من هنا نبدأ

نشر في 17-07-2020
آخر تحديث 17-07-2020 | 00:05
 ناجي الملا يقال إن هناك قرية تزرع الحبوب وكان هناك نوع من الطيور يأكل ربع المحصول، فقرروا إبادة هذه الطيور، وفعلا تمت الإبادة، وظن أهل القرية أن الحصاد سيكون مكتملاً، إلا أنهم فوجئوا بأن المحصول عند الحصاد كان بمقدار الربع لأن غياب الطيور أدى إلى انتشار الديدان والآفات التي أكلت ثلاثة أرباع المحصول، فما كان منهم إلا أن أخذوا يبحثون عن ذلك النوع من الطيور ليعيدوا توطينه ويقنعوا بثلاثة أرباع المحصول.

انظروا إلى التلف الذي تفشى في المحصول كنتيجة لإبعاد وإبادة المعارضة شبه التامة في البرلمان، وفي دوائر الحكم وملاحقة المغردين المخلصين وذوي الرأي الصادق. لقد نخرت آفات الفساد والنهب والتعويق في كيان المجتمع ومقوماته بعد أن تسللت إلى مفاصل الحياة السياسية وأجهزة الدولة، ونتج عن ذلك ما نراه من حصاد الفضائح المر الذي تتكشَّف عنه الأحداث كل يوم، وآخره فضيحة الصندوق الماليزي، وفضائح غسل الأموال وما نراه من تراجع فظيع على كل الصُّعُد مما لا غرابة معه أن تتنبّأ السفيرة الأميركية بأن الكويت لن تبقى بعد سنة 2020، لأن أعيانها مشغولون بنهب ثرواتها. لإنقاذ الوضع يجب وبالسرعة الممكنة إعادة غرس المعارضة المخلصة والواعية بكل أطيافها في البرلمان وفي كل مفاصل الدولة وفي وسائط الإعلام والتوجيه، وإذا فعلنا ذلك فسنحصد من خلال وجودها أضعاف المحصول دون نقصان وستباد آفات الخراب والنهب. وإعادة توطين المعارضة المخلصة سهل، مجرد تغيير نظام الصوت الواحد، ووقف كل أشكال الدعم للمرشحين الآفات، فنحن نريد معارضة مخلصة وقوية تملك الحرفية والفهم الفني، ولا نريد معارضة زاعقة تلعب على وتر المطالب الشعبوية والوعود الجوفاء.

وتأكيداً لذلك على المعارضة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني أن تقدم مشروع برنامج عمل حكومي في هذه المرحلة فقط (لأن برنامج العمل هذا له آلية ذكرناها في مقال سابق)، فيتضمن البرنامج قانون الخصخصة ونظاما للضريبة واستهدافات تؤدي إلى التطوير وإصلاح كل خلل، وحل الأزمات عبر أهداف محكومة بمعايير كمية وزمنية وفق معادلة تحافظ على الرفاهية، مع تحمل المسؤولية، ووفق مبدأ الثواب والعقاب. وإذا جاءت الحكومة على قاعدة برنامج العمل هذا فسيتخطى إنجازها توقعات الناس، بل يخذل تشكيكات المشككين، كما صنع وزير النفط السابق الدكتور رشيد العميري وأخمد حرائق النفط في ثلاثة أشهر بدل ثلاث سنوات كما أشيع يومها من الشركات الأحنبية.

وأنا أقول إن هذا الرجل وأمثاله كوزير المالية السابق عبداللطيف الحمد وحمد الجوعان رحمه الله صانع التأمينات، وبدر الحميدي عبقري الإسكان، ومنهم كثرة هذه الأيام، سنرى أثرهم في تخفيض التركيبة السكانية لتصل إلى 30٪ غير كويتيين و70٪ كويتيين، باستثناء العمالة المنزلية، كما أعلن سمو رئيس مجلس الوزراء، فيُخذل المستهزئون كما ستسير عملية التطوير بخطى العملاق نحو تحقيق المشاريع الكبرى كمشروع مدن وطرق الحرير، وما يرتبط به من مشاريع فرعية كتطوير الجزر، وإقامة محطات توليد الطاقة من المصادر المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومشاريع الأمن الغذائي وإعادة تصنيع النفايات، واستثمار السواحل كلها شمالاً وجنوباً، وتحريرها لإقامة مشاريع ترفيهية وإسكانية وتطوير التعليم وتوفير فرص العمل.

يقول تعالى "وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً"، فقوانين الكون ستتغير إذا تغيرت مسلكيتنا واستقمنا، هكذا أخبرنا خالق الكون ومُنزل الشريعة جلَّ في عُلاه.

back to top