانية المهزومة، ويتطلعون إلى إعادة بنائها ولا يتسامحون مع من يعارضهم، وتم اغتيال كتاب ورؤساء وزراء اعتقدت الجماعة أنهم يشكلون خطرا على فكرهم.

كانت نشأتهم في مدينة الإسماعلية قرب معسكر الاحتلال الإنكليزي مثار شك وريبة، حيث استغرب كل من تتبع نشأتهم كيف تمكن مؤسسهم حسن البنا وهو شاب في العشرينيات من العمر ولا يملك أي إمكانات سوى أنه مدرس للخط في مدرسة ابتدائية، كيف تمكن من تحقيق نمو سريع للحركة التي أسسها وهو قريب من معسكر الاحتلال، في حين كانت الأحزاب الوطنية يتعرض قادتها للاعتقال والنفي من سلطة الاحتلال، لذا يرون أن هذه الجماعة منذ نشأتها قامت بدعم مادي ومعنوي من سلطة الاحتلال لضرب الأحزاب الوطنية التي كانت تطالب بالاستقلال وطرد قوات الاحتلال.

واعترف البنا بتلقي دعم مادي من سلطة الاحتلال، وتعاون معهم عبدالناصر لإقصاء الأحزاب التي تطالب بالديمقراطية، ثم نكل بهم بعد محاولة اغتياله، وتعاون معهم السادات للتخلص من نفوذ الناصريين واليسار فاغتالوه، فهي جماعة سهلة باعت نفسها لكل مغامر، جربها المصريون عاما واحدا وطردوها شر طردة بعد أن أثبتت فشلها في إدارة الدولة، وحمدوا الله على أن حكمها لم يستمر أكثر من ذلك، وخصوصا بعد أن أحضروا رموز قتلة السادات ليشاركوا في احتفالات 6 أكتوبر، وأجلسوهم في المنصة التي تم فيها اغتيال السادات.

اليوم تبيع الجماعة نفسها للدولة التركية الحالمة بعودة الخلافة العثمانية، والتي بدأ قادتها يرددون أن نفوذهم كان ممتدا من النمسا إلى العراق، وقال علي أرياش رئيس الشؤون الدينية التركية وهو يلقي أول خطبة جمعة تلقى في أيا صوفيا بعد تحويلها من متحف إلى مسجد، قال إن السلطان الفاتح وهب أيا صوفيا لتركيا شريطة أن يظل مسجدا حتى قيام الساعة، واللعنة على من انتهك الشرط، وكان يمسك السيف بيده اليمنى كما يفعل خلفاء بني عثمان، وبجانبه الراية الخضراء التي اجتاح بنو عثمان العالم تحت ظلالها، والأهلّة الثلاثة التي تحملها تلك الراية رمز لقارات العالم القديم التي كانت تحت سيطرة العثمانيين، وكأنهم يتوقون إلى عودة النفوذ التركي.

آمل ألا تستطيع الجماعة الاستمرار في التضليل والخداع، وتظن أنها بمجرد أنها تحمل اسم جماعة الإخوان المسلمين دليل يكفي لإقناع الجماهير بنزاهتها، الجماهير تعرف تاريخها المليء بالموبقات والإرهاب، فهذه الجماعة نقلت نشاطها إلى إسطنبول، وتبدي فرحا وسعادة بالخطوات التي اتبعتها حكومة أنقرة لاحتلال ليبيا، ظنا منها أنها ستمكن الجماعة من حكم تلك الدولة الغنية بالنفط وذات الموقع الجغرافي المميز والواقع على الحدود المصرية، ومن ثم ستتمكن الجماعة من السيطرة على مصر.

بالطبع مصر لم تكن غافلة عما يجري في محيطها الإقليمي، لذلك وضع الرئيس المصري في 20/ 7 الماضي خطا أحمر بين سرت والجفرة، وتعهد في حال تجاوزه بتدخُّل مصر عسكريا، وحصل الرئيس المصري على تفويض من وجوه متعددة من الشرعية الليبية وتفويض من برلمان بلاده لإرسال عناصر من القوات المسلحة المصرية للدفاع عن الأمن القومي المصري الذي أصبح مهددا من المرتزقة والميليشيات الإرهابية المدعومة من الحكومة التركية، ولم يلتفت لطلب الرئيس ترامب الذي طلب منه التمهل في التدخل العسكري.

نتمنى ألا تقع الحرب بين الجانبين، لأن خسائرها مكلفة وفادحة، وقد يكون الخاسر الأكبر جماعة الإخوان، فحكومة أنقرة لا تحترم فكر الجماعة بل تستخدمهم لتحقيق أطماعها التوسعية، ونذكر الجماعة كيف أدى فشل مشروع الربيع العربي الذي روجوا له، إلى اجتثاثهم من كثير من البلاد العربية، فقد تؤدي هزيمة المشروع التركي إلى موت هذه الجماعة.

back to top