المقاربة الأميركية في هونغ كونغ تضرّ أكثر مما تفيد!

نشر في 13-07-2020
آخر تحديث 13-07-2020 | 00:00
 ذي دبلومات يُعتبر حُكْم هونغ كونغ، تلك المنطقة الإدارية الخاصة من جمهورية الصين الشعبية، موضوعاً متنازعاً عليه بين الصين والولايات المتحدة منذ وقتٍ طويل ولأسباب متعددة، ويبدو أن المسألة كلها تتعلق بدور هونغ كونغ الاستثنائي بين بر الصين الرئيس والمجتمع الدولي، إذ لطالما اعتبر مكانة هونغ كونغ مميزة على المستويات الاقتصادية والإيديولوجية والجيوسياسية. في السنوات الأخيرة، اتخذت مسألة هونغ كونغ طابعاً دولياً وشكّلت نقطة خلاف بين بكين وواشنطن، فلم يوفّر الطرفان أي جهد للتعبير عن آرائهما حول الموضوع إقليمياً ودولياً، وقد تكون السياسات الأميركية في هونغ كونغ، بما في ذلك الاستراتيجيات والتكتيكات الرامية إلى التدخل في هذا الملف، جزءاً أساسياً من استراتيجية واشنطن التي تهدف إلى التكيف مع بكين على المدى الطويل. من خلال متابعة التعامل مع قضية هونغ كونغ وكأنها مصدر قلق دولي والتهديد بتجريدها من مكانتها المميزة، تحاول واشنطن تحقيق هدفَين: أولاً، السعي إلى إثبات التزامها القوي بالديمقراطية والحريات في هونغ كونغ، ثانياً، الإثبات لبكين أن مخاوفها منها ومن ونظامها الشيوعي بلغت اليوم مستويات خطيرة وغير مسبوقة وقد تكون مسألة هونغ كونغ محركاً لخطوات مرتقبة.

لكن للأسف، لم يكشف السياسيون ووسائل الإعلام في الغرب كامل القصة للعالم عن حقيقة ما حصل في هونغ كونغ، ففي معظم التقارير الإعلامية الغربية، بدا المحتجون هناك مواطنين شبابا سلميين وأبرياء ومنضبطين، مع أن مجموعة من العصابات المنظّمة هاجمت كل من يحمل آراءً مختلفة بوحشية وأحرقت المنشآت العامة، حتى أنها طعنت عناصر من شرطة هونغ كونغ أثناء تأديتهم واجباتهم، لكن أحد مقاطع الفيديو يكشف أن المحتجين "السلميين" الشباب بقمصانهم القطنية السوداء أحاطوا بساحة القتال وهم يحملون مظلاتهم لمنع الآخرين من رؤية أعمال العنف الحاصلة.

بحجّة "دعم" المحتجين في هونغ كونغ، مرر الكونغرس الأميركي في الأشهر الأخيرة سلسلة من القرارات والتشريعات، وقد وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على جزء منها وحوّلها إلى قوانين بحد ذاتها، ومنذ بضعة أيام، أعلنت الحكومة الأميركية أخيراً إلغاء مكانة هونغ كونغ الخاصة في علاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة، فلا مفر من أن يترافق هذا القرار مع تداعيات معيّنة، لكنّ الأضرار قد تكون رمزية لأن حجم التجارة المباشرة بين الطرفين يبقى محدوداً.

وفي المقابل لم يُمرر مجلس الشعب الصيني أي قرار أو مشروع قانون خاص بقضية جورج فلويد لإصدار موقف واضح حين تحتدم المشاكل والصراعات العرقية مجدداً في الولايات المتحدة، لأن هذه الخطوة قد تُعتبر تدخلاً في الشؤون الأميركية الداخلية.

تعطي هونغ كونغ أهمية كبرى "للمكانة الخاصة" التي تتلقاها من الولايات المتحدة كونها جزءاً من سيادة الصين وأرضاً تتمتع بأعلى درجات الاستقلالية، لكنّ أهمية هونغ كونغ تشتق من مجموعة عوامل وبنى تحتية أخرى، بما في ذلك الاقتصاد الذي يشهد نمواً غير مسبوق في بر الصين الرئيس وسلسلة السياسات التفضيلية الخاصة بهونغ كونغ، وبغض النظر عن نقاط الوفاق أو الخلاف بين بكين وواشنطن في الوقت الراهن، من الواضح أن هونغ كونغ المستقرة والمزدهرة تخدم مصالح جميع الأطراف، بما في ذلك المنطقة الإدارية الخاصة التي استرجعتها الصين منذ أكثر من عقدين.

* جين كاي

* «دبلومات»

back to top