صقر الغانم (1845- 1918) الحلقة (2)

حنكته في تموين الجيش ومنعه هجوم الظفير على الرياض

نشر في 16-07-2020
آخر تحديث 16-07-2020 | 00:04
أكثر الشخصيات التي تحظى بتوثيق تاريخها عادة هي الشخصيات السياسية من قادة الدول والجيوش العسكرية، ورغم أننا أمام شخصية عسكرية فذة لديها الكثير من المؤهلات القيادية، فإنها لم تنل حظها من التوثيق الجيد.

صقر الغانم قائد عسكري يمتلك من الصفات، حسب ما ورد في الوثائق التاريخية والكتب المؤلفة عن تاريخ الكويت، ما لا يتوافر في شخصية أخرى، ذلك لأنه عاش في حقبة مليئة بالأحداث والمعارك المصيرية في تاريخ الكويت، إبان حكم الشيخ مبارك الصباح.

وفي كتابه الذي نعرضه على حلقات، حرص المؤلف فيصل الزامل على تتبع كثير من المصادر التي تناولت الأحداث المتعلقة بصقر الغانم، سواء كانت عربية أو أجنبية.

اقرأ أيضا

يذكر الزامل أننا أمام شخصية عسكرية يندر تكرارها في تاريخ الكويت الحديث، لما تتمتع به من شجاعة وإقدام وذكاء ودهاء في الحرب وحسن تصرف في المواقف الصعبة.

ويؤكد المؤلف أن صقر الغانم لم ينل حظه من التكريم الذي يستحقه، لا سيما إذا قورن ذلك بمنجزاته وانتصاراته العسكرية وما قدمه من تضحيات لأجل الكويت، بل إنه تعرض لمعاملة قاسية لم يكن أحد يتوقعها، بسبب وشاية ثبتت براءته منها، كما سيتبين خلال الحلقات... وفيما يلي تفاصيل الحلقة الثانية:

لما كانت الإبل والخيل هي القوام الرئيس للجيش الكويتي الذي كان يتخذ من الجهراء نقطة تجمعه الرئيسة، فقد كثرت مرابط تلك الدواب في الجهراء ذات الآبار الوفيرة، إلا أن إنتاجها من الأعلاف لم يكن كافيا لتلك الأعداد الكبيرة من الإبل والخيل و«الركايب»، الأمر الذي دعا صقر الغانم الى ترتيب نقل كميات كبيرة من الأعلاف من منطقة العشار في العراق الى الجهراء، كما كان يرسل رجاله قبيل موسم الأمطار في شهر سبتمبر إلى بر الصبية لحراثة الأرض وبذرها بحبوب الشعير والبرسيم (الجت) على مسافات طويلة جدا في البر، ثم إذا سالت الشعيب يسقيها المطر، وتنمو شتلات الشعير والبرسيم وتوفر لتلك الدواب مصادر إضافية من الطعام، وهو أسلوب مطبق في العراق ويسمونه الزراعة البعلية.

وكانت طبيعة صقر العسكرية تجعله دائم اليقظة في مختلف ساعات الليل، ويروي أحد الذين رافقوه في السفر في غير أوقات المعارك أنه لا ينام باكراً، وإذا اشتكى رفاقه من السهر قال لهم: «تعودت، في وقت الكون (الحرب) بالليل ما ننام، إذا نمت ما تدري وش يصير من القوم حواليك»، وهي صفات كثير من قادة العسكر في تلك الأزمنة.

وبمراجعة التسلسل الزمني للأحداث يتضح جليا أن النجاح في صد الهجوم ساعد الكويت في المحافظة على قدراتها البشرية والمادية، فلما طلب الأمير عبد العزيز بن سعود من الشيخ مبارك مساعدته في تنفيذ خطته المتمثلة بدخول الرياض كانت الكويت قادرة على تقديم الدعم اللازم، ونجح الأمير عبد العزيز فعلا في محاولته الثانية التي تمت في 15 يناير 1902، بعد حوالي شهرين فقط من انسحاب بن رشيد من بادية الكويت، وهذا الدعم من الكويت لابن سعود لم يكن ممكنا لو نجح بن رشيد في اقتحام الكويت وتخريبها.

واستمرت الكويت في دعم الأمير عبد العزيز بن سعود حتى بعد فتح الرياض في يناير 1902، حينما أرسل الشيخ مبارك جيشا بقيادة صقر الغانم لاعتراض مسيرة قبيلة الظفير لمهاجمة الرياض بتوجيهات من بن رشيد لمهاجمة بن سعود في أبريل 1902، الأمر الذي عزز حماية مدينة الرياض التي كانت لا تزال في بواكير عهدها الجديد.

