صقر الغانم (1845- 1918) الحلقة (1)

هزيمة «الصريف» لم تثنه عن الاستعداد لمعارك أخرى

نشر في 15-07-2020
آخر تحديث 15-07-2020 | 00:04
أكثر الشخصيات التي تحظى بتوثيق تاريخها عادة هي الشخصيات السياسية من قادة الدول والجيوش العسكرية، ورغم أننا أمام شخصية عسكرية فذة لديها الكثير من المؤهلات القيادية، فإنها لم تنل حظها من التوثيق الجيد.

صقر الغانم قائد عسكري يمتلك من الصفات، حسب ما ورد في الوثائق التاريخية والكتب المؤلفة عن تاريخ الكويت، ما لا يتوافر في شخصية أخرى، ذلك لأنه عاش في حقبة مليئة بالأحداث والمعارك المصيرية في تاريخ الكويت، إبان حكم الشيخ مبارك الصباح.

وفي كتابه الذي نعرضه على حلقات، حرص المؤلف فيصل الزامل على تتبع كثير من المصادر التي تناولت الأحداث المتعلقة بصقر الغانم، سواء كانت عربية أو أجنبية.

يذكر الزامل أننا أمام شخصية عسكرية يندر تكرارها في تاريخ الكويت الحديث، لما تتمتع به من شجاعة وإقدام وذكاء ودهاء في الحرب وحسن تصرف في المواقف الصعبة.

ويؤكد المؤلف أن صقر الغانم لم ينل حظه من التكريم الذي يستحقه، لا سيما إذا قورن ذلك بمنجزاته وانتصاراته العسكرية وما قدمه من تضحيات لأجل الكويت، بل إنه تعرض لمعاملة قاسية لم يكن أحد يتوقعها، بسبب وشاية ثبتت براءته منها، كما سيتبين خلال الحلقات... وفيما يلي تفاصيل الحلقة الأولى:

من الأمانة التاريخية التعريف بمن بذلوا أنفسهم وقدموا أرواحهم لحماية بلادهم الكويت من مخاطر كان بعضها يتهدد وجودها، ومن هؤلاء صقر غانم بن سعد الغانم، الذي كان مولعا بفنون القتال ومحبا لحياة الصحراء، وقد ساعده ذلك في كسب ثقة زعماء القبائل المجاورة للكويت لما عرفوا فيه من الشجاعة والإقدام، وتزامن بروزه مع عصر الشيخ مبارك الصباح الذي كان قبل تسلمه للإمارة أيضا متخصصا في شؤون الأمن خارج الكويت، ومرتبطا بحياة الصحراء، مما ساعده أيضا في توثيق علاقاته بالقبائل المجاورة وكذلك بالزعامات الرئيسية في المنطقة بدءا من العراق التركي ومنطقة الخليج وبلاد فارس، وتحديداً إمارة المحمرة تحت قيادة الشيخ خزعل بن مرداو.

التواصل مع زعماء القبائل

ويعتبر التواصل والعلاقات المباشرة مع زعماء القبائل من أهم واجبات القيادات في هذه المنطقة العربية، وهي الوسيلة الرئيسة لبناء تحالفات تكون مفيدة عند نشوب المعارك، والتي كانت كثيرة في تلك الفترة، وغالبا ما كانت تدور بين القبائل لأسباب اقتصادية، فحياة أبناء البادية مرتبطة بالحصول على المراعي الجيدة، وعندما تجدب أرضهم يضطرون إلى دخول أراضي غيرهم الذين إما أن يقاتلوهم أو يطلبوا منهم حصة من نتاج الماشية نظير الرعي، وتكون الكلمة الفصل هنا للقوة والعدد والعتاد، أما حكام المدن المتناثرة في الصحراء فإن مصدر دخل الحاكم الرئيس هو الزكاة التي يحصلون عليها من الرعاة، وهي التي تعزز دخل الإمارة من ضريبة الواردات التجارية مثلما كانت عليه الحال في الكويت، فقد كانت ضريبة الواردات فيها تعادل 5%، ثم خفضت في عهد الشيخ سالم المبارك الى 4%، وفي المقابل يتحمل الحاكم مسؤولية الدفاع عن رعايا الإمارة داخل المدن وفي القرى والصحراء من القبائل التي تدفع له الزكاة، ضد الهجمات التي يعتبرها كثير من أبناء الصحراء مصدر رزق لهم، فتارة تكون شرارتها عداوة قديمة وتارة ترتبط بالدين وتارة تكون للرغبة في بسط النفوذ بهدف الحصول على منفذ بحري أو امتداد في عمق الصحراء، في كل الأحوال تكون الغنائم المادية هي الهدف الأهم.

