كيف تحمي قلبك من الضغط النفسي؟

نشر في 13-05-2020
آخر تحديث 13-05-2020 | 00:14
No Image Caption
يرتبط الضغط النفسي المزمن بزيادة مخاطر أمراض القلب والنوبات القلبية والجلطات الدماغية. غالباً ما يتذمر الناس من الضغط النفسي، لكنه ردة فعل طبيعية وله هدف أساسي.
فيما يلي مجموعة من الخطوات الفاعلة للتحكم به.
حين يرصد الجسم أي خطر، يبدأ بإطلاق استجابة المواجهة أو الهرب، فيفرز الجهاز العصبي هرمونات مثل الأدرينالين والكورتيزول ويصبح الجسم في حالة من التأهب لحماية نفسه. يترافق هذا الوضع مع تسارع خفقان القلب، وشدّ العضلات، وارتفاع ضغط الدم، وتسارع إيقاع التنفس، وتأهب الحواس.

كان هذا النوع من الاستجابات تجاه الضغط النفسي مفيداً حين احتاج البشر الأوائل إلى المحاربة للبقاء على قيد الحياة أو الهرب من الحيوانات المفترسة. أما اليوم، فتشتق التهديدات من المشاكل التي تعوق عاداتنا اليومية أو من الظروف غير المألوفة.

على سبيل المثال، يكون انثقاب إطار السيارة حدثاً عصيباً لأننا لا نتعامل مع هذه المشكلة طوال الوقت. كذلك، ينجم الضغط النفسي أحياناً عن نبأ سيئ، مثل وفاة أحد أفراد العائلة فجأةً، لأنه حدث غير متوقع ولا نجيد التكيف معه.

مع التقدم في السن، يتعرض البشر لأنواع أخرى من الضغط النفسي أيضاً، أبرزها الاضطرابات الصحية، أو المشاكل المادية، أو الرعاية بالشريك أو أفراد العائلة.

يقول د. هشام سكالي، طبيب قلب في مستشفى «بريغهام» للنساء التابع لجامعة «هارفارد»: «لا تتعلق مشكلة الضغط النفسي المعاصر بمسببات الاضطراب بل بطريقة التعامل معه”.

غيّر سلوكك

حين تتكرر استجابة الضغط النفسي أو تصبح متواصلة «إنه الضغط النفسي المزمن»، قد يصاب الجسم كله بإجهاد مفرط، لاسيما على مستوى القلب.

يوضح سكالي: «يكون الضغط النفسي المزمن أشبه بمحرك يعمل بسرعة فائقة، لذا قد يتضرر الجسم في نهاية المطاف”.

يصبح الضغط النفسي المزمن أشبه بنار مشتعلة، فيطلق التهاباً متواصلاً ويرفع ضغط الدم والكولسترول ويسبب اضطرابات في النوم. قد يؤدي التكيف مع الضغط النفسي إلى تراجع التركيز على تصحيح السلوكيات غير الصحية، على غرار التدخين، والإفراط في شرب الكحول، والعادات الغذائية السيئة، وقلة الرياضة. هذه العوامل مُجتمعةً تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والنوبات القلبية والجلطات الدماغية.

في المقابل، تسهم الرياضة المنتظمة والنوم السليم والحمية المفيدة للقلب في تعديل الضغط النفسي وتخفيف آثاره الضارة. لكن إذا كنت تحتاج إلى مساعدة إضافية للتأقلم مع النوبات العصيبة، حاول أن تغيّر ردة فعلك تجاه مسببات المشكلة.

يقول سكالي: «من خلال التدرّب على سلوكيات معينة، يمكنك أن تُدرّب عقلك وجسمك على تخفيف ردود أفعالك تجاه المواقف العصيبة، فتتعلم ألا تسمح للضغط النفسي المزمن بالسيطرة عليك»، إليك مجموعة من الخطوات المفيدة:

اشعر بالامتنان

تكشف أبحاث كثيرة أن شعور الامتنان يسهم في تخفيض مستويات الضغط النفسي، يوضح سكالي: «الامتنان يجلعنا نُركّز على المسائل الإيجابية في الحياة، فلا نضطر للتوتر بشأن أحداث سلبية محتملة”.

وفق دراسة نشرتها مجلة «التجارب العيادية المعاصرة» في سبتمبر 2015، تسارعت مدة تعافي المرضى حين عبّروا عن امتنانهم للجوانب الإيجابية في حياتهم بعد تعرّضهم لنوبة قلبية مقارنةً بمن لم يفعلوا.

ابدأ بتدوين لائحة بالنقاط التي تشعر بالامتنان تجاهها «لا داعي كي تكتبها يومياً، بل يمكنك أن تكتفي بمرة واحدة أسبوعياً». قد تشمل لائحتك أحداثاً بسيطة مثل العودة إلى المنزل من المتجر من دون المرور بزحمة سير خانقة، أو يكفي أن تشعر بالامتنان لأنك تملك سقفاً فوق رأسك في الطقس الماطر... كذلك، حاول أن تذكر التفاصيل التي تجعلك ممتناً على الأحداث والأغراض والناس في لائحتك وحلل أثر هذه العوامل الإيجابية في حياتك.

