خاص

تهديدات أميركا للصين تأثيرها محدود على أسواق النفط

نفطيون لـ الجريدة•: انتشار «كورونا» وتبعاته أشد خطراً على الاقتصاد العالمي

نشر في 06-07-2020
آخر تحديث 06-07-2020 | 00:03
تهديدات أميركا للصين تأثيرها محدود على أسواق النفط
تهديدات أميركا للصين تأثيرها محدود على أسواق النفط

بينما تبدو في الأفق بوادر توحي بحرب باردة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، على خلفية انتشار وباء كورونا المستجد (كوفيد - 19)، بدت تساؤلات حول تأثر الأسواق النفطية والصناعة المرتبطة بالنفط جراء تلك التهديدات الأميركية للصين بالحرب الباردة، إذا ما بدأت فعليا، وفي هذا الإطار قال خبراء نفطيون في تحقيق أجرته «الجريدة» حول هذا الموضوع، إنه على الرغم من وجود حرب تجارية بين البلدين، فإنها تظل مجرد تهديدات، لافتين الى أن ذلك بطبيعة الحال يؤثر نفسياً على أسعار النفط، كما أن الحرب الفعلية هي التي تشلّ المصانع وتوقّف الحركة الاقتصادية، مثلما يفعل فيروس كورونا الآن، الذي شلّ الحركة الاقتصادية تماما في كل بلدان العالم، وهذا ما أثّر فعليا، وبشكل واضح في أسعار النفط.

وأكد الخبراء إن منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) ليست لها علاقة بالحرب الباردة، وإن ما يهمّها هو حجم الطلب على النفط، فإذا انخفض الطلب عليه، سواء بسبب الحرب الباردة أو لأي سبب آخر، فإنها تضطر للتحرك من خلال خفض الإنتاج لحماية الأسعار، مبينين أن تنفيذ عملية خفض 10 ملايين برميل من الإنتاج لا تتأثر بالحرب الباردة التي لا تؤثر في الطلب على النفط. وفيما يلي تفاصيل التحقيق:

في البداية، أكد أستاذ هندسة البترول في جامعة الكويت، د. أحمد الكوح، أن التهديدات التي أطلقها الرئيس الأميركي ترامب عن احتمال بدء حرب باردة بين بلاده والصين ما هي إلا مجرد تهديدات وبحث عن كارت يلعب به كي ينجح في الانتخابات الأميركية خلال الأشهر القليلة المقبلة.

وقال إنه على الرغم من وجود حرب تجارية بين البلدين، فإنني أتوقّع أن تظل مجرد تهديدات، مبينا أن ذلك بطبيعة الحال، حتى وإن كانت مجرد تهديدات فإن ذلك يؤثر نفسياً على أسعار النفط، ولافتاً الى أن الحرب الفعلية هي التي تشلّ المصانع وتوقف الحركة الاقتصادية، مثلما يفعل فيروس كورونا الآن، الذي شلّ الحركة الاقتصادية تماما في كل بلدان العالم، وهذا ما أثر فعليا وبشكل واضح في أسعار النفط.

«أوبك»

وأضاف أن "أوبك" تؤكد دائما التزامها باتفاق الخفض، إلا أن المشكلة تكمن في "أوبك بلس"، حيث صرح وزير الطاقة الروسي بأن موضوع الخفض يحتاج الى مناقشة مع الشركات الروسية المعنيّة بالأمر، مشيرا الى أن هذا يعد إيحاء غير مباشر بأن روسيا تريد البحث مرة أخرى في فكرة الالتزام بالقرارات التي تم الاتفاق عليها لعودة التوازن الى أسعار النفط مرة أخرى، ولافتاً الى أنه وسط هذه الحالة من الصعب أن نلحظ صعوداً محسوساً في أسعار النفط بسبب هذا التردد والتخوّف من الجانب الروسي.