العلاقة بين الشيخ سالم والأمير عبد العزيز

كانت العلاقة بين الشيخ سالم والأمير عبد العزيز بن سعود مرتبكة لعدة أسباب، من بينها موضوع زكاة القبائل التي تتبع بلد كل منهما، فقد أوفدت السلطات البريطانية بعثة برئاسة الكولونيل هاملتون لتسوية الخلاف بين الأمير بن سعود والشيخ سالم، وصلت البعثة إلى الرياض في أوائل نوفمبر 1917 (1335 هجري)، وتحدث هاملتون مع بن سعود حول معاهدة الصداقة الموقعة بين بريطانيا وبن سعود (في صفر 1334/ ديسمبر 1915) وضرورة عدم التدخل في شؤون القبائل الكويتية، فرد عليه بن سعود، حسب ما ورد في كتاب «تاريخ الكويت» للخترش، بأن «قبيلة العوازم غادرت الكويت واستقرت في أراضيه فلم تعد كويتية بعد ذلك».

لقد كانت مسألة تحديد المناطق التابعة لكل حاكم تمثل حجر الأساس لفض المنازعات، ولهذا السبب تم فيما بعد عقد مؤتمر العقير في 12 ربيع الآخر 1341 الموافق 2/12/1922 لترسيم الحدود بين العراق والسعودية بسبب كثرة غارات القبائل النجدية على الأراضي العراقية الواقعة تحت الاحتلال البريطاني، ثم امتدت أعمال المؤتمر إلى ترسيم حدود جديدة بين السعودية والكويت، في حين أن موضوع الحدود مع الكويت لم يكن مطروحا أساسا للنقاش في المؤتمر ولهذا لم يكن للكويت ممثل في المؤتمر باستثناء الميجر مور المقيم السياسي في الكويت.

إذاً كان المحرك الأساسي لمعارك الصحراء هو الدافع الاقتصادي، ولا يغير من ذلك الواجهة الدعائية اللازمة لحشد الجند تحت أي مبرر ديني أو غيره، ففي بلاد نجد أيضا تسبب العامل الاقتصادي في فصم العرى بين عبد العزيز بن سعود وحركة الإخوان، بعد أن واجه متاعب كبيرة لكبح جماح شهوة الغزو والسلب لديهم، رغم أنهم كانوا يهتفون بشعارات دينية في غزواتهم التي تتجه في نهاية المطاف الى تحصيل الغنائم حتى قبل أن تضع المعركة أوزارها، وقد نفد صبر بن سعود من تلك التصرفات التي تكررت معها هجماتهم على المناطق العراقية المحاذية للحدود السعودية، واستياقهم المواشي من القبائل القاطنة في تلك المناطق، وقد اعترضت الحكومة البريطانية عدة مرات على تلك الهجمات كون العراق في تلك الفترة كان واقعا تحت الاحتلال والإدارة البريطانية المباشرة، لهذا قامت قواتها الجوية بعمليات عسكرية ضد قوات الإخوان، ثم عقدت «اتفاقية بحرة» مع الملك عبد العزيز في 1925 في مخيمه قرب مدينة جدة، بهدف وقف تلك الهجمات، إلا أنها لم تتوقف. (كتاب حرب في الصحراء – غلوب باشا)

هجوم ابن رشيد على الكويت

بعد سبعة أشهر فقط من انتصاره في معركة الصريف في 17 مارس 1901، هجم عبدالعزيز بن رشيد على الكويت لمواصلة انتقامه الذي بدأه فور انتهاء معركة الصريف ضد عدد من مدن القصيم التي وقف بعضها مع الجيش الكويتي.

