مصر وإثيوبيا: لا خيار عسكرياً في «أزمة سد النهضة»

الرئيس عبدالفتاح السيسي : نحن في معركة تفاوض طويلة ولن نوقع شيئاً لا يحقق مصلحتنا

نشر في 29-07-2020
آخر تحديث 29-07-2020 | 00:04
عرض جوي لسد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق  (أ ف ب)
عرض جوي لسد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق (أ ف ب)
غلّب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لغة الحوار من أجل حل الخلاف مع إثيوبيا بشأن «سد النهضة»، مؤكدا أن حكومته ستحافظ على حق مصر بمياه النيل عبر «معركة تفاوضية قد تطول»، ومستبعداً طرح البعض لفكرة اللجوء للحلول العسكرية، فيما استبعدت أديس أبابا احتمالية نشوب حرب مع القاهرة بسبب السد.
سادت لغة سلمية بين مصر وإثيوبيا أمس تؤكد عدم رغبة البلدين في الانجرار إلى صدام عسكري بسبب الخلاف حول "سد النهضة"، الذي تبنيه الأخيرة على نهر النيل. وأكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن بلاده تعوّل على التفاوض لحل النزاع والحفاظ على حقوقها في مياه النيل رغم المخاوف من تأثرها بالسد الاثيوبي الضخم.

وبدد الرئيس المصري التكهنات الشائعة بأن بلاده قد تلجأ إلى استخدام القوة العسكرية ضد السد الاثيوبي، وقال: "نحن في معركة تفاوض قد تطول لكن لن نوقع على شيء لا يحقق مصلحتنا".

وجاءت تصريحات السيسي التي أدلى بها خلال افتتاح منطقة صناعية في مدينة الروبيكي لطمأنة المصريين إزاء السد الذي شيدته أديس أبابا على مجرى النيل الأزرق بما قد يهدد تدفق حصة القاهرة من مياه النيل، وقال: "اطمئن المصريين بخصوص ملف سد النهضة. لن يستطيع أحد أن يجور علينا أو يجور على حقوق مصر وأمنها القومي، سواء في قضية المياه أو غير ذلك". وشدد على أن "الأسد محدش بياكل أكله". وأكد السيسي: "هذه القضية، تاريخية، مثل الهرم والحضارة المصرية قامت منذ آلاف السنين على ضفاف النهر العظيم، ومن هنا تأتي عدالة موقفنا وقضيتنا، لكن في ذات الوقت الموقف المصري الثابت يرى أنه إذا كان من حق الدول استخدام المياه في التنمية فمن حقنا نحن عدم تعرضنا لأي ضرر".

وتابع السيسي: "نحن في معركة تفاوض ربما ستطول لكن لن نوقع على شيء لن يحقق المصلحة القومية"، مطالباً الإعلام بأن يقوم بدوره دون استخدام لغة التهديد.

وأضاف: "شواغلنا هي العمل لأن العمل يمنحنا القوة والردع لمن يحاول المساس بحقوقنا"، معتبراً أن "نهضة المصريين من خلال مشاركة كل المصريين"، لافتا إلى أن "مواجهة التحديات مش بالجيش والشرطة بس، بينا كلنا بما فينا الجيش والشرطة".

واردف قائلا: "كل إنسان مصري عنده شكل من أشكال القلق بسبب سد النهضة يفضل يشتغل ويشتغل ويشتغل. وبلاش كلام كتير ومعنديش إلا الشغل وبس، لآخر يوم فى حياتي أو الموقع ده. ونبني البلد قوية وقادرة أكثر من اللي هي فيه عشرات المرات. البلاد مش بتتهد من بره لكنها بتتهد من جوه".

وتعتبر تصريحات السيسي أوضح رسالة مصرية بأن القاهرة لا تعتزم استخدام القوة لحل النزاع مع أديس أبابا، وأنها اختارت المضي في التفاوض رغم بدء إثيوبيا ملء خزان السد دون اتفاق مع مصر والسودان.

استبعاد إثيوبي

على الجانب الاثيوبي صدرت تصريحات متزامنة تستبعد نشوب صراع مسلح مع مصر بسبب القضية. وقال السفير الإثيوبي في موسكو أليمايهو تيغينو أرغاو إن نشوب نزاع عسكري بسبب الخلافات حول بناء السد أمر غير واقعي.

وأضاف أرغاو ردا على سؤال حول احتمال حدوث نزاع عسكري حقيقي في المنطقة : "لا. جوابي لا".

وأوضح: "الآن هناك مفاوضات ثلاثية بشأن السد تجري تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، واعتقد أن جميع المشاكل ستحل قريباً جداً. سد النهضة الإثيوبي الكبير ليس سببا في الصراع. السد منشأة ثمينة للمنطقة. إنه مصدر للتعاون، وليس للصراع"، مشيراً إلى أن "قيام مصر بطلب تدخل مجلس الأمن الدولي في المفاوضات الثلاثية بشأن السد يعد أمرا لا معنى له ولا جدوى منه".

وأكد السفير: "بناء السد قضية تنمية، وليس قضية أمنية، وهي قضية إثيوبية، وقضية إقليمية. وستعود بالفائدة على إفريقيا وعلى إثيوبيا. ولا يناقش مجلس الأمن هذه القضايا. ولا يشكل السد تهديدا أمنيا، وبالتالي، فإن إثيوبيا منذ البداية لم تدعم الطلب المصري".

استئناف المفاوضات

وكان الناطق باسم وزارة الري المصرية قال مساء أول أمس إن دولتي المصب، مصر والسودان، أعربتا عن شواغلهما إزاء الملء الأحادي الذي قامت به إثيوبيا الأمر الذي القى بظلاله على الاجتماع وأثار تساؤلات كثيرة حول جدوى المسار الحالي للمباحثات والوصول إلى اتفاق عادل للملء والتشغيل وهو ما سبق وحذرت منه القاهرة والخرطوم، وأشار السودان إلى بعض العواقب الناجمة عن هذا التصرف الأحادي. وجاء ذلك خلال أولى اجتماعات الجولة الثانية للدول الثلاث برعاية الاتحاد الإفريقى وبحضور مراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وخبراء مفوضية الاتحاد الافريقي وذلك استكمالاً للمفاوضات التي تهدف للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم بخصوص ملء وتشغيل "النهضة".

وأضاف المتحدث أن الاجتماع خلص إلى ضرورة إعطاء الفرصة للدول الثلاث لإجراء المشاورات الداخلية في ظل التطورات الأخيرة، في إطار السعي نحو التوصل لحلول للنقاط العالقة الفنية والقانونية واتفق السادة الوزراء على معاودة عقد الاجتماع يوم الاثنين المُقبل.

back to top