تداعيات غياب خطة عمل دونالد ترامب إذا فاز بولاية ثانية

نشر في 10-07-2020
آخر تحديث 10-07-2020 | 00:00
دونالد ترامب - جو بايدن - هيلاري كلينتون
دونالد ترامب - جو بايدن - هيلاري كلينتون
فيما يتعلق برئيس يروي أفكاره بإسراف كان دونالد ترامب صامتاً بصورة غريبة إزاء ما سيفعله إذا فاز بولاية رئاسية ثانية، وتوجد طبعاً قيمة مؤثرة لإبلاغ الناخبين بخطته حول احتمالات إخراج البلاد من المصيبة الاقتصادية الحالية أو القضاء على وباء كورونا المستجد الذي يزداد سوءاً كل يوم، ولكن غياب ذلك الجانب في حملاته الانتخابية تسبب في تفاقم ضعف فرص تجديد رئاسته. والسبيل الوحيد لحصول ترامب على فرصة للفوز يتمثل بجعل المفاضلة محصورة بين شخصيته وشخصية منافسه جو بايدن في انتخابات شهر نوفمبر المقبل، وليس بين إيجابيات وسلبيات أدائه وشخصه، وهذا ما لم يفعله.

والرئيس ترامب هو رجل استعراض يفاخر بتقديم صورة عن أدائه إلى مستمعيه بالشكل الذي يعتقد أنهم يريدونه، ولكن بعض مستشاريه يشكك في نجاح تركيزه على نفسه وإمكان أنه كافٍ لضمان فوزه في نوفمبر، وهو بحاجة إلى الحديث عن شيء آخر غير نفسه وماضيه لأن الجمهور سئم ذلك المسار بشكل واضح، وأظهرت استطلاعات "غالوب" للرأي أن ترامب لم يحصل قط على موافقة 50 في المئة من الذين شملتهم الاستطلاعات خلال الأعوام الثلاثة ونصف العام الماضية، وتبلغ نسبة الموافقة على عمله اليوم 39 في المئة وهو رقم مثير للقلق نظراً إلى أنه لم يسبق أن تمكن رئيس أميركي منذ عهد هاري ترومان من الفوز بنسبة تقل عن 40 في المئة.

وقد تكون كلمته في حفل تخرج الضباط في وست بوينت في تولسا بولاية أوكلاهوما عززت مشاعر الأنانية لديه، لكن ذلك لا يشكل بديلاً لطرح رؤية سياسية جلية، وقال أحد مستشاري ترامب السياسيين تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، إن طريقة الرئيس ترامب تمثل ما وصفها بـ "عبوة تؤكد غياب التخطيط في ولاية ثانية".

ومع مرور كل يوم نشهد إشارات على ازدياد ضيق مسار ترامب نحو إعادة انتخابه، ويتفاقم انتشار وباء كورونا بشدة في كل أنحاء الولايات المتحدة بما في ذلك ولايات كان فاز فيها قبل أربع سنوات وتتسم بأهمية بالنسبة إلى فرص فوزه، ونتيجة لوصول معدلات البطالة إلى مستويات لم نشهدها منذ الركود الكبير فقد تخلف الرئيس ترامب عن منافسه جو بايدن في استطلاعات "ريل كلير بوليتكس" الوطنية بعشر نقاط.

وقد تخلف ليس فقط في الولايات الثلاث التي تعتبر مؤيدة وضمنت له الفوز في عام 2016 وهي ويسكونسن وبنسلفانيا وميتشغان وإنما في ولاية أريزونا أيضاً حيث فاز الحزب الجمهوري بـ11 من آخر 12 انتخابات رئاسية تعود إلى عام 1972، وكان المؤشر الآخر المثير للقلق هو عدم حضور عدد كبير من الناخبين لمهرجان تولسا الذي حظي بدعاية واسعة وشكل إحراجاً لترامب بحسب أحد مسؤولي ادارته.

خطوات ضرورية للنجاح

وحتى البعض من الناخبين المتعاطفين مع ترامب بدأوا يفقدون صبرهم. وتعتبر كيت هاربر من النوعية التي كان يتعين على الرئيس ضمان تأييدها الآن وكانت صوتت لمصلحته في انتخابات عام 2016 وهي من سكان ضواحي فيلادلفيا، وقد تصوت له من جديد لكن قناعتها بدأت تضعف بعد أن شاهدت رسائله عبر "تويتر" وطريقة معالجته للاحتجاجات المستمرة ضد عنف الشرطة، إضافة إلى مظاهر العنصرية المنهجية للإدارة الأميركية.

وتتطلع هاربر "62 عاماً" إلى الشخصية التي سوف يختارها جو بايدن لمنصب نائب الرئيس، وتقول: "مثل أي شخص آخر أنا أتمنى أن تعود الحياة إلى دورتها الطبيعية، وذلك يتطلب قدرتنا على العودة إلى العمل وجعل الناس في حركة "حياة السود مهمة" يعتقدون حدوث شيء إيجابي، وأنا لا أظن أن ترامب يتصرف بطريقة صحيحة وأتمنى أن يكف عن نشر رسائل عبر تويتر".

في غضون ذلك، قال لي بيتر هارت، وهو مشرف على استطلاعات الرأي من الحزب الديمقراطي، إن "ثمة فرصة لإنقاذ السباق إذا تمكن الرئيس ترامب من رسم خط يناقض بجلاء أكبر سجل وقدرة بايدن ولا سبيل لأن يفوز ترامب في الانتخابات إذا كان الناخب سوف يسأل نفسه هل أريد أن يستمر ترامب رئيساً أربعة أعوام أخرى؟ ومن خلال الحكم عبر المعدلات المتدنية لاستطلاعات الرأي، فإن الناخبين أجابوا عن ذلك السؤال بصورة جازمة وقاطعة.