منع هجوم الظفير على الرياض

جاء في كتاب تاريخ الكويت السياسي لحسين خلف الشيخ خزعل، الجزء الثاني، صفحة 176 ما يلي: «بلغ الأمير عبدالعزيز الرشيد نبأ فتح الرياض بعد مغادرته ماء الحفر بقليل، فلم يعر الأمر اهتماما زائدا، بل استخف بغريمه واستسهل أمره ظنا منه أن في استطاعته القضاء عليه حينما يشاء وكانت نتيجة هذا الاستخفاف وعدم الاهتمام الكافي من قبل بن رشيد توطيد دعائم إمارة الأمير عبدالعزيز السعود على نجد ورسوخ أركانها.

وفي 9 أبريل 1902م عزم الأمير بن رشيد على المسير لمقاتلة خصمه بن سعود ليمنع تقدمه في بقية نجد فدارت بينهما معارك ووقائع، كان النصر في أكثرها حليفا للأمير بن سعود، فندم بن رشيد على عدم إسراعه لمقابلة خصمه قبل استفحال أمره، ولكن «سبق السيف العذل»، أما الشيخ مبارك فلم ينقطع عن مناصرة الأمير عبدالعزيز السعود، فكان يبعث إليه بالقوافل المجهزة بالأطعمة والذخيرة والأسلحة ويزوده بالخطط الحربية لأنه رأى في انتصاراته على خصمه الأمير عبدالعزيز الرشيد ردا على ما ناله من الخسائر في حرب الصريف.

ويقول حسين خزعل: «بلغ الشيخ مبارك أن الأمير عبدالعزيز الرشيد أخذ بالسعي لتدبير خطة هجومية على الرياض لاسترجاعها، وأنه يفاوض بعض القبائل لتشد أزره ومن ضمنها قبيلة الظفير التي كانت يومئذ مقيمة على ماء يدعى (الوقبا) فجهز الشيخ مبارك جيشا وأسند قيادته إلى صقر آل غانم ليغزو به قبيلة الظفير، فسار ذلك الجيش ونزل على ماء يدعى (اللصافة) ليستكشف قوة عدوه فوجدهم قد ارتحلوا من (الوقبا) متجهين نحو الرياض، فأمر صقر جيشه بحمل كمية من الماء تكفيهم لثلاثة أيام، وأسرع بالمسير إلى متابعة قبيلة الظفير، فلحق بهم وانقض عليهم انقضاض الصاعقة فكبدهم خسائر فادحة بالأموال والأرواح وفرقهم، وبهذا أحبط الشيخ مبارك عزيمة الأمير عبدالعزيز الرشيد من القيام عن مهاجمة الرياض».

وقال بعض كبار السن عن موقع الوقبا من الحفر: «هي في الشمال المائل للغرب من الحفر وعدد آبارها أربع وطولها 35 باعا، وهي: القاعية، والغدير، والمرقب، وخربقا، وتقع إلى الشرق من سماح وهي مورد ماء قديم يعود للعصر الجاهلي وصدر الإسلام.

وتناول العقيد ركن متقاعد علي عبد اللطيف خليفوه هذه الحادثة في كتابه (موسوعة المعارك الكويتية، من عام 1783 الى عام 1928) في الصفحات (133 - 137) بقوله: «حدثت هذه المعركة عام 1902م حينما كلف الشيخ مبارك قائده الشجاع صقر الغانم بقيادة هذه المعركة، فسار جيش صقر الغانم من الهراء إلى منطقة اللصافة في الطرف الشمالي الأوسط من منطقة الصمان، ومن هناك قرر الهجوم على الظفير في الوقبا، ولقد أراد بذهابه الى اللصافة أن يصادفهم إذا كانوا قد تحركوا من الوقبا التي تقع جنوب الحفر بمسافة 70 كيلومترا».

إلى أن يقول: «وفي 12 مايو 1902 فجراً، فاجأهم بهجوم صاعق وهم منتشرون... وترك من انسحب من الموقع سواء راجلا أو راكبا، ولم يقم الفارس صقر بمتابعة المنهزمين بل تركهم، وكذلك لم يهاجم الحريم والأطفال بل تركهم مع رواحلهم، وقد احتج الإنكليز لدى الشيخ مبارك على هذا العمل، وحذروه من التدخل في شؤون نجد، لذا تنصل من هذه الواقعة ونسبها الى الإمام عبدالرحمن الفيصل».

