صراع على «العاصمة» بين دونالد ترامب والديمقراطيين والمحتجين

«تيار الهوية اليساري» يواصل تعزيز مواقعه في صفوف «الأزرق»... وحملة بايدن أمام أزمة

نشر في 28-06-2020
آخر تحديث 28-06-2020 | 00:04
احتجاجات قرب النصب التذكاري في لينكولن بارك أمس الأول (أ ف ب)
احتجاجات قرب النصب التذكاري في لينكولن بارك أمس الأول (أ ف ب)
بعد توقيعه أمراً تنفيذياً لحماية النصب والتماثيل التاريخية، قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب البقاء في واشنطن لفرض النظام وملاحقة أعداء التاريخ الكونفدرالي، في وقت بات على خصمه الديمقراطي جو بايدن تحقيق التوازن بين التزام تدابير الوقاية الصحية والظهور أكثر من مجرد مرشح افتراضي.
ألغى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في اللحظة الأخيرة، رحلته إلى ولاية نيوجيرسي، لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في نادي الغولف، الذي يملكه في بيدمينستر، وأعلن بقاءه في العاصمة واشنطن للتأكد من تطبيق القانون، بعد إصداره أمراً "بالغ القوة" لحماية النصب والتماثيل العديدة، وبعضها لجنرالات الكونفدرالية أو مؤيدي العبودية في العديد من المدن الأميركية.

وكتب ترامب، في تغريدته، حول القانون الذي وقعه: "كان لي شرف التوقيع على أمر تنفيذي قوي لحماية المباني الاثرية والنصب والتماثيل ومكافحة العنف الإجرامي الأخير".

وأضاف الرئيس الأميركي: "عقوبات بالسجن مدداً طويلة تنتظر مرتكبي الأعمال الخارجة عن القانون ضد بلدنا العظيم".

من جهته، قال البيت الأبيض إن الذين هدموا أو شوهوا معالم أثرية "لا يسعون إلى شيء، سوى تدمير أي شيء يكرم ماضينا، ومحو أي فكرة بأن ماضينا قد يستحق التكريم".

ويدعو الأمر الذي وقعه ترامب إلى "تطبيق القوانين، التي تفرض عقوبات صارمة بالسجن على الذين تثبت إدانتهم بتدنيس الآثار العامة".

ولم ينشر نص المرسوم، لكن البيت الأبيض قال إنه سيسمح للحكومة "بملاحقة أي شخص أو منظمة" يلحق ضررا أو يقوم بانتهاك "ممتلكات دينية".

وأوضح مقر الرئاسة الأميركية أن الحكومة يمكنها أيضا أن تحرم من المساعدات العامة "بعض الولايات أو الحكومات المحلية"، التي لا تنجح "في حماية النصب العامة أو التماثيل من التدمير والتخريب".

وأضاف أن "الرئيس لن يسمح أبدا بأن يسيطر العنف على شوارعنا ويعيد كتابة تاريخنا ويعرقل أسلوب الحياة الأميركي".

ونشر ترامب إعلاناً لمكتب التحقيقات الفدرالي FBI يطلب من الجمهور الإدلاء بمعلومات عن 15 شخصاً يشتبه في تخريبهم تمثال الرئيس السابع للولايات المتحدة أندرو جاكسون بواشنطن، حيث تم إسقاط تمثال الجنرال الجنوبي ألبرت بايك.

الولاية 51

تزامن ذلك مع إقرار مجلس النواب، الذي تهيمن عليه أغلبية ديمقراطية، في تصويت تاريخي أمس الأول، مشروع قانون ينص على تحويل العاصمة واشنطن إلى ولاية.

وأقر القانون بـ232 صوتا مقابل 180 بدعم من الديمقراطيين. وهي المرة الأولى في التاريخ الأميركي، التي يتبنى أحد مجلسي الكونغرس الأميركي نصا من هذا النوع، والمرة الأولى منذ 1993 التي يجري فيها التصويت على وضع واشنطن.

لكن القانون الذي يهدف إلى منح سكان العاصمة حقوق تصويت متساوية مع بقية الأميركيين لن يمر بالتأكيد في مجلس الشيوخ، حيث يعارضه الجمهوريون بشكل كبير. وحتى إذا وافق عليه مجلس الشيوخ، فسيعطله ترامب، الذي يرى أن الجمهوريين ليسوا على هذه الدرجة من "الغباء" لتبنيه.

