خطابان «رئاسيان» في بعبدا يعكسان انقسام الشارع اللبناني

• الرئيس ميشال عون يحذر من «العبث بالأمن»... وسليمان يحمّل «حزب الله» مسؤولية انهيار الليرة
• أنور قرقاش : بيروت تدفع ثمن تدهور العلاقات مع الخليج... ولا مساعدات إماراتية «أحادية»

نشر في 26-06-2020
آخر تحديث 26-06-2020 | 00:05
الرئيس ميشال عون مترئساً حوار بعبدا أمس	(دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مترئساً حوار بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
خرق الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان اجتماع «اللون الواحد»، الذي عقد في بعبدا، محملًا «حزب الله» سبب «عزلة لبنان القاتلة، وفقدانه مصداقيته وثقة الدول الصديقة مما ساهم في تراجع العملة الوطنية»، في حين حذّر الرئيس ميشال عون من أن «لبنان لامس أجواء الحرب الأهلية بشكل مقلق، وأُطلقت بشكل مشبوه تحركات مشبعة بالنعرات الطائفية والمذهبية وتجييش العواطف».
بمن حضر، عقد «اللقاء الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس اللبناني ميشال عون، أمس، في قصر بعبدا، على وقع عودة التظاهرات إلى الشارع احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار الذي لامس أمس الـ 7500 ليرة للدولار الواحد.

وبدلا من أن يكون الهم المعيشي الحاضر الأبرز والأوحد، غردت النقاشات بعيداً وركّزت على السلم الأهلي، في حين بدا عون مسلّما بعدم القدرة على الحل «مع استسهال البعض العبث بالأمن وتناغمه مع الخارج لتجويع اللبنانيين»، محذراً من أن «لبنان لامس أجواء الحرب الأهلية بشكل مقلق، وأُطلقت بشكل مشبوه تحركات مشبعة بالنعرات الطائفية والمذهبية وتجييش العواطف».

وفي حين خلت كلمة عون من أي كلام سياسي جدي يحاكي المواضيع الأساسية في البلاد، وأبرزها الضغوط الأميركية المالية والاقتصادية بسبب «حزب الله»، وكيفية مواجهة تداعيات «قانون قيصر»، إلى جانب الاستراتيجية الدفاعية وتطبيق القرارات الأممية، خرق رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان رتابة الجلسة فكانت كلمته الوحيدة التي تضمنت كلاما سياسيا فعليا، محملا «حزب الله نقض اتفاق بعبدا (تحييد لبنان عن صراعات المنطقة)، مما حال دون تنفيذ تعهدات الدولة، وتسبب في عزلتها القاتلة، وبفقدان مصداقيتها وثقة الدول الصديقة وأهلنا في الانتشار والمستثمرين والمودعين والسياح... مما ساهم في تراجع العملة الوطنية».

وقالت مصادر سياسية لـ«الجريدة»، أمس، إن «انقسام الشارع اللبناني تجلّى بوضوح في كلمتي الرئيسين، ففي حين تطالب بعض القوى السياسية بإعطاء الأولوية لبحث ملف حزب الله وسلاحه، يهول الطرف الآخر بالفتنة وبشبح الحرب الأهلية». وأثار كلام سليمان حفيظة نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي الذي قاطعه مدافعاً عن الحزب وسلاحه.

عون

وقال عون في كلمته إن «ما جرى في الشارع خلال الأسابيع الأخيرة، لاسيما في طرابلس وبيروت وعين الرمانة، يجب أن يكون إنذاراً لنا جميعاً لتحسّس الأخطار الأمنية التي قرعت أبواب الفتنة من باب المطالب الاجتماعية»، مضيفا «بدا جلياً أن هناك من يستغل غضب الناس، ومطالبهم المشروعة، من أجل توليد العنف والفوضى، لتحقيق أجندات خارجية مشبوهة بالتقاطع مع مكاسب سياسية لأطراف في الداخل».

دياب

وأقرّ رئيس الحكومة حسان دياب في كلمته أن «ما يهمّ الناس هو ضبط سعر الصرف»، الا انه لم يطرح أي حل، مقترحا، كالعادة، تشكيل لجنة لمتابعة مقررات الحوار. ودعا دياب إلى أن «يكون هذا اللقاء هو بداية عمل وطني واسع، تنبثق عنه لجنة تتابع الاتصالات تحت قبة المجلس النيابي، مع جميع القوى السياسية والحراك المطلبي وهيئات المجتمع المدني، على أن ترفع توصيات إلى هذا اللقاء مجدداً برعاية فخامة رئيس الجمهورية».

