منافسة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لإرساء السلام في البلقان

نشر في 05-07-2020
آخر تحديث 05-07-2020 | 00:00
 ذي ناشيونال عاد الخلاف بين صربيا وكوسوفو إلى واجهة الأخبار بعد أكثر من عشرين سنة على انتهاء الحرب، وتأجّلت قمة سلام كان يُفترض أن تُعقَد حديثاً في البيت الأبيض بين رئيسَي البلدَين، لكن رئيس وزراء كوسوفو عبدالله هوتي ورئيس صربيا ألكسندر فوتشيك التقيا مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان دير لاين في بروكسل في 26 يونيو، وتستعد فرنسا وألمانيا لاستضافة اجتماع بين بلغراد وبريشتينا في هذا الشهر، فما سبب هذا الاهتمام المفاجئ بإطلاق مبادرات في البلقان؟

عملياً، كانت إدارة ترامب أول من أطلق هذا النوع من المبادرات، وحصلت محادثات ذات "نوايا حسنة" في البيت الأبيض في مارس الماضي بين فوتشيك ونظيره الكوسوفي هاشم ثاتشي، وفي منتصف يونيو أعلن ريتشارد غرينيل، ممثل دونالد ترامب الخاص في الحوار بين صربيا وكوسوفو، إجراء محادثات أخرى بين الزعيمَين، وبعدما دعا ترامب سابقاً إلى عقد "اتفاق تاريخي"، سادت أجواء من الحماسة والذعر إزاء الاتفاق النهائي الذي تتوسط فيه الولايات المتحدة لحل مسألة تقسيم الأراضي المثيرة للجدل.

تنقسم الآراء حول الأسباب التي دفعت إدارة ترامب إلى التشجيع على الحوار في زاوية منقسمة من أوروبا، ويظن البعض أن ترامب أراد أن يظهر بصورة رجل الدولة قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في 3 أكتوبر المقبل، وبعدما فشل في تحقيق نجاحات بارزة في مجال السياسة الخارجية في كوريا الشمالية وإيران، قد يستفيد من طرح نفسه كصانع سلام في البلقان خلال حملة إعادة انتخابه.

لكن أُعيقت قمة واشنطن في 27 يونيو لأن ثاتشي اتُّهِم بارتكاب جرائم حرب من جانب محكمة مدعومة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في لاهاي.

قد تتعلق هذه التحركات بحسابات استراتيجية أخرى، وربما يهدف تجدد الالتزام الأميركي بهذا الملف إلى التصدي لجهود الصين وروسيا الرامية إلى توسيع نفوذهما في البلقان، وفي المقابل يبقى نفوذ الاتحاد الأوروبي أضعف مما يتمناه.

لم ينجح الاتحاد الأوروبي في تسهيل مسار "تطبيع" العلاقات تدريجاً بين صربيا وكوسوفو رغم إطلاق محاولات متكررة طوال سنوات، وفي غضون ذلك، لم تعد صربيا وكوسوفو تثقان بوعود الاتحاد حول انتسابهما إليه يوماً، فبدأت محاولات صربيا الشاقة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي منذ ست سنوات تنهار، ولم تحصل كوسوفو بعد على الحق بالدخول إلى دول الاتحاد الأوروبي بلا تأشيرة مع أنها تلبّي المعايير المطلوبة.

اليوم، لا أحد يعرف ما يستطيع الاتحاد الأوروبي فعله لعقد صفقة ناجحة بين الطرفين، فمنذ سنتين، تناقش ثاتشي وفوتشيك حول صفقة تبادل الأراضي لإنهاء عقود من النزاع أخيراً، فقد عبّرت إدارة ترامب عن استعدادها لتقييم هذه الفكرة، لكن عارضها عدد من القادة الأوروبيين، على رأسهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إذ يظن هذا المعكسر أن إعادة ترسيم الحدود بهذه الطريقة قد تجعل الانقسامات الإثنية ظاهرة طبيعية، وكذلك تخشى أوروبا أن يصبح تبادل الأراضي نموذجاً شائعاً يزعزع استقرار المنطقة ككل.

فما الحل البديل إذاً؟ لقد طالت مدة الاضطرابات بين صربيا وكوسوفو أكثر من اللزوم، فبعد تفكك يوغوسلافيا في عام 1991، أطلق حلف الناتو حملة قصف على صربيا لمنع ما اعتبره تطهيراً عرقياً ضد المسلمين الألبان من كوسوفو، وانتهت الحرب في يونيو 1999 وأعلنت كوسوفو التي كانت مقاطعة مستقلة من صربيا استقلالها في عام 2008، ثم بدأت أزمة صعبة مع صربيا التي رفضت الاعتراف بدولة كوسوفو.

لم تنجح المفاوضات التي أدى فيها الاتحاد الأوروبي دور الوساطة ودامت تسع سنوات بدءاً من 2011 في كسر الجمود، لو تقرّب البلدان من الاتحاد واندمجا معه، لكانت الحدود الوطنية ستخسر أهميتها، ويبدو هذا الحل ممكناً في المرحلة المقبلة، لكن يجب أن يكون الاتحاد الأوروبي حاسماً في مواقفه لتحقيق هذا الهدف.

* راشمي لول

* «ناشيونال»

back to top