وأعرب الكوح عن اعتقاده بضرورة النظر الى تصريحات روسيا ووضعها في الحسبان، لأنها تؤثر بشكل أو بآخر على أي توقعات في عملية تمديد فترة الخفض الحالية حتى نهاية العام الحالي، متوقعا ألا يتم الاتفاق خلال الاجتماع المقبل لـ "أوبك بلس" على أي تخفيضات إضافية غير المتفق عليها، وهو 10 ملايين برميل نفط يوميا، لافتا الى أن تلك النسبة التي تمثّل غياب 10‎‎ بالمئة من إمدادات النفط العالمية في يوم واحد تعد نسبة جيدة للغاية.

المخزون العالمي

وذكر الكوح أن الأسواق الأميركية متعطشة حالياً لأنواع نفطية معيّنة، وهو ما عزز تصدير السعودية لهذه الأنواع من النفط الى الولايات المتحدة بما يعادل 39 مليون برميل، مدللا على أن تعطش السوق الأميركي لهذه النوعيات من النفط السعودي يشير الى أن المخزون العالمي بدأ يشحّ، وأن العرض النفطي الأميركي بدأ في الانخفاض، وهذا ما تمت ملاحظته في انخفاض عدد الحفارات الأميركية التي تعمل في النفط الصخري من 1300 حفاراً الى 350 فقط، متوقعا أن يقابل ذلك تزايد على الطلب خلال الأشهر المقبلة، بعد عودة الحياة بشكل تدريجي في غالبية بلدان العالم.

واختتم قائلا إن تحوّل بعض بلدان العالم ذات الاقتصاد القوي من الحالة الصفرية الى نسبة 50 بالمئة بعد انفتاح غالبية تلك البلدان على الاقتصاد يعدّ مبادرة جيدة للإقبال على استهلاك النفط؛ الأمر الذي سيعود إيجابيا على تعافي أسعار الخام على المدى المتوسط.

أسعار النفط

من ناحيته، أكد الخبير النفطي د. خالد بودي أن الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والصين لن تؤثر بشكل ملحوظ على أسعار النفط ما لم تؤثر على الطلب على النفط من قبل البلدين؛ لافتا الى أنه في حال بدأت هذه الحرب الباردة واستمرت فترة طويلة، فإنه بطبيعة الحال سيتأثر بها النشاط الاقتصادي في البلدين، الأمر الذي قد ينعكس على الطلب على النفط؛ لافتا في هذا الصدد الى أن الأسعار ستتأثر نتيجة زيادة العرض على الطلب.

وقال إن منظمة أوبك ليست لها علاقة بالحرب الباردة، وإن ما يهمها هو حجم الطلب على النفط، فإذا انخفض الطلب على النفط، سواء بسبب الحرب الباردة أو لأي سبب آخر، فإنها تضطر إلى التحرك من خلال خفض الإنتاج لحماية الأسعار، مبينا أن تنفيذ خفض 10 ملايين برميل من الإنتاج لا يتأثر بالحرب الباردة التي لا تؤثر في الطلب على النفط.

تمديد الخفض

وأضاف أن أي تمديد للخفض الحالي في الإنتاج مرتبط بمستوى الأسعار؛ معربا عن اعتقاده بأن تشرع "أوبك" في التفكير بتمديد فترة خفض الإنتاج حتى نهاية العام الحالي بسبب الركود الحالي الذي أثّر سلبا على أسعار النفط.

وذكر أن التراجع في الطلب على النفط حاليا مؤقت، ومن المتوقع أن تعود الأسعار إلى مستويات ما قبل الأزمة، مع ارتفاع الطلب على النفط في الربع الأول من العام المقبل.

وقدّر بودي أن الزيادة الحالية في المخزونات، والتي تبلغ نحو 4 مليارات برميل، يمكن استنفادها خلال 3 أسابيع إلى شهر، خاصة مع عودة النشاط الاقتصادي إلى وضعه الطبيعي.

خلط الأوراق

من جهته، قال نائب مدير البرامج الأكاديمية في الكلية الأميركية الدولية، د. عواد النصافي، إن جائحة كورونا خلطت أوراقا كثيرة ببعضها، وأصبح من الصعب فك هذا الخلط للوصول الى رؤى واضحة في النمو الاقتصادي، ومن ثم النظر في الطلب على النفط.

