«حرب نفسية» بين إسرائيل و«حزب الله» في جنوب لبنان

● الحزب ينفي صحة إعلان إسرائيل إحباط عملية تسلل له ويتوعد بالرد على مقتل أحد عناصره بسورية
● نتنياهو يأمر وزراءه بعدم التصريح معتبراً أن الحادث الأمني لم ينته بعد ويدفع بتعزيزات إلى الحدود

نشر في 28-07-2020
آخر تحديث 28-07-2020 | 00:05
مدفعية إسرائيلية على الحدود الشمالية أمس (ا ف ب)
مدفعية إسرائيلية على الحدود الشمالية أمس (ا ف ب)
لا يزال الغموض والترقب سيدَي الموقف على الحدود بين لبنان وإسرائيل في وقت بدا أن «حزب الله» وتل أبيب يخوضان حرباً نفسية إثر مقتل أحد عناصر الحزب بغارة إسرائيلية قرب دمشق.
بدا أمس أن الحدود في جنوب لبنان ستبقى رهينة «حرب نفسية» تخوضها حزب الله وإسرائيل، في إطار مواجهة أكبر تمتد إلى إيران، وحملة الضغوط القصوى التي تشنها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عليها.

وبعد أيام من الترقب أعقبت مقتل عنصر من الحزب يدعى علي محسن، في غارة إسرائيلية قرب مطار دمشق بسورية، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه أحبط عملية تسلل لحزب الله، وتبادل النار مع عناصر من الحزب دون وقوع قتلى في صفوفه.

وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن القوات الإسرائيلية «أحبطت محاولة فرقة إرهابية من حزب الله التسلل» عبر حدود مع الأراضي التي تحتلها إسرائيل، ولم تقع إصابات بين الإسرائيليين، مضيفا: «اشتبكنا بعد فترة وجيزة من عبورهم الخط الأزرق».

وقدر ان هذه الفرقة التي ضمت ما بين 3 و5 مسلحين عادت أدراجها إلى لبنان.

وزعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي ان الخلية تمكنت من التسلل إلى داخل الخط الأزرق، والعبور إلى منطقة «سيادية إسرائيلية».

وأكد مصدر لبناني أن حزب الله أطلق صاروخا موجها على دبابة إسرائيلية، لكن المتحدث العسكري الإسرائيلي اللفتنانت كولونيل جوناثان كونريكوس قال للصحافيين إنه ليس لديه علم بأي حادث من هذا القبيل.

ووقعت تلك العملية في منطقة مزارع شبعا، التي تحتلها إسرائيل، ويطالب لبنان بالسيادة عليها، وتعتبر الأمم المتحدة تلك المنطقة جزءا من الأراضي السورية التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وردت إسرائيل بقصف مدفعي، وسقطت إحدى القذائف على منزل مدني في الهبارية.

وبعد أقل من ساعتين أصدر حزب الله بيانا جاء فيه: «يبدو أن حالة الرعب التي يعيشها جيش الاحتلال الصهيوني ومستوطنوه عند الحدود اللبنانية، وحالة الاستنفار العالية والقلق الشديد من ردة فعل المقاومة على جريمة العدو التي أدت إلى استشهاد الأخ المجاهد علي كامل محسن، وكذلك عجز العدو الكامل عن معرفة نوايا المقاومة، كل هذه العوامل جعلت العدو يتحرك بشكل متوتر ميدانياً وإعلامياً على قاعدة يحسبون كل صيحة عليهم».

واضاف البيان: «ان كل ما تدعيه وسائل إعلام العدو عن إحباط عملية تسلل من الأراضي اللبنانية إلى داخل فلسطين المحتلة، وكذلك الحديث عن سقوط شهداء وجرحى للمقاومة في عمليات القصف التي جرت في محيط مواقع الاحتلال بمزارع شبعا غير صحيح على الإطلاق، وهو محاولة لاختراع انتصارات وهمية كاذبة».