ويلمح الرئيس الجمهوري بذلك إلى الرهان السياسي الأساسي لهذا النص. فهو يقضي بانتخاب عضوين في مجلس الشيوخ لتمثيل الولاية، مما يمكن أن يغير آليات السلطة في الكونغرس.

وخلال المناقشات في مجلس النواب، قال الجمهوري جودي هايس إن الأمر يتعلق "فعليا بمحاولة الحصول على مقعدين للديمقراطيين في مجلس الشيوخ".

وقدم الاقتراع باسم "واشنطن دوغلاس كومونولث"، لتجمع بين اسمي جورج واشنطن، أول رئيس للولايات المتحدة، وفريديريك دوغلاس وهو أسود وكان من أهم دعاة إلغاء العبودية.

اليسار

إلى ذلك، لا يزال تيار اليسار، الذي يعتمد على الهوية، يعزز مواقعه داخل الحزب الديمقراطي منذ ان برز عدد من المرشحين الشباب في صفوف الديمقراطيين، بعدما حققوا اختراقا أوليا في 2018، وهم غالبا ما ينتمون إلى أقليات عرقية او جنسية او حتى سياسية، وذلك بدفع من الحركة التي نشأت بعد وفاة جورج فلويد.

وقبل أشهر كان لا يزال موقع النائب عن نيويورك إليوت أنغل (73 عاما) ثابتا، لكنه هزم بفارق كبير أمام جمال بومان، وهو مدير كلية أسود في الـ44، خلال الانتخابات التمهيدية الثلاثاء الماضي، حتى وإن كانت النتائج غير نهائية.

وهذا الفوز لاقى أصداء مع فوز ألكسندريا أوكاسيو-كورتيز، التي تفوقت في 2018 على جو كراولي الشخصية الديمقراطية في الكونغرس، في دائرة انتخابية تقع في كوينز وبرونكس في نيويورك. وينتمي جمال بومان، الذي لم يترشح لأي انتخابات، إلى النهج الذي تنتمي إليه ألكسندريا أوكاسيو-كورتيز، التي فازت بسهولة الثلاثاء وكانت تدعمه، وكذلك بيرني ساندرز المرشح الخاسر للانتخابات الرئاسية المقبلة.

وإضافة إلى جمال بومان فاز المحامي الأسود موندير جونز (33 عاما)، الثلاثاء، في شمال نيويورك، وكذلك ريتشي توريس (32 عاما)، وهو أسود أيضا في حي البرونكس الذي ينحدر منه. ويتوقع أن يصبحا في نوفمبر، أول نائبين أسودين مثليين في الولايات المتحدة.

ووراء المعاقل الديمقراطية الكبرى، فاز الطبيب الأسود كاميرون ويب (37 عاما)، الثلاثاء، في فيرجينيا في الانتخابات التمهيدية، للحصول على مقعد في مجلس الشيوخ. ويبدو انه قادر على ضمان فوز للديمقراطيين في دائرة لم يفوزوا فيها سوى مرة واحدة منذ 20 عاما.

وتقول ناديا براون ان "الجيل الجديد يتمثل بمجموعة الأميركيين الأكثر تنوعا في تاريخ هذه الأمة". ومع ازدياد عدد هذه المجموعة "سيتم انتخاب عدد أكبر من غير البيض. انها مسألة أرقام".

غياب بايدن

وبينما يتجول ترامب في جميع الأنحاء رغم تفشي وباء كورونا، اختار خصمه الديمقراطي في انتخابات الرئاسة جو بايدن عقد لقاءات صغيرة بالقرب من مقر إقامته، واضعا كمامة.

وقبل 130 يوماً من الانتخابات، أظهرت الاستطلاعات أن الناخبين لا يثقون كثيراً بقدرة ترامب، الذي يتهم بايدن بالاختباء، على دحر الفيروس.

لكن مع اقتراب مواعيد مهمة في الحملة الانتخابية، خصوصا اختياره للمرشح لمنصب نائب الرئيس في مطلع أغسطس، والمؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في الشهر نفسه فإن على بايدن التفكير في تحقيق التوازن بين الالتزام بتدابير الوقاية من الفيروس والظهور أكثر من مجرد مرشح افتراضي.

وبعد تعليقات ساخرة من فريق حملة ترامب، لبثه المتواصل رسائل من استديو في الطابق السفلي لمنزله، يخطو بايدن تدريجياً نحو المشاركة شخصياً في فعاليات.

back to top