وأضاف أن اشتعال المنافسة الانتخابية بالولايات المتحدة في ظروف كورونا والشلل شبه التام في الاقتصاد الأميركي، دعا الرئيس ترامب إلى خلق أزمة مع الصين، حتى يتم صرف النظر عن الأزمة الحقيقية؛ لافتا الى أن الأزمة الأميركية الصينية بدورها انعكست على الطلب العالمي بشكل عام، وتسببت في تعقيد الموقف فيما يتعلق بأسواق النفط.

أزمة قصيرة

وقال: في تصوري أنها أزمة قصيرة المدى لن تتجاوز موعد الانتخابات الأميركية المقبلة في نوفمبر؛ لافتا الى أن الشواهد على ذلك كثيرة، خاصة في ظل تراجع شعبية الرئيس ترامب في استطلاعات الرأي، من خلال تعامله مع تداعيات "كورونا"، وازدياد معدلات البطالة في الولايات المتحدة.

وأعرب النصافي عن اعتقاده بأن الطلب العالمي سيزداد في الأشهر المقبلة، خاصة مع إعلان كثير من الدول الأوروبية والآسيوية فتح اقتصاداتها؛ لافتا الى أن هذا الطلب سيساعد في سحب فائض الإنتاج الحالي، ومع تماسك اتفاق "أوبك +" فسوف نتوقع مزيدا من التخفيض بعد شهر يونيو، حتى تصل الأسعار الى مستويات مقبولة من المنتجين والمستوردين، لكن يجب ألا نتوقع أسعار ما قبل "كورونا"، بيد أنها إن استقرت بين 35 و45$ فسوف يكون ذلك مقبولا في هذه المرحلة.

وأفاد بأن المعضلة الأساسية التي يجب الانتباه لها، والتي سوف تعكس أسعار النفط، هي كم مدة أزمة كورونا وتداعياتها ودرجة التعايش معها؛ معتبرا أن ذلك هو التحدي الأقوى لجميع دول العالم؛ ومتسائلا عن شكل الاقتصاد العالمي ما بعد كورونا.

الصناعة النفطية

بدوره، أكد الخبير النفطي، أحمد كرم، أن أي مناوشات بين أميركا والصين بسبب فيروس كورونا ستؤثر سلبا على الصناعة النفطية وعلى أسعار النفط إذا أصبح التأثير بشكل مباشر على معدلات النمو الاقتصادية للبلدين، كما حدث بالسابق بينهما.

وقال إن المعروض النفطي الحالي لا يزال أكبر من الطلب؛ الأمر الذي يعني عدم الارتفاع الملحوظ في أسعار النفط بالفترة الحالية ووصول تلك الأسعار الى معدلات قياسية هذا العام إلا إذا كانت هناك عوامل تؤدي الى ارتفاع الأسعار.

وأضاف كرم أنه قد نرى أيضا تثبيت "أوبك" لكمية خفض الإنتاج الحالية أو زيادة كميات الخفض إذا تطلّب الأمر، بعد مراجعة خلال الأشهر المقبلة؛ مشيرا الى أن خفض الإنتاج لن يكون بالأمر السهل، واستمراره فترة طويلة سيُعرّض لخسائر مالية نتيجة لخفض الإنتاج وحرمان الدول المنتجة من أرباح الكمية المخفضة؛ موضحا أن طول مدة خفض الإنتاج وإغلاق بعض الآبار النفطية قد يؤدي الى تسريح العمالة غير الضرورية، فضلا عن أن كلفة عمليات الصيانة سترتفع بالإضافة الى أن المشاريع النفطية أيضا ستتعطل لفترة طويلة لعدم الحاجة إليها.

أحمد الكوح: التوترات تؤثر نفسياً على أسعار النفط... و«أوبك» ملتزمة باتفاق خفض الإنتاج

خالد بودي: لا علاقة لـ «أوبك» بالحرب الباردة ومهمتها التحرك فقط لحماية الأسعار

عواد النصافي: أزمة واشنطن وبكين انعكست على الطلب العالمي وعقّدت موقف أسواق النفط

أحمد كرم: تمديد خفض الإنتاج فترة طويلة سيعرّض المنتجين لخسائر فادحة بسبب كلفة صيانة الآبار المعطلة
back to top