جنبلاط

من ناحيته، قدّم رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط مذكرة من الحزب «التقدمي الاشتراكي» و»اللقاء الديمقراطي» تشمل كل العناوين الأساسية التي لا بد من مقاربتها للخروج بحلول حقيقية للأزمة الراهنة». ورفض جنبلاط «إعادة تجديد مقولة تلازم المسارين، وهذه المرة من بوابة الاقتصاد، فلبنان لا يستطيع أن يتحمّل اقتصاد دولتين، وهو ما يتطلب إجراءات عملية حاسمة لضبط الحدود، ووقف كل أشكال التهريب للعملات الصعبة والمشتقات النفطية والمواد الغذائية وسواها، لأن ذلك يستنزف القدرات اللبنانية المتآكلة».

باسيل

وشدد رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على أن «من يعتقد أنّه برفضه حواراً، يعرّي حكومة أو عهداً أو مجموعة، إنمّا يعرّي لبنان من جوهر وجوده، خاصة إذا كان هدف الحوار منع الفتنة، من خلال الاتفاق على وقف التحريض الطائفي، ووقف التلاعب بالأمن، ومن يرفض الحوار فإن ذلك يدلّ على نواياه بتعطيل الإنقاذ».

وانعقد «اللقاء الوطني» بغياب رؤساء الحكومات السابقين وأركان المعارضة السياسية المسيحية لرئيس الجمهورية، وأبرزهم رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس «تيار المردة» النائب السابق سليمان فرنجية ورئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل. وأتت الدعوة بعد توترات مذهبية وطائفية شهدتها بعض المناطق اللبنانية، حيث قامت عناصر محسوبة على «الثنائي الشيعي» بافتعال إشكالات في منطقة عين الرمانة- الشياح وكورنيش المزرعة، على خلفية مطالبة بعض المتظاهرين خلال وقفة احتجاجية بتطبيق القرارات الدولية ونزع سلاح «حزب الله».

البيان الختامي

وتلا الوزير السابق سليم جريصاتي البيان الختامي للجلسة، وقال إن «المجتمعين دعوا إلى وقف جميع أنواع الحملات التحريضية التي من شأنها إثارة الفتنة، وتهديد السلم الأهلي، وزعزعة الاستقرار الأمني الداخلي، الذي تحقق بفعل وعي المسؤولين عن مقدرات البلاد، وجهود القوى العسكرية والأمنية، وتصديهم استباقيا وميدانيا، للإرهاب وخلاياه وفكره الإلغائي».

وأكد البيان على «المسائل الأساسية التي تتعلق بالمصلحة اللبنانية العليا لناحية موقع لبنان ودوره في محيطه والعالم كجسر عبور بين الشرق والغرب ومكان تلاقٍ للأديان والمعتقدات، وتداعيات كل ما يصيب هذا الدور من سياسات خارجية تؤثر على هويته العربية وعلى موقعه الجامع كقانون قيصر ومسألة النزوح والتوطين وعملية إعدام القضية الفلسطينية، بما لها من تأثيرات تدميرية على النموذج اللبناني وتفاعله مع محيطه».

وكان عدد من المحتجين، تجمعوا أمس، على طريق القصر الجمهوري في بعبدا، رافعين الأعلام اللبنانية، تلبية لدعوة لاعتصامات صامتة تحت عنوان «لا ثقة»، كما طالب المعتصمون بتطبيق القرار 1559 رافعين اليافطات المطالبة بذلك.

قرقاش

في سياق منفصل، رأى وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش أن «لبنان يدفع ثمن تدهور العلاقات مع دول الخليج العربية، وهو يكافح لاجتياز أزمة اقتصادية عميقة»، مضيفا: «شهدنا تراكم المشاكل في لبنان وشهدنا أيضا إملاء للخطاب السياسي من جانب حزب الله الذي يملك فعليا جيشا داخل الدولة».

وقال قرقاش في حديث إلى قناة «سي ان بي سي»، أمس، إن «الإمارات حذرت بيروت مرارا من تدهور العلاقات مع الخليج، وأنه إذا أحرقت جسورك فسيكون من الصعب عليك جدا استخدام الرصيد الهائل من حسن النية والرصيد الهائل من الدعم المالي الذي يحتاج إليه لبنان».

وتابع: «ما يشهده لبنان من انهيار اقتصادي مقلق للغاية، لكن الإمارات لن تفكر في تقديم الدعم المالي إلا بالتنسيق مع الدول الأخرى». وختم: «إذا شهدنا بعض أصدقائنا والقوى الكبرى المهتمة بلبنان يعملون على خطة فسنفكر في الأمر. لكن حتى الآن ما نراه هنا حقا تدهور لعلاقات لبنان العربية وعلاقاته الخليجية على مدار السنوات العشر الماضية، ولبنان يدفع جزئيا ثمن ذلك الآن».

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قال، أمس الأول، إن «واشنطن مستعدة لدعم لبنان إذا طبق إصلاحات، وتصرف دون أن يكون أسيرا لحزب الله».

back to top