هل تعد جماعة «مجاهدي شرق إندونيسيا»... تهديداً على إندونيسيا؟

نشر في 21-07-2020
آخر تحديث 21-07-2020 | 00:00
 ذي دبلومات لطالما عانت إندونيسيا من وباء التشدد العنيف الذي ترافق مع اعتداءات شهيرة في جاكارتا وسورابايا وبالي، فقد أصبحت "الجماعة الإسلامية"- فرع من تنظيم "القاعدة" اعتُبِر خلال فترة معيّنة الأخطر على الإطلاق- غير فاعلة اليوم، لكنها كانت وراء سلسلة من الاعتداءات خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ليس في إندونيسيا فحسب، بل في الفلبين أيضاً، حتى أنها خططت لشن اعتداءات في سنغافورة، وغداة عمليات المفرزة-88 (وحدة مكافحة الإرهاب في الشرطة الإندونيسية)، لم تعد "الجماعة الإسلامية" ناشطة، مع أن عدداً من عناصرها لا يزال معتقلاً في إندونيسيا. في السنوات الأخيرة أصبحت "جماعة أنصار الدولة" التابعة لـ"الدولة الإسلامية" أكثر جماعة قتالية ناشطة في البلاد، وتشمل أشهر اعتداءاتها هجوم جاكارتا في عام 2016 وتفجيرات سورابايا في 2018، وفي ظل هذا الوضع نشأت جماعة قتالية أخرى اسمها "مجاهدي شرق إندونيسيا"، وتربطها علاقات مع مقاتلين إندونيسيين رفيعي المستوى في "الدولة الإسلامية في العراق والشام" وكانت أول جماعة إندونيسية تقسم يمين الولاء لـ"الدولة الإسلامية" في 2014. وبعدما قتلت قوى الأمن الإندونيسية زعيم "مجاهدي شرق إندونيسيا" سانتوسو في 2016، ظن الكثيرون أن التنظيم كله سينهار، لكن بدءاً من 2020، يبدو أن جماعة "مجاهدي شرق إندونيسيا" استرجعت جزءاً من قوتها، فأطلقت اعتداءات متعددة خلال الأشهر القليلة الماضية وأثبتت قوة تحمّلها، فبعد سانتوسو، تسلم علي كالورا قيادة الجماعة وأصبح السبب الأساسي لعودة التنظيم إلى الواجهة، فقد نشأ علي كالورا في جبال وأدغال "بوسو ريجنسي" في وسط سولاويزي وتتفوق جماعته على القوى الإندونيسية لأنه يعرف تلك المنطقة جيداً.

تظن السلطات أن جماعة "مجاهدي شرق إندونيسيا" تشمل 12 مقاتلاً تقريباً، لكن بين يناير وأبريل هذا العام اعتُقِل 17 عنصراً مشتبهاً فيه أو تابعاً لهذه الجماعة، مما يثبت أن أرقام السلطات عن عدد المقاتلين لا يعكس الواقع، ولا تشمل هذه الأرقام على الأرجح مناصري الجماعة، لا سيما في منطقة "بوسو ريجنسي" حيث شارك آلاف الناس في جنازة سانتوسو، حيث تُعتبر هذه المنطقة أيضاً نقطة قابلة للاشتعال بسبب الصراعات الطائفية، فقد شهدت أعمال عنف بين المسيحيين والمسلمين في أواخر التسعينيات وبداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وقُطِعت هناك رؤوس فتيات مسيحيات في 2005، إذ يحاول علي كالورا الاستفادة من هذه المشاعر المشحونة.

لا تزال قيادة العمليات الأساسية في "جماعة أنصار الدولة" بعيدة عن الأضواء، على عكس علي كالورا، فهو يظهر في فيديوهات "مجاهدي شرق إندونيسيا" ويدعو إلى شن الاعتداءات، حتى أن هذه الحركة تبدو أكثر نشاطاً من "جماعة أنصار الدولة" في العالم الرقمي، فهي تنشر فيديوهات لقطع رؤوس السكان المحليين بعد الاشتباه في نقلهم معلومات إلى قوى الأمن، وهذه النشاطات ترفع مكانة الجماعة وتُذكّرنا بما فعلته "الدولة الإسلامية" لزيادة نفوذها وكسب تأييد عناصر متطرفة نتيجة الصدمة التي تُحدِثها عملياتها، وقد أعلن علي كالورا أن فيروس كورونا الجديد هو لعنة ضد "الطغاة" وشنّ عناصر "مجاهدي شرق إندونيسيا" عمليات هجومية ميدانية خلال شهر رمضان. سعت جماعة "مجاهدي شرق إندونيسيا" بقيادة علي كالورا إلى زيادة تمويلها، ويُقال إنها تلقّت الأموال من شبكات إرهابية وداعمين في الخارج، فهذه الجماعة تحاول تحسين قدراتها التفجيرية، فقد استولت السلطات على مواد وقنابل خلال حملات المداهمة، في الوقت نفسه، تتوسع الروابط بين "جماعة أنصار الدولة" و"مجاهدي شرق إندونيسيا"، وفي السنة الماضية اعتقلت السلطات خمسة مقاتلين لهم صلة بالجماعتَين معاً، وتفيد التقارير بأن المسؤول المالي في "جماعة أنصار الدولة" اعترف بأنه تلقى تعليمات بإرسال بعض الأموال إلى "مجاهدي شرق إندونيسيا"، وحاول كالورا أيضاً تجنيد المزيد من العناصر واستفاد من الفكرة القائلة إن الدولة الإندونيسية لا تهتم بالسكان المسلمين في "بوسو ريجنسي".

لا تزال جماعة "مجاهدي شرق إندونيسيا" صغيرة ومحصورة في وسط سولاويزي لكنها كسبت شكلاً من الاحترام في أوساط المجاهدين الإندونيسيين، وفي حين تعمل هذه الجماعة على إعادة تجميع عناصرها وترسيخ مكانتها، من المتوقع أن تتابع هذا المسار وتكسب دعماً إضافياً من المتطرفين في إندونيسيا والخارج تزامناً مع محاولة إنشاء شبكات لوجستية فاعلة مع جهات أخرى مثل "جماعة أنصار الدولة". باختصار سيبقى التهديد الذي تطرحه جماعة "مجاهدي شرق إندونيسيا" على جاكارتا محدوداً لكنه بارز.

* أوداي باخشي

*«دبلومات»

back to top