وجهة نظر: العوامل المؤثرة في أسعار النفط معقدة

نشر في 26-07-2020
آخر تحديث 26-07-2020 | 00:30
 د. عبدالسميع بهبهاني إن العوامل المؤثرة على سعر برميل النفط تطورت وتعقدت بصورة سريعة منذ انسحبت الولايات المتحدة (1971) من الاتفاقية برايتون وودز (1944)، التي كانت تنظم ثبات عملة الدولار الأميركي، حيث إن الدول المنتجة للنفط اعتمدت العملة الأساسية لتسعير النفط والغاز. بسبب الانسحاب الأميركي عوم صرف العملات الأوروبية بالكامل، مما سبب حصول تذبذبات كبيرة في أسعار صرف العملات الدولار. بموجب ذلك حصل تأثير في قيمة الإيرادات من بيع النفط والغاز في الأسواق العالمية، تضررت من هذه الحالة منظمة دول اوبك لأنها الجهة الرئيسية المصدرة للنفط في العالم. هذه البداية سببت تذبذبات كبيرة لسوق النفط مما دفع باستحداث طرق متعددة في تثبيت توازن أسعار النفط. فأعيد النظر في نظم العرض والطلب فظهرت أنظمة جديدة للبيع والشراء (الآنية والآجلة)، وحساب العوامل الجيوسياسية والتنسيق النظامي في الحصص. في هذا البحث نتطرق إلى تطور عامل أساسي والمرجعي في تحديد سعر النفط، وهو المبني على المحتوى النوعي للتركيب الكيميائي المبني على كثافة وحموضة النفط. من هذين المحتويين الكيميائيين تتعدد أنواع من النفوط وفي مناطق متعددة بالعالم، وبما أن 60 إلى 65% من النفط يستهلك بطاقة وقود النقل فقد عرفت جودة الزيت الخام بكثافته من الخفيف الى الثقيل ونسبة حموضته من الحلو الى الحامض. وقد استخدمت معايير معهد البترول الأميركي (API) في تحديد الوزن النوعي للنفط. فالنفط الخفيف ما كانت كثافته أعلى من 38 درجة والثقيل ما كانت كثافته أقل من 22 درجة، والنفط الحلو ما كانت نسبة الكبريت فيه أقل من 0.5%، والحامض ما كانت نسبة الكبريت فيه أكثر من 0.5%. من هذا المحتوى الكيماوي النسبي ينطلق 185 نوعا من النفط، أشهر هذه النفوط مزيج خام برنت الذي يعد مرجعا لأكثر من 60% من نفوط العالم، وخام غرب تكساس المتوسط (WTI) الذي يعتبر مرجعا لإقليم أميركا الشمالية، وأثقل من هذين المرجعين هو مزيج خام الإشارة دبي/ عمان الحامض.

يعتبر خام مزيج برنت بكثافة 38.06 درجة API ونسبة كبريت 0.37%، وهو مزيج نفوط 15 حقل في بحر الشمال في حوالي منطقة برنت؛ ويعتبر مرجعا لنفوط أوروبا وإفريقيا والشرق الاوسط وآسيا وتداوله في سوق لندن.

خام غرب تكساس الوسيط (WTI) ذو الكثافة 39.6 درجة ونسبة كبريت 0.24% يعتبر مرجعا قياسيا لنفوط أميركا الشمالية، ويتداول في أسواق نايمكس بالولايات المتحدة. المرجعان يعتبران معيارين للنفوط الخفيفة الحلوة خام مزيج الاشارة دبي عمان ذو الكثافة 31 درجة ونسبة كبريت 2% يعتبر مرجعا لقياس تسعير نفوط منطقة الخليج والنفوط المتوسطة الثقيلة، والثقيلة وهي الأكثر طلبا عليها للمصافي والأكثر تداولا في الأسواق العالمية.

اكتشفت الكويت الزيت الخفيف في المكمن الجوراسي في حقلي برقان والصابرية في 2006 بكثافة الزيت تقدر 48 درجة ونسبة كبريت 5% وبعد المعالجة صدرت الكويت أول كمية لها في يوليو 2018 عن طريق شحنتين 500 ألف برميل بمعدل 57 ألف برميل يوميا بمسمى السوبر لايت (KSLC) بكثافة 48 درجة ونسبة كبريت 0.4%. للكويت الآن أربعة أصناف من الزيوت للتصدير وهي الثقيل، والثقيل المتوسط، والخفيف المتوسط، والخفيف. بصورة سباقة للخطة انتجت الكويت المزيج المحسن لكثافة 38 درجة ونسبة كبريت 0.24% المشابه لخام برنت المرغوب عالميا حاولت الكويت تسويق المزيج المحسن ولكن حداثة الدخول للسوق والمنافسة لهذين المنتجين لنفس المواصفات وبخصومات سخية جعل المشروع أفشل المنتج الكويتي المحسن من المنافسة لسعر خام برنت رغم تفوقه عليه! واستمرت الكويت خلال 2000 إلى 2019 تصدر المتوسط الحامض 31 درجة ونسبة كبريت 2.5%.

ورغم منطقية زيادة الطلب على المحتوى النوعي للنفوط، ومن ثم التأثير على أسعارها ارتفاعا، فإن ظهور عوامل غير مباشرة أعاقت العلاقة، وأهمها العامل الجيوسياسي. وما أثير حديثا حول فكرة تحول منظمة منتجي النفط "أوبك بلس" إلى بنك نفطي على نمط البنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي جديرة بالمتابعة، لأن فيها التنسيق للعوامل المؤثرة المتفرقة في زعزعة توازن السوق النفطي.

* د. عبدالسميع بهبهاني خبير واستشاري نفط.

back to top