اكتشفت علاجاً للبشرية... لكنه صرعها!

نشر في 12-05-2020
آخر تحديث 12-05-2020 | 00:19
 د.نجم عبدالكريم في عام 1934 خرجت من مصحّ سا سلمور في سويسرا نشرةٌ دوَّى صداها في العالم، لما حملته من خبر محزن، إذ جاء فيها:

"السيدة ماري بيير كوري توفيت مساء اليوم المصادف الرابع من يوليو... وقد تم تشخيص سبب الوفاة، فتبين أن الفقيدة كانت تعاني أنيميا خبيثة حادة مصحوبة بهبوط شديد في القلب، مع حمى سريعة استشرت في كل جسدها، مما أدى إلى فشل نخاع العظام في المقاومة، ويُعزى هذا الفشل إلى تأثره السلبي بإشعاعات الراديوم المتراكمة على مدار سنوات طويلة".

***

قتلها الاكتشاف، الذي قضت معظم سني حياتها من أجل أن تهديه للبشرية (إشعاع الراديوم)، وكانت ماري تعاني مشاكل عدة، فهي من أسرة فقيرة... ولكنها بعد كفاح مرير استطاعت التصدي لأخطر ما كان يهدد البشرية بالأورام الخبيثة، باكتشافها الذي استحقت عليه جائزة نوبل.

***

• أما مغامرة هجرتها من وطنها بولندا إلى فرنسا فهي أشبه ما تكون بأحداث رواية بوليسية، أو قصة من قصص الإثارة الحافلة بأولئك الشخوص الذين يحملون مواهب أسطورية وعقليات باهرة متميزة.

***

كان اسمها الحقيقي مانيا سكلودوفسكي، وبهذا الاسم تقدمت إلى معهد باستير في باريس كطالبة في جامعة السوربون، وكانت شقيقتها قد سبقتها إلى الإقامة في فرنسا، وكثيراً ما كانت تشفق عليها عندما تراها تبذل جهداً مهولاً وخرافياً في معمل الأبحاث، لدرجة أنه أغمي عليها أكثر من مرة، وهي في داخل هذا المعمل، مما دفع شقيقتها إلى أن تقول لها:

-مانيا لن أسمح لك بعد اليوم أن تكوني بمفردك في المعمل.

• أولاً انسي أن اسمي مانيا، ففي فرنسا اسمي ماري.

-ولكنك بولندية!

• يا شقيقتي، نحن كنا بالأمس في بولندا، ولكننا اليوم في فرنسا.

-كفي عن هذا الهراء، واتركي الإقامة في هذا المعمل، وستأتين معي للإقامة في بيتي.

• ولكن هنا كتبي وأجهزتي العلمية!

- ولكنك تقيمين في مكان موحشٍ والرطوبة واضحة على الحيطان، وفي هذا التلوث أصابك الإغماء أكثر من مرة... وأغلب الظن أنكِ لا تتغذين بانتظام.

• إنك يا كلوديا تذكرينني بالدور الذي كان يلعبه أبي.

- يا عزيزتي إن وزنك لا يتجاوز 50 كيلوغراماً... أرجوكِ لا تعرضي نفسك لهذه المخاطر... هيا اجمعي حوائجك لنذهب إلى بيتي.

• آسفة يا كلوديا، لن أترك هذه الجنة.

- عنيدة... عنيدة منذ صغرك، ولم تتغيري يا مانيا.

***

وحدثت لها نقلة نوعية غيرت مجرى حياتها عندما توطدت علاقتها بأستاذها بيير كوري، الذي فاجأها يوماً:

- ماري أريد الزواج منك.

• لقد كنت أتوقع أن يكون ذلك الطلب محصلة لهذه المعادلة... حبٌّ من طرف وحبٌّ من طرفٍ آخر... النتيجة الزواج.

***

وتم الزواج بين بيير كوري لتتم صحة المعادلة، وكانا يمضيان معظم ساعات يومهما في المعمل، حتى تمكنا من اكتشاف شعاع الراديوم، الذي قضى على الكثير من الأمراض.

ولما مات بيير كوري بحادث، كُرمت ماري بجائزة نوبل ثانية، وهذا ما لم يحدث في تاريخ هذه الجائزة منذ إنشائها.

back to top