الخجل

نشر في 10-07-2020
آخر تحديث 10-07-2020 | 00:06
 د. نبيلة شهاب كثيراً ما يصادفنا طفل يتحاشى اللعب مع الأطفال الآخرين أو حتى يُحرج كثيراً عند الحديث مع الكبار، وقد يمتنع عن الكلام معهم، ولا يقتصر الأمر على الأطفال، فقد نجد موظفا يتحاشى الحديث والتعامل مع الزملاء، وقد يؤدي ذلك إلى حرمانه من بعض حقوقه على سبيل المثال.

وتلك الطفلة التي تعرف كل إجابات الأسئلة التي تطرحها المعلمة لكنها لا تشارك بسبب خجلها، هي ضحية لهذه الصفة السلبية الضارة، وقد تصنف مع الضعيفات وهي في حقيقة الأمر متفوقة، والأمثلة كثيرة ولا يحددها عمر أو جنس أو مكان فقد يسيطر الخجل على أي فرد باختلاف جنسه أو عمره إن توافرت الأسباب المؤدية لظهوره.

ومن المهم أن نفرق بين الخجل والحياء، فالحياء سلوك إيجابي راق مطلوب، وفيه احترام للذات والحفاظ عليها، ولا يمنع الفرد من ممارسة حياته الاجتماعية كما يفعل الخجل الذي يعتبر صفة سلبية مكتسبة ومتعلمة، وغالباً ما يكون هذا الاكتساب في المراحل العمرية المبكرة للطفل، فالخوف الزائد على الطفل، حيث تمنع الأم أو الأب الطفل من الخروج من المنزل إلا بحدود معينة ويمنعونه من الاحتكاك والتفاعل مع الأطفال الآخرين مما يؤدي الى نشأة طفل خجول.

ومحاولة عزل الطفل عن الآخرين لأي سبب من الأسباب كالخجل أو عدم تقبلهم أو كرههم تؤدي الى النتيجة نفسها، فترك الأم للطفل في البيت دائما ليس خوفاً عليه بل خجلاً منه أو عدم تقبله يجعله ينفصل عن المجتمع الخارجي، وإن اضطر للتفاعل أو التعامل مع الآخرين نجده يشعر بالخجل.

ولأسلوب التنشئة الخاطئ التأثير الأكبر في جعل الطفل خجولاً أو اجتماعياً، فالتنشئة القديمة وغير المثمرة بأن "الطفل المؤدب" لا يتكلم ولا يشارك ولا يعارض ولا يخالف ولا يبادر بل يجلس صامتاً جامداً فقط، لها الأثر الأكبر في أن ينشأ الطفل خجولاً لا يستطيع مشاركة الآخرين والتفاعل معهم اجتماعياً أو مواجهتهم حين يستدعي الأمر ذلك.

وللخجل نتائج سلبية كثيرة سواءً في مجال الحياة الشخصية اليومية أو في الدراسة أو في العمل، فذلك الطفل الخجول لا يستطيع أن يستمتع بطفولته كما يحب لأنه يخجل من الإفصاح عمّا يريد وما يحب واللعب مع الأطفال الآخرين، ويخسر التلميذ الخجول الكثير من الدرجات والفرص لإثبات الذات بسبب الخجل، كما يصعب عليه تكوين صداقات مع أقرانه.

وذلك الموظف الذي يقف خجله عائقاً أمام إقدامه على القيام بما يحب في مجال عمله هو ضحية لصفة سلبية لم يستطع التخلص منها، ويكون الخجل عثرة في مجال العمل الجماعي، ولا يخفى علينا كذلك صعوبة تشكيل علاقة زمالة بينه وبين زملائه، والأهم من كل ذلك أن هذا الموظف الخجول قد يفقد حقا من حقوقه، أو أكثر بسبب خجله من المطالبة به، لذا من المهم أن نحرص على تنشئة أطفالنا التنشئة السليمة التي تبعد عنهم الخجل وغيره من الصفات السلبية.

back to top