قدوم ابن الرشيد إلى الكويت لم يكن يستهدف الصبيحية ولا منطقة وارة شبه الخاليتين إلا من بعض الآبار والمزارع التي احتاج إليها ابن رشيد معسكراً لجيشه ومكانا تشرب منه دواب الجيش، فقد كان هدفه دخول الكويت والقيام بأعمال انتقامية مماثلة لما قام به فعلا في بريدة التي أعمل القتل في رجالها لعدة أيام حتى امتلأت حفر آبار مياهها بجثث من قتلهم، فخرج إليه الناس حاملين المصاحف يطلبون منه الكف عن القتل.

إذا كانت هذه القسوة المفرطة قد حدثت تجاه من ناصر الجيش الكويتي، فليس مستغربا أن يحدث أضعافها لو دخل جيش بن الرشيد إلى الكويت، فلماذا لم يفعل؟ لماذا قطع تلك المسافة الطويلة من حائل إلى الكويت ثم غير اتجاهه نحو الصبيحية، واكتفى بمهاجمة بعض القبائل الغافلة ليأخذ منها الغنم والإبل، طعاما لجيشه فقط؟

معركة الصريف انتهت بانتصار «حائل»

جرت أحداث معركة الصريف في 18 مارس 1901 بين إمارتي الكويت وحائل في منطقة الصريف الواقعة شمال شرق بريدة، وانتهت المعركة بانتصار إمارة حائل بقيادة عبدالعزيز المتعب الرشيد، والأسباب المباشرة للمعركة هي استضافة الكويت لأسرة الإمام عبدالرحمن آل سعود من جهة، يقابلها أيضا استضافة عبدالعزيز بن متعب الرشيد للسيد يوسف الإبراهيم خصم الشيخ مبارك، والاستضافة تعني الإعداد لأعمال عدائية من كل طرف ضد الآخر، مثلما جاء في رد الشيخ مبارك على المقيم البريطاني كمبول، حيث أعربت بريطانيا عن عدم موافقتها على المعركة تجنبا لانخراطها بمواجهة مع العثمانيين في حال تطور الصراع العسكري، وقام الكولونيل كمبول بإرسال تقرير في 3 ديسمبر 1900 حول الوضع في الكويت تنبأ فيه بالمعركة قبل وقوعها، كما تم إعلام الشيخ مبارك بأن الحكومة البريطانية لن تدعمه لتنفيذ خططه الحربية ضد ابن رشيد، وكان رد الشيخ مبارك الصباح حازماً، وواضحاً حين قال «طالما استمر يوسف بن إبراهيم مدعوما من ابن الرشيد في نجد فهو لن يلتزم بالهدوء، بل سيحرض ابن الرشيد على مهاجمة الكويت وليس من الحكمة بأن أجلس أنتظره في الكويت»، وكانت نتائج المعركة هزيمة الجانب الكويتي وخسارته لمعظم جيشه.

تحدث الشيخ عبدالعزيز الرشيد في كتابه «تاريخ الكويت» عن الأحداث التي تلت معركة الصريف تحت عنوان «ابن الرشيد في أطراف الكويت» فقال: «في جمادى 1319 الموافق 23 سبتمبر 1901- بعد معركة الصريف بسبعة أشهر- أقبل ابن الرشيد بجيشه العظيم، فأغار على الصبيحية، ولكن لم يجد فيها إلا الدمن والأثافي السود، ثم أغار منها على وارة، فصادف قافلة من مطير خارجة من الكويت فاستولى على أموالها بعد قتال عنيف قتل فيه كاتب بن الرشيد، وهو جار الله يوسف العتيق، ونهب أيضا نحو ثمانية آلاف من الغنم وألفين وسبعمئة من الإبل للكويتيين وأتلف كثيرا من مزارعهم.

