ومضة: ما بين شرف الخصومة وفجورها

نشر في 31-07-2020
آخر تحديث 31-07-2020 | 00:04
 أسامة العبدالرحيم تميزت الساحة السياسية الكويتية بتنوعها الفكري مقارنة مع جيرانها، ونرى هذا التنوع متمثلاً بالتيارات السياسية الفكرية المختلفة ومنطلقاتها، كقوى الإسلام السياسي بشقيّه (السني والشيعي) فنجد الإخوان المسلمين والسلف والخمينية والشيرازية وغيرهم، والقوى المدنية والديمقراطية أيضاً بأشكالها اليسارية التقدمية والليبرالية والقومية العروبية، وهذا ما يؤكد أن التجربة الكويتية شكلت أرضا خصبة لاحتضان وانتشار مثل هذه الأفكار المختلفة والمتناقضة في قالب ديمقراطي غير مكتمل، بالإضافة إلى هامش من الحرية المتقدمة نسبياً عن بقية دول المنطقة.

قبل أسابيع انتشرت تسجيلات صوتية قديمة ومسربة لبعض قيادات الأحزاب الدينية مع الرئيس الليبي السابق معمر القذافي أثارت جدلاً واسعاً في توقيت نشرها والهدف منها، وعلى تلك الأحزاب شرح ملابسات تلك التسريبات للرأي العام الكويتي بكل شفافية. تابعت ردود الأفعال وتباينها من صحف وقنوات وشخصيات إعلامية وسياسية، وللأسف سقطت الكثير من الأقنعة ووقعت في وحل التناقضات بتصفية خصومها الفكريين وإقصائهم.

للخصومة شرف ولكني لست بصدد التبرير والدفاع عن الإخوان المسلمين، فتاريخهم مليء بالإقصاء والإرهاب الفكري وحروب الوكالة، ومن يعرفني ويتابعني يعلم توجهاتي اليسارية وهويتي السياسية التقدمية منذ بداياتي مع العمل النقابي الطلابي في جامعة الكويت، وكتاباتي في جريدة "الطليعة" الأسبوعية، وانتخابي في قيادة اتحاد الشباب الديمقراطي الكويتي ذي التوجه المدني.

فقد كنت ومازلت في صراع سياسي وخلاف فكري عميق مع قوى الإسلام السياسي عموماً، ومشروعها القائم على أسلمة القوانين وبناء الدولة الدينية، وهذا ما يختلف جذرياً مع نهجنا في استكمال بناء دولة مدنية حديثة، ويتعارض مع أفكارنا في رفضنا للتكسب باسم الدين والمتاجرة به واستغلاله في السياسة، وذلك احتراماً للدين.

التاريخ يعري أصحاب المواقف المتناقضة والمبادئ الهشة، ونلاحظ بعضهم كأدوات يتم التلاعب بها كما في لعبة الشطرنج، وفيما يتعلق بموقفنا فمسطرتنا ثابتة، نعم نختلف مع خصومنا الفكريين والسياسيين لكننا ضد إقصائهم من باب إيماننا بالتعددية ومعارضتنا لأسلوب التصفية السياسية والانتقام من جهة، ورفضنا لمحاولات التأثير على سياسة الكويت الخارجية وجر البلاد لتكون ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية وكل ما فيه مساس باستقرارها وسيادتها من أيّ طرف خارجي من جهة أخرى.

لغة المبدأ يصعب استيعابها من قبل البعض، وهناك من يسعى إلى تخريب وعرقلة التجربة الكويتية الفريدة في المنطقة، علينا التمسك بوحدتنا الوطنية ومكتسباتنا الدستورية والديمقراطية، ونناضل من أجل استكمالها، نعم نختلف سياسياً وفكرياً لكن يجمعنا حب الوطن، وجمالنا في اختلافنا ورُقيّ خلافنا، وتبقى الكويت فوق الجميع.

back to top