مشكلة ترامب

من جهة أخرى، تتمثل مشكلة الرئيس ترامب أيضاً في أنه يتنافس مع مرشح يختلف تماماً عن هيلاري كلينتون التي استقطبت طوال عقود من الزمن في الحياة العامة مختلف الانتقادات، كما أن ما أضعف وضعها في سباق الرئاسة في عام 2016 هي التحقيقات التي تعلقت باستخدامها لحسابها البريدي الخاص خلال عملها وزيرة للخارجية في فترة الرئاسة الأولى لباراك أوباما.

جدير بالذكر أن جو بايدن لا يثير ذلك النوع من الانتقاد ولا أحد يدعو الى تحقيق حوله وكانت نسبة تأييده في استطلاع للرأي أجرته صحيفة "وول ستريت جورنال" و"شبكة إن بي سي" هذا الشهر 38 في المئة فيما كانت نسبة تأييد هيلاري كلينتون في سباق عام 2016 حوالي 55 في المئة.

وحاول الرئيس ترامب رسم خط يميز بينه وبين جو بايدن، ولكن حملاته لم تسفر حتى الآن عن أي نجاح، وكانت في البعض من الحالات سلبية المردود، كما أن تركيزه على كشف أعمال بايدن في أوكرانيا أفضى إلى إدانته – وكان ترامب سعى إلى تصوير بايدن على شكل عميل للصين، إضافة إلى اتهامه بإفساد جهود مكافحة إنفلونزا الخنازير قبل عدة أعوام (وأظهرت التحقيقات أن دور بايدن كان هامشياً وأن معالجة إدارة أوباما للأزمة في ذلك الوقت كانت فعالة إلى حد كبير).

وحاول ترامب في الآونة الأخيرة تصوير بايدن بالشخص الضعيف، وقالت تغريدة دعائية لحملة ترامب على فيسبوك، إن بايدن "تقلص بجلاء" بعد أن وصل إلى الـ77 من العمر، وأصبح يفتقد القوة والعزيمة والسلامة الذهنية التي تتطلبها الرئاسة.

ارتداد النيران

لكن ذلك الهجوم عرض ترامب (74 عاماً) إلى انتقادات تقول إنه يماثل بايدن في مختلف الاتهامات التي ساقها إليه، (ومن عادة ترامب توجيه الاتهامات إلى منافسيه على الرغم من أنه يعانيها شخصياً)، وفي مهرجان تولسا، قال إن بايدن يخطئ في لفظ اسم الولاية الموجود فيها، وبعد لحظات أخطأ ترامب في لفظ اسم مينيابوليس.

ما من أحد لا يدرك أن ترامب معتل ومشوش التفكير، لكن كانت هناك لحظات خلال حملته الانتخابية في عام 2016 طرح فيها مجموعة من الأفكار الجيدة حول السياسة والعمل، وقال يومها إنه سيعمل على تجفيف المستنقعات، كما كشف عن خطة من خمس نقاط للإصلاح الأخلاقي، ونشر قائمة بأسماء من يرشحهم للعمل كقضاة في المحكمة العليا، وتعهد باستعادة وظائف التصنيع عن طريق تحقيق اتفاقات تجارة خارجية. وبذلك تمكن ترامب من رسم قاعدة لتقييم عمله في فترة الرئاسة الأولى.

أولويات الإدارة الأميركية

في الأسبوع الماضي أذاعت شبكة "فوكس نيوز" مقابلة مع الرئيس ترامب أجاب فيها عن سؤال حول أهم أولويات إدارته في حال فوزه بولاية ثانية، ولكن ترامب تحدث بصورة غامضة عن تجربته في الحكم ومعرفته بعدد كبير من الأشخاص في واشنطن (وهو ما ينسحب على جو بايدن أيضاً) وذلك قبل أن ينطلق نحو مهاجمة المستشار السابق للأمن القومي جون بولتون الذي اتهم ترامب بعدم الأهلية للرئاسة الأميركية.

وكان الحري بالرئيس ترامب التطرق إلى كيفية استعادة الاقتصاد الذي دمره وباء كورونا، وكان عليه أن يوضح صورة الولايات المتحدة بعد القضاء على الوباء، إضافة إلى دور الحكومة الفدرالية في استعادة زخم الصناعات المتعثرة، ومما لا شك فيه أن ترامب سوف يواجه مثل تلك الأسئلة في المناظرات التي سوف تجري في فصل الخريف المقبل لكنه يعتقد أن الأجوبة ليست مهمة تماماً وأن المهم هو الرئيس نفسه.

ويشكك حلفاء ترامب في نجاحه. ويقول كارل روف، وهو مدير حملات رفيع عمل مستشاراً في البيت الأبيض للرئيس جورج دبليو بوش، إن الانكماش الاقتصادي في الولايات المتحدة الناجم عن وباء كورونا يتطلب من الرئيس أن يوضح طريقة عمله وليس الاكتفاء بوعد بتحقيق تلك الحصيلة.

في غضون ذلك أخبرني السناتور لندسي غراهام وهو جمهوري من ولاية كارولاينا الجنوبية وكان منافساً لترامب في ترشيحات الحزب في عام 2016 ثم أصبح أحد المقربين منه، أنه حتى في حال تعافي الاقتصاد قد يواجه ترامب مشكلة تتمثل في سؤال الناخب الأميركي كيف سوف يكون حال شركتي وأعمالي؟ وثمة مشكلة أخرى تواجه ترامب وتتمثل في سعي الديمقراطيين إلى جعل الانتخابات استفتاء على شخصية دونالد ترامب.

• بيتر نيكولاس

back to top