أما الكويت فقد أيقن ابن الرشيد أنه من العبث مهاجمتها بعد تلك الاحتياطات التي استعد بها مبارك، وعلم أن ليس وراء مهاجمتها إلا الويل والثبور والخسارة، فاكتفى بما نالته يده من الأموال وذهب الى الحفر، ورابط هناك مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، وكان له من وراء إقامته هناك ثلاثة أهداف :

1- حماية عربانه القاطنين في تلك الجهات.

2- رغبته في خوض غمار الحرب مع مبارك مرة أخرى، لا سيما بعد تلك الواقعة التي شرب فيها من كأس النصر.

3- تطلبه الغرة في عربان ابن صباح.

ولكنه مع هذا كله لم يفز بشيء يستحق الذكر، وما ذاك إلا لأن مبارك أقام في الجهراء قوة كافية تشرف على أعمال الرشيد وتراقب تحركاته من كثب وتقف في وجهه إذا ما أراد الهجوم أو الاعتداء».

ﻣﻮﻗﻊ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻟﺼﺮﻳﻒ

تجهيز جيش قوي لحماية الكويت

تحدث صقر الغانم مع المقربين منه عما دار بينه والشيخ مبارك إثر معركة الصريف، عندما ذكره بما كان قد نصحه به بشأن طريقة الاستعدادات العسكرية، حيث كان صقر يخشى من بعض القبائل من غير قبائل الكويت حتى وإن كانت حليفة للكويت، بسبب معرفته بتركيز رجالها على الغنائم وتراخيهم في القتال، وهو أمر كان صقر الغانم يهتم به في جميع المعارك التي خاضها، مثلما جاء في حديثه للجند في إحدى المعارك التي قادها إلى جوار جابر المبارك مع الظفير، شمالي آبار جابدة، في العراق حيث خاطب الجند قائلا حسب ما ذكر عبدالعزيز بن رشيد في الصفحة 187: «لا تنظروا إلى نيل الغنائم من عدوكم، فهو سيضحي بالغالي والنفيس فعليكم بالثبات»، لقد كانت مسألة ثبات الجند وخوفه من تفضيل الغنائم سببا لعدم رضاه عن تركيبة الجيش الذي توجه الى معركة الصريف.

وحدث في معركة الصريف ما توقعه صقر، ففي بداية المعركة كانت بوادر النصر لجيش مبارك، وبمجرد أن شن بن رشيد هجمة مضادة صاح رجل من القبائل المشاركة طلبا للغنائم فقط (الكسيرة، الكسيرة) فانسحبت تلك القبائل، في حين بقي الجيش الكويتي صامدا بعدهم خمس ساعات حتى تحول النصر الى هزيمة.

بعد أن استمع الشيخ مبارك الى تذكير صقر له بما سبق أن حذر منه، قال له: «جرى اللي جرى يا صقر، وشفايدة الكلام الحين؟»، فقال له صقر: «العلوم عندي أن بن رشيد جايك بالكويت بعدما ذبح الرجال في بريدة وكل من وقف معانا، وملأ القلبان بالجثث، فإذا كان هذا فعله مع اللي ناصرنا فماذا سيفعل بأهل الكويت؟»، فأصيب الشيخ مبارك بصدمة شديدة، وقال: «منين هالكلام؟».

وتابع صقر: «الكلام اللي قلته لك وصلني اليوم، ولا بد نطلع له برة بجيش قبل لا يوصل الكويت، وإلا إذا دخلها وصار بين البيوت ما نقدر عليه، أحتاج رجالا من أهل الكويت والقبايل اللي معانا»، وبالفعل وصل بن رشيد الى مشارف الكويت في 2 جمادى 1319 هجري، الموافق 23/9/1901، أي بعد سبعة أشهر فقط من معركة الصريف التي حدثت في 26 من ذي القعدة 1318 الموافق 17/3/1901.