وتابع: «تؤكد المقاومة الإسلامية أنه لم يحصل أي اشتباك أو إطلاق نار من طرفها في أحداث اليوم حتى الآن، وإنما كان من طرف واحد فقط هو العدو الخائف والقلق والمتوتر»، لافتا الى أن «ردنا على استشهاد الأخ المجاهد علي كامل محسن، الذي استشهد في العدوان الصهيوني على محيط مطار دمشق الدولي، آت حتماً، وما على الصهاينة إلا أن يبقوا في انتظار العقاب على جرائمهم».

وختم: «كما أن القصف الذي حصل اليوم على قرية الهبارية، وإصابة منزل أحد المدنيين لن يتم السكوت عنه على الإطلاق. وإن غدا لناظره قريب».

وبعد مقتل اثنين من أعضاء حزب الله في دمشق أغسطس الماضي، توعد حسن نصرالله زعيم الجماعة بالرد من لبنان، إذا قتلت إسرائيل المزيد من مقاتليه في سورية.

وكان نعيم قاسم، نائب نصرالله، بعث رسالة واضحة لا لبس فيها عشية العملية، مستبعدا أي حرب بين الحزب وإسرائيل في الأشهر المقبلة.

وفي إسرائيل، قال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، خلال اجتماع طارئ للحكومة الامنية المصغرة، إن ما حدث على الحدود لم ينته بعد، وأمر الوزراء بعدم التصريح عن الحادث، وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الجيش بعث تعزيزات كبيرة إلى الحدود.

من ناحيتها، حضّت قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في لبنان (يونيفل) الأطراف المعنية على "التحلي بأقصى درجات ضبط النفس"، وقالت إنها تجري اتصالات للتهدئة.

كما غرد رئيس "حزب التوحيد العربي" وئام وهاب، على "تويتر"، بالقول: "أشك أن ما حصل في الجنوب عملية للمقاومة، ولكن يبدو الإسرائيلي مرتعبا من عملية، هذا ما حصل باختصار".

ونشر الجيش الإسرائيلي، أمس، بطاريات مضادة للصواريخ من منظومة "القبة الحديدية" ومدافع على طول الحدود الشمالية مع لبنان، في ظل توتر على جانبي الحدود بعد مقتل علي كامل محسن، أحد أفراد "حزب الله" في قصف إسرائيلي قرب دمشق في 20 يوليو الجاري.

وكانت مصادر عسكرية إسرائيلية، رجحت أن يعمد الحزب إلى تنفيذ هجوم على جنود إسرائيليين في المناطق الحدودية، في محاولة انتقامية لمقتل محسن.

ووفقاً لـ"هيئة البث الإسرائيلي" أمس، فقد منع الجيش جنوده وآلياته من تسيير دوريات محاذية للحدود اللبنانية.

وأمس الأول، خلال تفقّده قاعدة عسكرية قرب الحدود مع لبنان، حمّل وزير الدفاع الإسرائيلي "لبنان وسورية مسؤولية ما يجري في أراضيهما وانطلاقاً منها". وقال غانتس: "نحن لا نسعى إلى توتير الأوضاع" لكنّه حذّر من "رد فعل قوي جداً" لإسرائيل على أي اختبار لقوتها، مؤكداً "أننا لن نتنازل عن مصالحنا الأمنية".

وفي وقت سابق، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن قائد المنطقة الشمالية في الجيش أمير برعام، إن تقديرات الجيش تشير إلى أن "حزب الله" يخطط لعملية انتقامية.

وكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي أفيخاي أدرعي، على "تويتر": "نظراً إلى تقييم الوضع، تقرر إرسال تعزيز بقوات مشاة إلى القيادة الشمالية العسكرية".

وكان نتنياهو قال أمس الأول، إن "إسرائيل لن تسمح لإيران بالتموضع على الحدود الشمالية، وإن سورية ولبنان يتحمّلان المسؤولية عن أي اعتداء على إسرائيل ينطلق من أراضيهما".

وضربت إسرائيل الجمعة أهدافاً عسكرية في جنوب سورية رداً على إطلاق نار من سورية على أراضيها.

وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله توعد العام الماضي بأن يرد الحزب من لبنان على مقتل أي من عناصره في سورية. وفي سبتمبر الماضي اندلعت جولة تصعيد مشابهة.