كما ذكر الشيخ عبد العزيز الرشيد الحادثة نفسها (الوقبا) في كتابه (تاريخ الكويت)، في الصفحة 175: «شعر مبارك الصباح بمكاتبة تدور بين بن رشيد، والظفير لاستمالتهم إليه، ووقوفهم لجانبه في الحروب المقبلة التي ستثور بينه وبين خصميه مبارك الصباح وابن سعود، وإغلاقا لذلك الباب الذي كان يخشى مبارك منه، بادر بتجهيز جيش عرمرم بقيادة صقر الغانم القائد المشهور لغزو تلك القبيلة، وكانت قد نزلت وهي في طريقها إلى الرياض على (الوقبا) وهي مجموعة أربع آبار بالقرب من حفر الباطن، فسار صقر الغانم بجيشه من أطراف الكويت الى (اللصافة) ثم منها أراد الإغارة عليهم، متخذا ماء الحفر مورداً له في غارته، ولو فعل ذلك لهلك ومن معه جميعا نظراً لعادة الأعراب في دفن الآبار التي في طريق من يخافون من غارته.

ونظرا لحزم صقر ومعرفته بتلك العادة فقد أرسل قبل غارته رجلين يكشفان له حقيقة الماء فسار الرجلان إلى الحفر كما أمرهما صقر، وهناك لم يجدا في الآبار قطرة من الماء، فأسرعا بالعودة الى الجيش وأخذا يجاريان الرياح في هبوبها– نفس اتجاه الريح ما أمكن لمنع الجفاف- خوفا على أنفسهم من العطش، ولكن مع ذلك أصيب أحدهما بألم شديد كاد يقضي عليه وأوشك ألا يصل حيا.

أما صقر فلم يمنعه ذلك الخبر من تنفيذ خطته، وقد كان فارسا شجاعا جسورا مقداما، فقرر الإغارة من اللصافة متخذا ماء (الوقبا) الذي نزلوا عليه هو المورد، متخطيا الحفر وماءه، واستعد لهذا الغرض بماء لثلاثة أيام، ثم سار ينهب الأرض نهبا حتى نزل عليهم نزول الصاعقة، وهم لا يشعرون فاستولى على كثير من أموالهم ومواشيهم، وكان في معيته آل سليم وآل مهنا وكان معه شاعره الخاص (ملا علي)، ثم كر راجعا الى الوطن بعد أن ملأ حقائب جنده من الأموال والغنائم بعد أن شرب وإياهم كأس العز والنصر، وكان مبارك الصباح في انتظاره في الجهراء، وقبل الوصول الى الجهراء أرسل الشاعر ملا علي قصيدة رائعة يمتدح فيها مبارك الصباح، ويذكر مواقف صقر الغانم ووضعها بيد باتل بن شعف الرشيدي لينشدها أمام مبارك بالنيابة عنه، فأنشدها كما أوصاه، فوقعت عند الشيخ مبارك موقع الاستحسان وأعجب بها وبقائلها أيما أعجاب، وأمر بإحضاره ليسمعها منه بنفسه وقد لبى الشاعر الطلب.

معركة هدية

وقعت معركة هدية في 1910م وكانت بين جيش مبارك وجيش شيخ سعدون باشا بن منصور السعدون، وخسر فيها جيش الشيخ مبارك المعركة، وانسحبت جموع الجيش تاركة ما كانت تحمله من أسلحة وذخيرة وخيام وأحمال ليغنمها سعدون باشا وأتباعه، ولكثرة الغنائم السهلة سميت تلك المعركة «هدية».

وكان الباعث لتلك المعركة قيام قبيلة الظفير بقيادة مطني بن حلاف بنهب أغنام لعثمان بن راشد، أحد تجار الكويت، وكان مطني بن حلاف من أحلاف سعدون باشا، فطلب منه مبارك إعادة تلك الأغنام فلم يجبه بل أغار على قبائل تابعة للكويت، عريب دار، وقبيلة مطير، لهذا سير إليه جيشا بقيادة ابنه جابر ومعه سلطان نجد الأمير عبدالعزيز بن سعود، وانتصر سعدون في المعركة والسبب إعجاب الجند بكثرة جيش الكويت، واعتبر بعضهم أنه ذاهب للتجارة كي يشتري من الغنائم التي يحصل عليها غيره، فحملوا معهم أموالا نقدية كثيرة، ومنهم من استعد بالأصباغ لتمييز الأغنام التي سيشتريها، فالاستعدادات لم تكن قتالية بالمقام الأول.

وهذا يؤكد أن معظم تلك المعارك كانت تتم لأسباب اقتصادية، ولفرض السيطرة على المراعي لصالح قبائل هذا الطرف أو ذاك، كونها المصدر الرئيس للدخل في تلك الفترة، ولهذا لم تكن المعارك تتوقف حتى تنشب من جديد.

