وثيقة لها تاريخ : داودينغ في عام 1903: الكويت نظيفة ومبنية جيداً ومزدهرة

نشر في 31-07-2020
آخر تحديث 31-07-2020 | 00:05
خصص النقيب هنري داودينغ، في تقريره عن الكويت، بعد زيارته لها عام 1901 /1902 (التقرير طبع عام 1903) قسماً منه ليتحدث عن مدينة الكويت. وداودينغ ليس أول من وصف المدينة، بل سبقه الكثيرون، وأولهم كان الرحالة السوري مرتضي بن علوان عام 1709. ومع ذلك، لابد لي من استعراض ما ذكره داودينغ من باب التوثيق ومن باب مقارنة المعلومات.

يقول داودينغ في الصفحة 17 من التقرير إن "مدينة الكويت تقع على ارتفاع بسيط، أو على لسان من الأرض ينتهي عند رأس عجوزة في جنوب هذا الخليج العظيم الذي أخذت اسمها منه". وكلنا يعرف رأس عجوزة وموقعه المقابل لقصر دسمان، وتقع فيه الجزيرة الخضراء اليوم، والذي كان ينتهي عنده سور الكويت الثالث، الذي لم يشاهده داودينغ.

وحينما يقول إن اسم الكويت أتى من الخليج فإنه يقصد الاسم القديم للكويت، وهو "القرين"، والذي ظهر على عدد من الخرائط القديمة التي رسمها رحالة أوروبيون وأتراك. ويقول بعد ذلك إن "مدينة الكويت تمتد ميلاً على ساحل البحر، وهي مزودة بمصدات مائية حقيقية عديدة تشكل موانئ للسفن المحلية". ووصفه هذا للمصدات، التي نطلق عليها محلياً اسم "نقع"، يؤكد أهمية هذه النقع وصلاحيتها لحماية السفن من أمواج البحر. ونظراً لأن الكويت تعتمد على الغوص والتجارة البحرية منذ نشأتها فإن النقع البحرية نشأت مع بداية الحياة في الكويت، واستمرت في ازدياد مع مرور السنين إلى فترة الخمسينيات من القرن الماضي. وكانت هذه النقع أملاكاً لأصحاب السفن والتجار يتم بيعها بينهم أحياناً، وتم تثمينها من الدولة في منتصف القرن العشرين تقريباً. وشاهد داودينغ عملية المد والجزر في الكويت، فقال في تقريره إن الساحل يجف إلى مسافة معتبرة إذا انحسرت مياه البحر، مما يتطلب استخدام الحمير لتفريغ حمولات السفن، ويعبر عن ذلك بقوله: "والرسو عندما يكون البحر منحسراً ليس أمراً سعيداً على الإطلاق، ويتم استخدام الحمير لتفريغ السفن، وعندما يحين وقت المد يصل الماء إلى الصف الأول من البيوت، ويكون سهلاً على السفن الرسو داخل الحدود الصخرية".

ومن أهم ما سطره داودينغ في تقريره عن مدينة الكويت ما أكده عن نظافتها، حيث قال: "إنها مدينة نظيفة بشكل ملحوظ، ومبنية بشكل جيد، وتبدو مزدهرة، وفيها العديد من المنازل المبنية من الصخور، وبعض المنازل المبنية من الطوب المجفف تحت أشعة الشمس".

كما أشار إلى أن "المدينة محاطة بسور منخفض له أبراج، إلا أنه ليس في حالة جيدة من أجل الدفاع". ويعتبر ما قاله داودينغ عن السور معلومة جديدة بالنسبة لي لم أطلع عليها في مصادر أخرى، إذ إنه يؤكد رؤيته للسور الثاني للكويت، مما يعني أن السور الثاني (أو أجزاء منه) صمد مع مرور الزمن إلى ما بعد عام 1901 /1902، ويمكننا اعتبار هنري داودينغ شاهد عيان على ذلك. وقد قدر الضابط البريطاني الاستخباراتي عدد سكان الكويت بـ 30 ألف نسمة في تلك الفترة، وأكد أن بعض اليهود يعيشون في الكويت وعددهم خمسون، ولهم معبد يخصهم. في المقال المقبل سنعرض ما قاله داودينغ عن عدد المحلات والبيوت والمساجد، وتفاصيل أخرى بإذن الله.

back to top