مكافحة الاتجار بالبشر تتطلب جدية أكبر

نشر في 23-07-2020
آخر تحديث 23-07-2020 | 00:20
 أ.د. غانم النجار ثمة ترابط بين الاتجار بالبشر، بما في ذلك استغلال الأطفال، والنساء، وغسل الأموال، والفساد الدولي، والمخدرات، وغير ذلك من أدوات ومظاهر الجريمة الدولية المنظمة، وبالتالي فإن أي إصلاح لأيٍّ من تلك السلوكيات لابد له أن يأخذ بالاعتبار مدخلاً شمولياً، فنحن في زمن "الاستراتيجية الدولية للفساد"، كما يتضح مما يحدث في مسارات الفساد عندنا وعند غيرنا.

صدر أخيراً عن "الخارجية" الأميركية التقرير العشرون عن الاتجار بالبشر، ويغطي أكثر من 195 دولة ومقاطعة. ومع أن "الخارجية" الأميركية تُصدر تقارير أخرى كـ"حقوق الإنسان" وهو الأقدم، و"الحُريات الدينية"، و"مكافحة الإرهاب"، ومكافحة الفساد وغيرها، إلا أن "الاتجار بالبشر" له وضع ووزن نوعي مختلف، فللتقرير منهجية أكثر وضوحاً، ويتضمَّن إجراءات عقابية، كمنع المساعدات أو الإقراض والتعاون مع الدول الساقطة في امتحان الاتجار بالبشر الأميركي.

يرتب التقرير الدول ٤ مراتب، وفق درجة التزامها بالحد الأدنى بمعايير مكافحة الاتجار بالبشر. وحسب ما هو معروف عن أداء الحكومة من تراخٍ واستهتار وعدم جديَّة، فإن الكويت لم تحصل أبداً على المرتبة الأولى منذ صدور التقرير سنة 2000، بل قبعت في المرتبة الدنيا مدة 11 سنة، ولم ترتفع "تحت المراقبة" إلا من سنتين، ثم في الدرجة الثانية خلال السنتين الفائتتين. وكان الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، تدخَّل في البداية، بحُكم صلاحياته، لاستثناء الكويت، لكي لا تسقط إلى الدرجة الدنيا، لكن نظراً لعدم القيام بالإصلاحات المطلوبة، تم سحب الاستثناء، نزلت إلى الدرجة الدنيا، ولولا بعض المتغيِّرات لظلت في هذه الدرجة.

يوجِّه التقرير جُملة انتقادات للكويت، منها الإصرار على التعامل مع قضايا الاتجار بالبشر بإجراءات إدارية، رغم صدور قانون، كذلك استمرار نظام الكفيل.

ظهرت السفيرة الأميركية في الكويت لأول مرَّة لإعلان صدور التقرير، معلنة بعض التحسُّن في الأداء الكويتي، لكنها أكدت أنه ما زالت هناك قضايا عالقة على الكويت أن تعدلها. ومع أنها استخدمت أقصى درجات الدبلوماسية، إلا أنه إثر ذلك صرَّح "مصدر مسؤول"، لم يذكر اسمه ولا منصبه، بأن الكويت استجابت لكل المتطلبات، وأنهم سيجهزون رداً على المزاعم الأميركية.

لا بأس، لكن السؤال يبقى قائماً: لماذا تفشل؟ أو فلنقل: لماذا لا تنجح الكويت في مكافحة الاتجار بالبشر؟ ولا يعنينا هنا استجابتها للتقرير الأميركي، لكن إصلاح الأوضاع البائسة المستمرة، لكي يكون المجتمع أكثر استقراراً وأمناً واتساقاً مع القيم الإنسانية الواردة في دستورها، والتي تفجر جزء منها أثناء أزمة كورونا، وما سبب استمرار تلك القضايا المثارة منذ سنة 2000 دون علاج حقيقي، باستثناء "رتوش" هنا وهناك، لتحسين الصورة الخارجية، مما جعلنا من دول القاع؟!

back to top