معركة مزبورة

بعد معركة هدية خرج جيش بقيادة الشيخ جابر المبارك وصقر الغانم بعد أن تم تجهيزه بالسلاح والعتاد، وكان معهم الشيخ أحمد الجابر وإبراهيم بن جابر الفاضل الصباح وعبدالعزيز بن حسن، وفي شمال الجهراء ونتيجة للأثر السيئ الذي تركته معركة هدية أشار عبدالعزيز الحسن على جابر المبارك الصباح بالرجوع عن بحثهم المضني عن الظفير، لكن تحذيراته وخوفه من قوة الأعداء لم تجد آذانا صاغية لدى جبر وصقر.

وكان لا بد من قطع دابر التردد الذي أثاره عبدالعزيز الحسن في نفوس الرجال، لهذا وبعد أن جاوز الجيش آبار (كابدة) واقترب من اللقاء بالعدو أمر القائدان جابر وصقر الرجال بإفراغ ما معهم من ماء على وجه الأرض، وأفهموا الجيش أن الماء الوحيد موجود عند العدو الذي يتوقعون ظهوره في أي لحظة، وكان جابر قائد معركة هدية عندما خذله رجاله وفروا تاركين كل شيء في ميدان المعركة، ومعظم من معه الآن هم بعض أولئك الرجال، وفيهم من جاء يطلب مكسبا سهلا دون عناء، فهو بعد تفريغ القرب لم يبق له إلا ماء لشرب هذا اليوم فقط، والباقي عليه أن ينتصر على العدو ليصل إليه، وبعد هذه الخطوة خاطبهم جابر بحزم قائلا: «من لا ينصح لنا في القتال فليس عندنا إلا القتل»، وبعد أن انتهى جابر، وقف صقر الغانم مخاطبا الشيخ جابر المبارك بحماسة المقاتل، ووجه حديثه الى الجيش قائلا: «إنكم في الحقيقة لم تجمعوا الجند إلا لمثل هذه الأيام العصيبة، ولا شك أن الجند سيبذلون قصارى جهدهم في ذلك، وسنرخص بالنفس والنفيس، والواجب عليكم يقتضي ألا تنظروا غدا إلى الغنائم والأموال من العدو وتنشغلوا بها عن الواجب»، فقال جابر المبارك لصقر: «لقد قلت الحق ونطقت بالحكمة».

وجاء في كتاب «تاريخ الوطن العربي الحديث والمعاصر» للدكتور إبراهيم خليل العلاف: «يقال إن الشيخ مبارك تلقى أخبار هذه المعركة (هدية) بعزيمة قوية فعقد النية على الأخذ بالثأر، فاستمر يجمع الأسلحة ويحشد القوات للإجهاز على خصمه سعدون باشا، فلما اجتمع شمل هذه القوات سيرها مبارك الى سعدون المنصور، وكلف الشيخ مبارك الصباح ابنه الشيخ جابر بقيادة هذا الجيش يعاونه في القيادة صقر الغانم، والشيخ أحمد الجابر وتجمع هذا الجيش الكبير في الجهراء، حيث كان وسائط نقل هذا الجيش من إبل وخيل تشرب من مياه الجهراء، وترعى في مراعيها.

وبعد أن أكمل الجيش ترتيباته وتنظيم صفوفه تم توزيع الأسلحة على أفراده، وتم تجهيزه بالتموين والذخائر اللازمة، وأصبح جاهزا بالعدد والعتاد والعدة، تحرك الجيش من الجهراء بهمة ونشاط وعبر شعيب الباطن متجها الى الشمال حتى وصل الى آبار (جابدة) وفيها إحدى عشرة بئرا قليلة العمق، وهي تقع ضمن بادية العراق، فوردت ركائب هذا الجيش على هذه الآبار، وشربت منها ثم واصل جيش مبارك المسير حتى وصل الى الأرض القريبة من آبار (الخنقة) التي يقطن عليها العربان أيام القيظ الشديد، ومن تلك البادية شاهد الجيش (قطعانا) كثيرة من الإبل بعضها يعود الى العشائر الموالية لسعدون باشا وبعضها يعود لعشائر مهادنة ومتصالحة مع سعدون، وذلك لكي يسمح لها بالرعي في الأراضي الواقعة تحت سيطرته في ذلك الزمان، وقد أخذ عليها سعدون مقابل السماح لها بالرعي عهودا ومواثيق بألا تساند غيره أو تناصر أحدا ضده».