وافق مبارك على قيام صقر الغانم بالتحضير للمعركة القادمة، فلم يضيع صقر الوقت وبادر بإرسال رجاله الى القبائل الموالية للكويت، وسار بقوة عسكرية كبيرة انطلقت من الجهراء وعسكرت خارجها جهة جبل سنام بانتظار جيش بن رشيد، الذي صدمته أخبار خروج جيش بهذا الحجم بعد تلك الهزيمة الكبيرة، حيث ساعدت علاقات صقر الغانم الوثيقة بالقبائل المجاورة للكويت في تجاوبها مع دعوته للنفير، فقد كانت تعلم أن انتصار بن رشيد على الكويت مرة ثانية سيعقبه إيذاؤه لتلك القبائل بسبب ولائها للشيخ مبارك، فنجح صقر في حشدها من خلال التحرك بسرعة في التعبئة والتموين، ووجد صقر في معسكره وسط ذلك الجيش الذي تمتع بجاهزية عالية لمواجهة العدو، وأرسل صقر العيون لرصد تحركات جيش بن رشيد، الذي علم بأمر الجيش الكويتي واستعداداته فاضطر الى التوقف عن المسير نحو الكويت والتحول باتجاه الصبيحية، بعد أن تغير الوضع الذي بنى حساباته عليه، والذي يقوم على أن هزيمة الصريف لم تبق للكويتيين قوة كافية للصمود أمامه، فكان تجهيز هذا الجيش الكويتي بهذه السرعة صدمة له وضربة لمخططه الذي يقوم على معاجلة الكويت المهزومة الضعيفة بضربة أشد قسوة.

كما قام الشيخ مبارك بمراسلة الإنكليز فأرسلوا بدءا من تاريخ 24 سبتمبر ثلاثة طرادات بحرية وهي (ماراثون، سفنكس، آساي، الأخير خرج من كراتشي) حسب البرقيات المنشورة في كتاب «التاريخ السياسي للكويت، في عهد مبارك»، د. فتوح الخترش، صفحة 144، كما أمر الشيخ بحفر خندق حول مداخل مدينة الكويت لعرقلة أي هجوم قد يصل إليها، وبالرغم من أهمية تلك الإجراءات الدفاعية، فإن مبدأ «الهجوم هو خير وسيلة للدفاع» جعل من خروج جيش جرار إلى خارج مدينة الجهراء لملاقاة العدو، بمشاركة جميع أهل الكويت مع إخوانهم من القبائل الحليفة، أمرا مختلفا في الجانب القتالي عن وصول الطرادات الإنكليزية التي رابطت في البحر ولم تصل الى ساحة القتال غرب الجهراء.

وعند التدقيق في تاريخ وصول تلك السفن البريطانية وموعد وصول القوات الغازية فإن تأثير المواجهة البرية- من الناحية الزمنية- قد حسم الأمور بالنسبة إلى الجيش الغازي، فغير اتجاهه ولم يحاول حتى الالتحام مع الجيش الكويتي، فاتجه نحو الصبيحية بعد أن تغير الوضع الذي بنى حساباته عليه، والذي يقوم على أن هزيمة الصريف لم تبق للكويتيين قوة كافية للصمود أمامه، فكان تجهيز هذا الجيش وبهذه السرعة صدمة له وضربة لمخططه الذي يقوم على معاجلة الكويت المهزومة والضعيفة بضربة أشد قسوة لا تقوم بعدها للكويت ولا لأهلها قائمة.