وفق دراسة نشرتها مجلة «العلم النفسي» في سبتمبر 2018، يقضي حل آخر بتدوين عبارات شكر كي يصبح الامتنان جزءاً من عاداتك اليومية. اكتشف الباحثون أن كتابة رسالة شكر إلى أي شخص قام بمبادرة لطيفة تجاهك تعطيك مشاعر إيجابية في المرحلة اللاحقة.

حافظ على تفاؤلك

لاشك في أنك تجاوزت أحداثاً عصيبة في السابق «انتكاسة مالية، مأساة شخصية، مشكلة صحية...»، حين تقع أزمة أخرى، تذكّر تلك التجارب الصعبة وابحث عن نقاط قوتك ومصادر إبداعك في تلك الفترة وحاول أن تستجمعها مجدداً لتجاوز هذه المحنة.

للتعامل مع المشاكل الصحية، ابدأ بتخيّل أفضل نتيجة ممكنة. إذا كنت تشعر بالقلق مثلاً من إصابة تمنعك من المشي فترة، ركّز على ما ينتظرك بعد تعافيك «الذهاب في عطلة مثلاً...”.

ثم ابدأ بوضع أهداف صحية لتحقيق غايتك، مثل الخضوع لإعادة التأهيل أو التدرّب أو تغيير الحمية الغذائية. ستساعدك أي مقاربة استباقية على التمسك بتوقعات صحية وتفاؤلية.

طبّق برنامجاً ذكياً لتخفيف الضغط النفسي

يطرح معهد «بنسون هنري» لطب العقل والجسم في مستشفى «ماساتشوستس» العام التابع لجامعة «هارفارد» مقاربة شاملة للتعامل مع الضغط النفسي. يعلّم «برنامج التدرّب على التحكم بالضغط النفسي والمرونة» ممارسات للاعتناء بالذات وتقليص الضغط النفسي اليومي وزيادة القدرة على التأقلم مع المواقف العصيبة.

خلال الحصص الفردية والجماعية، يتعلم الناس خصائص الضغط النفسي وارتباطه بمشاكل جسدية أو عاطفية. يشدد هذا البرنامج أيضاً على أهمية الأكل الصحي، والنوم التصحيحي، والنشاط الجسدي. يجب أن يصبّ التركيز في المقام الأول على مجموعة متنوعة من التقنيات لإطلاق استجابة الاسترخاء التي تتصدى للضغط النفسي.

قد تشتق استجابة الاسترخاء من خطوات متعددة، منها التأمل أو الصلاة المتكررة، يمكنك أن تتدرب على افتعال هذه الاستجابة المهدئة بخطوتين بسيطتين:

• ركّز على نقطة مهدئة مثل التنفس أو الهمهمة أو صلاة قصيرة أو كلمة إيجابية مثل «استرخاء» أو «سلام» أو عبارة مهدئة «اشهق الهدوء وازفر التوتر»، «أشعر بالاسترخاء». كرر هذه الكلمات بصوت مرتفع أو بصمت أثناء الشهيق أو الزفير.

• تخلص من قلقك واسترخِ: لا تنشغل بما تفعله. حين تلاحظ أن عقلك بدأ يتشتت، خذ نفساً عميقاً بكل بساطة أو احصر انتباهك مجدداً بالنقطة التي تُركّز عليها.

يمكنك أن تخفف آثار الضغط النفسي على جسمك عبر تطبيق هذا التمرين بين 10 و20 دقيقة يومياً.

حدّد هدفك بوضوح

يسهل أن يتعرض الناس للضغط النفسي إذا كانوا لا يضعون هدفاً واضحاً نصب أعينهم لأنهم يشعرون بأن حياتهم أصبحت خارجة عن سيطرتهم. هذا الوضع قد ينعكس على صحة القلب مباشرةً.

شملت مراجعة نشرتها مجلة «الطب النفسي الجسدي» في عدد فبراير/مارس 2016 عشر دراسات شارك فيها ما مجموعه 137 ألف شخص، وتمحورت حول معدلات الوفاة لدى الناس بحسب أهدافهم في الحياة.

اكتشف الباحثون أن الشعور بالهدف ارتبط بتراجع معدلات الوفاة لجميع الأسباب بنسبة 23 في المئة خلال مرحلة معينة من الدراسة، فضلاً عن انخفاض حالات النوبات القلبية أو الجلطات الدماغية أو الحاجة إلى الخضوع لجراحة تحويل مجرى الشرايين أو وضع دعامة للقلب بنسبة 19 في المئة.

لاكتساب رؤية واضحة عن هدفك في الحياة، ركّز على هدف مرتبط بصحتك. إذا كنت تريد أن ترقص في زواج حفيدتك مثلاً، يمكنك أن تشارك في حصص رقص. وإذا كنت تريد قطع مسافات طويلة في الطبيعة مع أصدقائك، قد تحتاج إلى خسارة الوزن وزيادة قوة ساقيك عبر تكثيف المشي. يقول سكالي: «قد تبدو هذه الأهداف بسيطة، لكنها تسمح لك بتجديد تركيزك وطاقتك، ما يعني زيادة قدرتك على مقاومة الضغط النفسي».

ممارسة الرياضة بانتظام والنوم السليم والحمية المفيدة للقلب تسهم في تعديل الضغط النفسي وتخفيف آثاره الضارة
back to top