هل تخوض الولايات المتحدة الحرب مع الصين للدفاع عن تايوان؟

نشر في 30-07-2020
آخر تحديث 30-07-2020 | 00:00
كي تستفيد تايوان من الولايات المتحدة بأفضل طريقة، يجب أن يساعدها الأميركيون في بناء نظام دفاعي خاص بها لردع الصين، لكن يجب أن تضمن واشنطن أمنها الخاص أولاً، كما سيكون الالتزام بخوض الحرب ضد الصين لمصلحة حكومة أخرى خطأً مريعاً.
 أميركان كونسرفاتيف أعلن النائب الأميركي تيد يوهو حديثاً عن التخطيط لإصدار تشريع حول "قانون منع غزو تايوان" قبل أيام لإلزام الولايات المتحدة بشن الحرب ضد الصين في حال هاجمت تايوان، ولطالما حظي هذا الاقتراح بتأييد واسع في أوساط الحكومة الأميركية، لكن قبل ربط الولايات المتحدة بمصير تايبيه، لا بد من إجراء تحليل عميق للوضع.

في أي نقاش حول اتفاق محتمل يُلزِم الولايات المتحدة بشن الحروب، يجب أن نعرف في المقام الأول طريقة تأثير تلك الحروب على مصالح البلد، لا سيما الأمن القومي، وإذا تعرّضت تايوان للهجوم، فهل ستواجه الولايات المتحدة تهديداً مباشراً؟ وإذا التزم الأميركيون بالدفاع عن تايوان، فما المكاسب التي سيحصدونها مقارنةً بالمخاطر المحتملة؟ ستكون الأجوبة عن هذه الأسئلة بالغة الأهمية. يعرف الجميع أن الأميركيين يدعمون حق شعب تايوان باكتساب الحرية وتحديد شكل الحكم الذي يناسبه وتقييم إيجابيات وسلبيات الانضمام إلى الصين، لكن ما الثمن المطلوب من الولايات المتحدة لتحقيق طموحات بلد آخر بالحرية؟

من المتوقع أن يؤدي أي صراع ضد الصين بسبب تايوان إلى مقتل أعداد كبيرة من الجنود الأميركيين على الأرجح، فقد تطوّر الجيش الصيني خلال العقدَين الماضيَين لمنع الولايات المتحدة من مهاجمة الصين عن طريق أنظمة تعوق الوصول إلى أراضيها، لكن في حال فشلت أنظمة الردع، بَنَت الصين قوة دفاعية قادرة على إغراق السفن الأميركية وتعطيل الأقمار الاصطناعية وإسقاط الطائرات المقاتلة من مسافة بعيدة، وإذا اندلعت حرب برية، يملك الصينيون أكثر من 375 مليون رجل بعمر التجنيد لحشد الجيش.

تعطي الصين أهمية وطنية كبرى "لإعادة ضمّ" تايوان التي تقع على بُعد 100 ميل فقط من سواحلها (لكنها تبعد عن الولايات المتحدة أكثر من 7500 ميل)، وبالتالي فقد يكون الصينيون مستعدين لدفع ثمن باهظ مقابل المطالبة بتلك الجزيرة، ونظراً إلى وفرة الالتزامات العسكرية الأميركية في أماكن أخرى من العالم، فمن المستبعد أن يحشد الأميركيون القوة اللازمة لهزم أي هجوم صيني متقن، وستكون محاولة إرسال الإمدادات إلى منطقة تبعد آلاف الأميال عن الولايات المتحدة شاقة من الناحية اللوجستية في مطلق الأحوال.

وحتى لو منع الأميركيون الصين من الاستيلاء على الجزيرة بطريقة ما، ستكون التكاليف والخسائر التي يتكبدونها مريعة، والأسوأ من ذلك أنهم قد يضطرون لاحتلال تايوان ومتابعة الدفاع عنها طوال عقود على الأرجح مقابل كلفة متزايدة، وفي ظل تصاعد التكاليف التي يتكبدها البلد أصلاً بسبب فيروس "كوفيد-19"، ستُجبَر الولايات المتحدة على تخفيض ميزانية الدفاع وسيؤدي اضطرارها الدائم لحراسة تايوان والدفاع عنها عبر أعداد كبيرة من القوات العسكرية إلى إفلاس البلد حرفياً.

اعتُبِر النائب يوهو في البداية عضواً له ميول ليبرالية في الكونغرس، حتى أنه طرح قراراً كان سيسمح بتقييد صلاحيات الرئيس المرتبطة بشن الحروب في عام 2015، لكنّ اقتراح استعمال القوات الأميركية للدفاع عن تايوان لا يعكس أي فكرة مبتكرة، بل إنه يشتق من أسوأ القواعد الشائعة في الأوساط السياسية، وكي تستفيد تايوان من الولايات المتحدة بأفضل طريقة، يجب أن يساعدها الأميركيون في بناء نظام دفاعي خاص بها لردع الصين، لكن يجب أن تضمن الولايات المتحدة أمنها الخاص أولاً، كما سيكون الالتزام بخوض الحرب ضد الصين لمصلحة حكومة أخرى خطأً مريعاً لأن الكلفة المحتملة على الأميركيين قد تتمثل بخسارة الحرب أو تحقيق نصر مكلف لدرجة أن يفلس البلد ويتعرّض الأمن الأميركي لمخاطر كبرى.

على جميع المستويات إذاً، لن يصبّ توسيع الضمانات الأمنية لتايوان في مصلحة الولايات المتحدة.

*دانيال ل. ديفيس

* «أميركان كونسرفاتيف»

back to top