أولاً وأخيراً: مصلحة ليبيا فوق الجميع

نشر في 19-06-2020
آخر تحديث 19-06-2020 | 00:04
 مشاري ملفي المطرقّة تشهد الأزمة الليبية هذه الأيام تطورات متلاحقة تنذر بتصعيد خطير ربما ينتهي بحرب إقليمية إذا لم تتعامل الدول المتصارعة على بسط نفوذها في هذا البلد الغني بالثروات بالحكمة، وتغليب لغة العقل على لغة المصالح والانتقام وتصفية الحسابات، وإذا لم تسارع الأطراف المتناحرة، والتي تسعى إلى بسط سيطرتها بالقوة على الأراضي الليبية في الجلوس على طاولة المفاوضات وتقديم التنازلات من أجل التوصل إلى حلول واقعية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، تنهي سنوات من القتال والدمار، وتحل مكانه الأمن والسلام، وتحافظ على ليبيا من التقسيم والأطماع، وتعيد عددا كبيرا من أبناء الشعب الليبي ممن تم تهجيرهم وتشريدهم.

والمتابع للملف الليبي يدرك تماماً أن الأزمة الطاحنة هناك لا يمكن أن تحل عسكرياً، وأن ما يروجه الطرفان المتصارعان في الشرق والغرب الليبي حول تحقيق انتصارات واقتراب السيطرة على كامل البلاد وتحريرها من الغزاة هو دعاية كاذبة، فهؤلاء يدركون أن الوضع معقد، وأن ليبيا دولة كبيرة المساحة ومتعددة العرقيات والقبائل ومن الصعب السيطرة عليها، وحتى الرئيس الراحل معمر القذافي فشل في توحيدهم وتعامل معهم بسياسة الحديد والنار، كما يدرك هؤلاء أن القتال الدائر في ليبيا مهما طال أمده سينتهي بالجلوس على طاولة المفاوضات والوصول إلى حلول توافقية وتقاسم للسلطة، ومن ثم يجب على طرفي النزاع المسارعة حقن الدماء ووقف إطلاق النار وتجنيب ليبيا المزيد من الخسائر البشرية والاقتصادية، وكذلك يجب إخراج الإرهابيين والمرتزقة الذين جلبتهم بعض الدول، وأن تسلم الميليشيات سلاحها وتعاد هيكلة الجيش الوطني الليبي ليصبح لكل الليبيين.

وفي إطار الحديث عن الأزمة الليبية نستغرب الموقف الدولي العاجز عن فعل أي شيء أو المتجاهل للقتل والدمار، فالأمم المتحدة ومجلس الأمن غائبان عن المشهد الدموي ولا دور حقيقيا لهما وبعض القوى الإقليمية تعبث على المسرح الليبي دون أن يكبح جماحها، وشهدنا خلال الأيام الماضية نقل أسلحة ومعدات ثقيلة وإرهابيين ومرتزقة تحت مرأى ومسمع العالم كله دون أن يحرك أحد ساكناً، واكتفت القوى العظمى ببيانات بروتوكولية لا تغني ولا تسمن من جوع، والأمر كذلك ينطبق على جامعة الدول العربية التي لا حول لها ولا قوة، وبالتالي فإن الكرة الآن في ملعب الطرفين المتصارعين ومن يقدمون لهم الدعم، وهم معرفون، وربما تشهد الأيام القادمة انفراجة للأزمة، ويجنح الجميع إلى السلام، وربما تشهد المزيد من التصعيد، وتتحول إلى حرب إقليمية تأكل ما تبقى من الأخضر واليابس في ليبيا، وبالطبع سيمتد أثرها إلى دول عدة في المنطقة ينتظر فيها البعض الفرصة لإشعال فتيل الصراعات والفوضى.

back to top