عبدالعزيز بن سعود يهزم «الإخوان» في السبلة

ﻓﻴﺼﻞ ﺑﻦ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﺪوﻳﺶ

قام الإخوان بهجوم حتى على قافلة لتجار من أهل نجد إثر عودتهم من العراق ببضائع لبيعها في مدن القصيم، وبعد سنتين من ذلك التاريخ عقد الإخوان مؤتمرا في قرية «أرطاوية» بتاريخ 25 رجب 1345 الموافق 29/1/1927، وأعلنوا في ذلك الاجتماع وبحضور زعماء الإخوان خروجهم على الملك عبدالعزيز، وهؤلاء الزعماء هم: فيصل بن سلطان الدويش، زعيم مطير، وسلطان بن بجاد بن حميد، شيخ عتيبة، وضيدان بن حثلين، شيخ العجمان.

فحدثت معركة السبلة الشهيرة في 30/3/1929، بين الملك عبدالعزيز بن سعود والإخوان شمال شرق مدينة الزلفي وإلى الجنوب من أرطاوية، وحدثت فيها مقتلة عظيمة انتهت بانتصار الملك عبدالعزيز على الإخوان، وذلك بعد أن فشلت المحادثات بين الطرفين، فالتقى الجيشان في صبيحة الخامس من مارس 1929 في موقع يسمى «السبلة» وكان جيش عبدالعزيز متفوّقاً من ناحية التجهيز العسكري، لحصوله على رشاشات جديدة من البريطانيين، وانتهت المعركة بهزيمة جيش الإخوان، وأصيب الدويش في المعركة، ونقل عن أرض المعركة إلى الأرطاوية، في حين كان عناصر جيشه يتساقطون بين قتيل وجريح وأسير.

في حالة الكويت وإمارة بن رشيد في حائل تسببت مثل تلك الهجمات ضد رعايا البلدين بنشوب عداوة بين أمير حائل والشيخ مبارك الصباح، وكانت تلك العداوة تشتد وتهدأ والسبب المباشر هو حماية كل منهم لرعاياه من هجوم رعايا الآخر عليهم، إلا أن عنصراً جديداً حدث عندما انتقل يوسف الإبراهيم من بومبي إلى حائل ضمن مساعيه للحشد ضد مبارك الصباح، وهي جهود بذلها الإبراهيم في أكثر من اتجاه ليس هذا مقام التفصيل فيها، إلا أن ذلك كان سببا لأن يبدأ مبارك تحركه المضاد، فجهز جيشا بقيادة حمود الصباح للهجوم على شمر في منطقة الرخيمة بشهر صفر 1318، الموافق 3/6/1900، حسب ما ورد في الصفحة 161 من كتاب عبدالعزيز الرشيد «تاريخ الكويت»، تلا ذلك بفترة قصيرة التحرك نحو حائل نفسها، وما يعرف بمعركة الصريف، أو الطرفية.

ﻣﻮﻗﻊ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻟﺴﺒﻠﺔ

بعد معركة الصريف توجه بن رشيد نحو الكويت للانتقام والتدمير الشامل لكن ذلك لم يتحقق بسبب الاحتياطات العسكرية

دخلُ الإمارة في تلك الفترة كان من ضريبة الواردات والصادرات التجارية وزكاة المواشي المنتشرة في الصحراء

العامل الاقتصادي فصم العرى بين عبدالعزيز بن سعود و«الإخوان» بعدما واجه متاعب كبيرة لكبح جماح شهوتهم للغزو والسلب

كان لصقر الغانم دور أساسي في سرعة إعداد «جيش التصدي» للهجمة المتوقعة فلم تحدث

علاقات صقر الغانم الوثيقة بالقبائل المجاورة للكويت ساعدت في تجاوبها مع دعوته للنفير بعد معركة الصريف

لو حدث الهجوم على الكويت لكانت نتائجه النهب والقتل الجماعي مثلما حدث في مدن أخرى بالقصيم بعد «الصريف» مباشرة

تجهيز صقر للجيش بسرعة كبيرة بعد «الصريف» كان صدمة للرشيد وضربة لمخططه القائم على معاجلة الكويت المهزومة بضربة لا تقوم لها بعدها قائمة
back to top