تحالفات جديدة بعيداً عن الصين والولايات المتحدة

نشر في 24-05-2020
آخر تحديث 24-05-2020 | 00:07
 سلايت وفق مقالة مثيرة للاهتمام في صحيفة "نيويورك تايمز"، تحاول بلدان متوسطة الحجم، بقيادة أستراليا، إعادة إحياء المعايير القديمة للتعددية الفاعلة بشكلٍ عاجل للتعامل مع استيائها من الصين وعدم ثقتها بالولايات المتحدة.

تشتق هذه الشرارة التي تُمهّد لنشوء نوع جديد من التحالف العابر للأوطان، وهي طريقة بديلة لتجنب هيمنة القوى العظمى المعاصرة، من أزمة "كوفيد-19" الأخيرة التي رسّخت الفكرة الشائعة أصلاً عن اعتبار الرئيس الصيني شي جين بينغ متنمراً استبدادياً وترامب سياسياً فارغ المضمون، ما يجعلهما عاجزَين عن قيادة العالم.

لم يعد سلوك شي جين بينغ مقبولاً عندما اقترح المسؤولون في أستراليا إجراء تحقيق مستقل عن أصل فيروس كورونا، فهدد السفير الصيني حينها بمقاطعة منتجاتها الزراعية إذا استمرت المطالبة بتحقيق مماثل. في الحالات العادية، كانت أستراليا لتنضم إلى الولايات المتحدة، علماً أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو دعا بدوره إلى التحقيق في هذه المسألة، لكن تعامل ترامب ببرودة فائقة مع حلفاء الولايات المتحدة لدرجة أن تفقد جميع الأطراف المعنية اهتمامها بإطلاق تحرك مشترك. حتى أن المسؤولين الأستراليين أنكروا ادعاء بومبيو عن نيّتهم الانضمام إلى المبادرة الأميركية، كما عبّروا عن استيائهم حين زعم بومبيو أن الفيروس ربما نشأ في مختبر صيني للأسلحة البيولوجية، على عكس المعلومات الاستخبارية التي تتقاسمها الولايات المتحدة وأستراليا وتكشف أن الفيروس لم يكن من صنع البشر.

على المستوى الاقتصادي، لا يمكن تجاهل قوة الدولار الأميركي في القطاع المالي العالمي. تأكدت هذه الحقيقة حين انسحب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني وأعاد فرض العقوبات على طهران وهدد بفرض "عقوبات ثانوية" على البلدان التي تتابع التعامل مع إيران، مع أن الاتفاق النووي الذي اعتُبِر قراراً صادراً عن مجلس الأمن يُلزِم الموقعين عليه بتطبيع العلاقات الاقتصادية مع إيران. حاول الاتحاد الأوروبي طرح ترتيبات مصرفية بديلة لشراء وبيع السلع باليورو أو عملات أخرى، لكن كان خطر استبعاده من جميع الصفقات بالدولار أكبر من أن يتجاهله.

في الشرق، تتصاعد التحديات التي تواجهها الصين ومع ذلك يبقى نطاقها محدوداً، فقد أطلق شي جين بينغ "مبادرة الحزام والطريق"، وهي شبكة ضخمة من مشاريع البنى التحتية المدعومة من بكين في أكثر من 60 بلداً، مما يعني أنها تشمل ثلثَي سكان العالم، عبر استثمار بقيمة 200 مليار دولار (من المنتظر أن تفوق قيمته التريليون دولار خلال السنوات القليلة المقبلة). تردد عدد من البلدان في قبول الشروط السياسية المرتبطة بذلك التمويل، لكن لا خيار آخر أمامها لأن ترامب، على عكس الرؤساء السابقين، لم يقدم لها أي بديل حقيقي.

وحتى أستراليا، رغم مشاحناتها الدبلوماسية، خفّضت عملياتها التجارية مع الصين بدرجة بسيطة منذ انتشار الوباء، وينجم ذلك التراجع أصلاً عن تباطؤ الإنتاج الصيني ولا يرتبط فعلياً بنوع من السياسة المتمردة.

يعتبر شي جين بينغ "مبادرة الحزام والطريق" ركيزة أساسية للنظام التجاري العالمي الذي تسيطر عليه بكين، على اعتبار أنها قادرة على كبح الهيمنة الغربية القائمة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. قد ينجح الرئيس الصيني في مساعيه ما لم تكثّف الولايات المتحدة جهودها المضادة. يطرح القادة حول العالم، لا سيما في أوروبا وآسيا، السؤال التالي: هل ستسترجع الولايات المتحدة دورها القيادي مجدداً؟ في غضون ذلك، يشكّل عدد منهم تحالفات في ما بينهم، لكنها ترتيبات موقّتة وقد يكون أثرها مثيراً للاهتمام لكنه يبقى محدوداً في نهاية المطاف. الولايات المتحدة هي القوة الوحيدة التي تستطيع احتواء الصين تزامناً مع طرح حوافز جاذبة بما يكفي لإبقاء بكين ضمن النظام الدولي، وتتعدد المسائل التي ستكون على المحك خلال الانتخابات المقبلة، وقد تبدو مسألة التحالفات البديلة غير عاجلة، لكنها ستترافق على الأرجح مع أكبر العواقب على مستوى العالم.

* فلريد كابلان

back to top