أين الأمم المتحدة من أزمة «كورونا»؟

نشر في 28-05-2020
آخر تحديث 28-05-2020 | 00:00
 ماكلينز كان فيروس كورونا كفيلاً بتغيير مسار العالم على أقل تقدير، فقد تغيرت طريقة العيش والعمل واللعب في أنحاء العالم.

على مستوى القيادة السياسية، كانت النتائج متضاربة، فقدّمت بلدان مثل كندا أداءً يستحق الإشادة، فقد أثبتت براعتها في ظروف مماثلة وأدت دوراً قيادياً سليماً على مر الأزمة، لكن على المستوى العالمي، كان الفشل في تجاوز هذا الاختبار مريعاً.

في كندا، اجتمعت عناصر متعددة لتعزيز الاستراتيجية العامة، ففي المقام الأول تراجع انشغال السياسيين الكنديين بالشؤون السياسية إلى الحد الأدنى، وهو نهج متوقع خلال أزمة بهذا الحجم، يريد المواطنون من ممثليهم المُنتخَبين أن يركّزوا على التحديات القائمة بدل الانشغال بالمواقف السياسية الرخيصة، لقد فهم ممثلو الشعب في هذا البلد توجه الرأي العام وأجواء القلق والخوف السائدة.

تؤدي أحزاب المعارضة دوراً مهماً ومشروعاً في الأنظمة الديمقراطية، لكن حين تقدّم الحكومات أداءً حسناً، تجد المعارضة صعوبة في إسماع صوتها، ومع ذلك، نجحت الحكومة الكندية الراهنة والمعارضة في التعاون معاً لتجاوز هذه المحنة.

استغل السياسيون الكنديون هذا الوضع لإثبات مهاراتهم القيادية، وقدّم رئيس الحكومة ورئيسا وزراء أونتاريو وكيبك مثلاً أداءً ناضجاً للتعامل مع هذه الأزمة، ففاقوا التوقعات المنتظرة منهم وباتوا يُعتبَرون قادة بارعين للسيطرة على ظروف متبدلة أكثر من أي وقت مضى، وزادت نِسَب تأييدهم أيضاً نتيجة توسّع ثقة الرأي العام بهم، إنه وضع إيجابي لجميع المواطنين، وفي المقابل، كان أداء الأمم المتحدة فاشلاً بامتياز.

نحن نواجه أزمة ضخمة. بل يمكن اعتبار فيروس كورونا أكبر تحدّ عرفه العالم منذ تأسيس الأمم المتحدة، باستثناء الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك، صدرت الحلول في معظم البلدان عن الحكومات الوطنية والإدارات المحلية، حتى أن الأمم المتحدة لم تعزز التعاون الدولي بأي شكل.

في الوقت نفسه، كان أمين عام الأمم المتحدة خارج التغطية، وهو إخفاق كبير فيما يواجه العالم عدواً مشتركاً، كان يُفترض أن يبذل جهوداً إضافية للتنسيق بين البلدان ويكثّف التعاون مع الوكالات المتعددة الجنسيات التي يرأسها، كذلك كان يجب أن يستعمل منصبه لبناء جسر تواصل بين الولايات المتحدة والصين، فهما من أهم الدول الأعضاء التي تملك حق النقض في الأمم المتحدة.

على صعيد آخر، التزم مجلس الأمن الصمت في ظل انتشار الفيروس الذي اجتاح العالم ونشر أعلى مستويات الاضطرابات، كان سلوكه غريباً جداً، ففي السابق، اعتبر مجلس الأمن فيروس إيبولا "تهديداً على السلام والأمن" واستعمل قوة القانون الدولي، لكن لم يحصل ذلك مع فيروس "كوفيد-19" ولا مفر من التساؤل عن السبب.

يجب أن تتّضح الأجوبة عن هذه الأسئلة وسواها في الوقت المناسب، لكنّ الظروف الراهنة لا تسمح بمعالجة تلك المسائل لأننا ما زلنا منشغلين بهذه المعركة الصحية، أما حين يستقر الوضع فيجب أن نناقش ما حصل صراحةً ونستخلص الدروس من هذه الإخفاقات كي نصبح أكثر استعداداً للتعامل مع الوباء المقبل.

من واجبنا أن نتعامل مع الوقائع بجدية بدل المبالغة في المواقف الدبلوماسية، كانت هذه الأزمة مسألة حياة أو موت، لذا نستحق أجوبة صادقة وإصلاحات مناسبة في الهياكل العالمية، كذلك يجب أن تشارك كندا في هذه النقاشات، فقد أطلق رئيس الحكومة الكندي حملة واسعة لكسب مقعد في مجلس الأمن، لكنه لا يستطيع التهرب من هذه المسؤولية إذا كان يهتم بأداء نظام الحكم العالمي ويؤمن بضرورة محاسبته.

مع استمرار المعركة ضد فيروس كورونا، لا يستطيع المسؤولون الحكوميون أن يتكلوا على أمجادهم الماضية، بل إنهم مُطالَبون بالمزيد، في المقابل على المواطنين أيضاً أن يتحملوا مسؤولياتهم المدنية لأن القيادة لا تنحصر بعدد قليل من المسؤولين، بل إنها مطلوبة من جميع الناس.

* «سيرجيو مارشي »

back to top