«درون»

وسقطت أمس الأول، في الأراضي اللبنانية طائرة مسيّرة من دون طيار (درون) تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، ولم يتضح بعد ما إذا كانت الطائرة أُسقطت أم أنها تحطمت بسبب خلل تقني.

وجاء في بيان للجيش الإسرائيلي أن "الطائرة المسيّرة سقطت خلال عملية عسكرية عند الحدود"، موضحا أن "لا خوف من انكشاف معلومات منها".

قاسم

في المقابل، أعلن نائب الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم، إنه لا يتوقع اندلاع حرب في الأشهر المقبلة.

وفي مقابلة مع تلفزيون "الميادين"، أوضح قاسم: "ما حصل في سورية هو عدوان أدّى إلى استشهاد علي كامل محسن، ولا جواب حول الردّ بانتظار القادم من الأيام، وليحسب الإسرائيلي ما يشاء".

وتابع قاسم إن "معادلة الردع قائمة مع إسرائيل، ولسنا بوارد تعديل هذه المعادلة، كما لا تغيير في قواعد الاشتباك" وتابع إن "الأجواء لا تشي بحصول حرب في ظل الإرباك الداخلي الإسرائيلي وتراجع ترامب في الداخل الأميركي والإسرائيليون لا يضمنون ربحهم في أي حرب، بل يرجحون الخسارة، وهو ما جعلهم مرتدعين طيلة 14 عاماً، كما أن محور المقاومة كان ولا يزال في موقع الدفاع وبالتالي أستبعد أجواء الحرب في الأشهر المقبلة".

وبينما تحدث موقع "المدن" عن قدرة الأميركيين والإسرائيلين على فرض المعركة حيث يشاؤون، مضيفاً أن "لا شيء يمنع إسرائيل أو طائرات أخرى من تنفيذ عمليات مجهولة داخل الأراضي اللبنانية واستهداف مواقع أساسية لحزب الله أو مخازن صواريخه"، كتبت صحيفة "الأخبار" الموالية لـ"حزب الله"، في عنوانها الرئيسي "الرد آت لا محالة"، على عكس ما أوحت به تصريحات نعيم قاسم، وشددت على ما قاله نائب الامين للحزب بأنه "لا جواب حول الردّ بانتظار القادم من الأيام، وليحسب الإسرائيلي ما يشاء".

لهجة "حزب الله" المهادنة قابلها تهديد ايراني أطلقه من بيروت السفير الايراني ​محمد جلال فيروزنيا، الذي أجاب بعد لقائه مفتي ​الجمهورية عبداللطيف دريان​، رداً على سؤال، عن احتمال شن حرب إسرائيلية على لبنان "لا أعتقد ان الكيان الإسرائيلي في وضع يسمح له بارتكاب الحماقات تجاه لبنان، والعدو لا يمكن أن ينسى الهزيمة التي لحقت به في ​حرب يوليو 2006​ وإذا ارتكب أي مغامرة فستكون هناك ضربة قاسية في انتظاره"، معتبرا أن "محور ​المقاومة​ أقوى من أي وقت مضى وهناك المزيد من الانتصارات أمام المحور".

حتّي

من ناحيته، أكد ​وزير الخارجية​ اللبناني ​ناصيف حتي​، في حوار مع "سكاي نيوز عربية"، أن "تاريخ ​إسرائيل​ في المنطقة تاريخ عدواني، و​لبنان​ متمسك ب​قوات اليونيفيل​ في ​جنوب لبنان​ وسندافع عن أرضنا ضد أي عدوان".

ولفت إلى أن "مخاوف إسرائيل غير مبررة"، منوها إلى أن لبنان "ملتزم التزاماً كلياً بمدرجات قرار مجلس الأمن 1701، المتعلق بحفظ الأمن والسلم في جنوب لبنان"، مضيفاً:"أؤيد ​سياسة​ الحياد الإيجابي ولا نريد الدخول في محاور هنا وهناك ولا نتدخل في شؤون دول أخرى".

«مخاوف إسرائيل غير مبررة ومتمسكون بـ «​اليونيفيل»​ في ​جنوب لبنان» حتّي
back to top