ويقول الرشيد في كتاب «تاريخ الكويت»: «وعندما أبصروا- يقصد رجال جيش مبارك- إبل العدو التي ملأت الفضاء وضاقت منها البيداء، وليس معها إلا قليل من الرجال وجدوا أهلها في غفلة عما فوجئوا به، فأغاروا عليها صباحا وفي مقدمتهم صقر الغانم، ولكن صقراً وحده صرف همته قبل كل شيء الى قتال الحماية والإجهاز عليها، فكان كلما اجتمعت عليه شتت شملها بسيفه وسنانه، وهكذا الى ان قتل وجرح كثيرا منها، وانهزم الباقون تاركين من ورائهم غنيمة باردة.

واستبسل استبسالاً يشهد له به، وعاد الجيش الى الكويت بعد أن غنم الكثير من إبل الظفير، وسميت هذه المعركة عند أهل العربان (مزبورة) وجاء الاسم من «تزبير الحلال» أي تجميعه وتكديسه لأن أهل الكويت في هذه المعركة كسبوا الحلال (الإبل) بسهولة وزبروه تزبيرا في ساحة الصفاة».

شجاعة صقر تجبر شيوخ القبائل على دفع الزكاة

من الأمثلة على العسكرية التامة التي كان يمارس فيها صقر الغانم مهامه تلك الحادثة يرويها ابن أخيه العم علي بن شاهين الغانم أنه كان في موسم الغوص موجودا في منطقة النويصيب، وعندما بلغه وجود عمه صقر الغانم بالمنطقة ذهب للسلام عليه ثم التقاه بعد عودته، حيث قصد إحدى القبائل التي تحظى بحماية الجيش الكويتي عندما تتعرض تلك القبيلة للغارات، ولكنها اليوم تمتنع عن دفع الزكاة لأمير الكويت، وردوا عامل الزكاة، بن وقيان قائلين له: «ما لكم زكاة عندنا»، روى علي بن شاهين تلك الحادثة قائلا: «كان عدد المرافقين لصقر الغانم اثني عشر رجلا فقط، وأرسل لتلك القبيلة من يخبرهم بمجيئه، فلما وصلت الأخبار إلى القبيلة المقصودة باقتراب صقر الغانم منهم أرسلوا رجلا ليتعرف على حجم القوة المصاحبة له، فلما رأوها لا تزيد على هذا العدد اطمأنوا إلى أنه ليس غزوا أو تحركا عسكريا ضدهم، واجتمع شيوخهم للقائه في مضيف واحد، فلما دخل صقر إلى الخيمة، وكان رجاله يقفون من ورائه، لم يجلس بل سأل وهو قائم «من اللي منع الزكاة عن الكويت؟» قالوا «حنا»، صاح صقر برجاله «سلاحكم» فوجهوا أسلحتهم الى الجالسين داخل الخيمة رغم وجود العرب خارجها، وخاطبهم صقر بصوت مرتفع «إذا صار عليكم كون (غزو) جيناكم طايرين، أراوحنا قدامنا تفداكم، وإذا صار وقت الزكاة منعتوها، من يصرف على هالجيش؟»، عندها رد كبيرهم عليه قائلا: «بس.. بس.. يا صقر إحنا عيال اليوم ولا يجيك إلا اللي يرضيك»، فقال صقر «ما يجيني شيء، يروح للشيخ مبارك بالكويت، وما أقعد إلا أستلم منكم محابسكم (أختامكم) الحين، فأخرج شيوخهم أختامهم التي يمهرون بها رسائلهم، فجمعها صقر، وحدد لهم موعداً للقائهم بعد أسبوع في الكويت عند الشيخ مبارك، ويوقفون زكاة إبلهم وأغنامهم بالصفاة بإشراف عامل الزكاة.

استعدادات الكويت بعد «الصريف» حالت دون دخول بن رشيد إلى الكويت ومهدت لفتح الرياض

طبيعة صقر العسكرية جعلته دائم اليقظة في مختلف ساعات الليل

صقر الغانم خاض معارك عديدة بشجاعة دفاعاً عن الكويت في عهد الشيخ مبارك

أهم واجبات الجيش كانت حماية المواشي وأصحابها من السلب والنهب

جيش الكويت بقيادة الغانم وجابر الصباح استبسل في معركة «المزبورة» وغنم من إبل الظفير ما يملأ الفضاء

جيش الشيخ مبارك خسر في معركة هدية وانسحب فغنم سعدون باشا ما كانت تحمله جموع الجيش من أسلحة وذخيرة وخيام وأحمال

الغانم باغت قبيلة الظفير وانقض عليها كالصاعقة في «الوقبا» وكبدها خسائر فادحة في الأموال والأرواح
back to top